عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2013, 08:01 PM   #4553
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وهذ قصة وقعت لي أنا :
كنت قبل سنوات إماماً في إحدى ضواحي مدينة الخبر .. وكان يصلي معي رجلٌ في الخمسينيات من عمره اسمه (محمد عبد الرحمن) يسميه أصدقاؤه (محمدين!) ويكني نفسه (أبا القعقاع) .. هو من أهل السودان الطيبين . كان عامياً لكنه يحمل بين جنبيه قلباً - فيما أرى - قد مُلأَ ثقةً بالله ويقيناً .. جاءني مرة بشاهدي عدل على قصة وقعت له ! فضحكتُ وقلت: أنت لست بمتهم في حديثك حتى تأتي بشاهدين! قال:.
كنت أعمل في الرياض ؛ في إحدى القصور الكبيرة في فترة إنشائه .. وكنت مسؤولاً عن تفقد جميع المصاعد والاطمئنان إلى عملها وفي أثناء عملي في نهاية الأسبوع وكان يومَ أربعاء ..دخلت في مصعد من المصاعد أجّرب صعوده وهبوطه .. إذ فجأة توقف بي بين السماء والأرض .. فأصبحت في أزمة عظيمة ! ؛ حاولت إنزاله بكل وسيلة فلم أفلح ! وحاولت أن أصرخ في رفاقي لينقذوني ؛ فإذا القصر خاوٍ على عروشه وليس فيه أحد ؛ كلٌ قد غادر إلى منزله .. كان الوقت قريباً من صلاة العصر .. استطعت بعد جُهدٍ جهيد أن أفتح مصراعي المصعد بكلتا يدي حتى استطعت أن أوجد فتحةً لي قدر ما يُدخل الهواء إليّ ..
قلت في نفسي : لعل أصحابي يفقدونني فيعودون ؛ فمكثت أنتظر ؛ فصليت العصر .. والمغرب .. والعشاء .. وقرأت من القرآن الكريم ؛ مما أحفظ منه .. ثم صليت ما كتب الله لي .. ثم نمت واستيقظت الفجر .. فصليت بعد أن تيممت على أرض المصعد .. وصليت ظهر الخميس .. والعصر .. والمغرب .. والعشاء .. كل ذلك وأنا لم أكل شيئاً ولم أشرب .. إلاَّ أن لساني لم يقف لحظة واحدة عن الدعاء والإلحاح على الله .. وتذكرت يونس في باطن الحوت وبكيت ورددت (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(الانبياء: من الآية87).. ثم نمت .. فاستيقظت .. وصليت الفجر .. وظهر الجمعة ……و …
هنا بدأت أفقد وعيي .. فأخرُّ على وجهي في المصعد ؛ والله لقد كنت أحس أني آكل وأشرب أثناء إغمائتي .."لا ..مش أي مويه (5) .. من موية النيل .. أنا أعرف طعمها يا أخي" !! ..
لم أستفق إلاَّ على السرير الأبيض في المستشفى وحولي .. مدير العمل .. والأطباء .. وبقية الرفاق .. الذين أغلقوا أبواب القصر ظناً منهم ألا أحد فيه ..
نظر لي مدير العمل بعين الغضب وسألني :.منذ متى أنت في المصعد .. فأجبته :.من عصر الأربعاء ..
فصرخ: كذاب ! فغضبت فقلت : أنت الكذاب .. وكلكم كذابون !!
فقال:. لو كنت صادقاً لوجدنا مخلفاتك بعدك .. أمعقول ثلاتة أيام لا بول ولا غائط !! ..
قلت بلهجتي العامية:
(هذا مو(6) منّك .. هذامن الله عز وجل ) فسكتَ وسكتَ الجميع كأن على رؤوسهم الطير !!
قلت له :.ما قصة قدومك من السودان إلى المملكة ؛ وهل كنت معاقاً ومصاباً بشلل الأطراف السفلية حقاً ؛ فضحك وقال :. "تحتاج شهود" ! فضحكت وقلت له :.أنت عندي ثقة ٌ ثبتٌ .. صدوقٌ .. عابدٌ .. زاهدٌ عاميٌ أميّ ! .. قد زكيتك بما لم يزك به ابن حجر العسقلاني بعض الرواة في "تقريب التهذيب" أو الذهبي في " ميزان الاعتدال "..
فقال اسمع :-
كنت أعمل في مزرعتي في السودان وكنت إذا أردت أن أذهب إليها لا أستطيع المشي على قدميّ ؛ إذ كنت مصاباً بشلل في الأطراف السفلية جاءني فجاءة .. فكنت أزحف على مؤخرتي زحفاً أو اعتمد على الناس حتى أصل .. وكانت مزرعةُ لشخص يدعى(عثمان) نسميه نحن بلهجتنا (عصمان) !! قريبة من مزرعتي .. وهذا الشخص كان يعاني من ذات المرض الذي أعانيه أيضاً .. إلاَّ أنه غاب عني فترة ليست بالقصيرة ثم عاد فلما رأيته تعجبت .. إذ رأيته يمشي على قدميه !!
فقلت له :. "آاااي .. عصمان ..وين تعالجتا يا أخي" قال لي:-
"بمستشفى الشميسي في الرياض .. في السعودية" وأخرج لي زجاجة بها فقرات متآكلة من العمود الفقري ثم أستبدلها بصناعية فكأنه لطم وجهي عندما قالها ؛ .. لكنني تذكرت قدرة الله على كل شيء فقلت :-
الذي عالجك هنا سيعالجني إن شاء الله ..دارت الأيام .. فجاءني رجلٌ كبيرٌ في السِّن ، عابدٌ تقيٌ أحسبه كذلك وأوصاني بوصيةٍ غريبةٍ .. أوصاني إذا هو مات أن أزوّج بنتي لابنه !! فقلت:-
سمعاً وطاعة .. وأنت تستأهل كل خير .. ولن يكون نسلُك إلاَّ صالحاً إن شاء الله !!
لم ينشب الرجل أن توفي .. فجئت لابنه بعد انقضاء العزاء ؛ وأخبرته بوصية أبية بتزويجي إياه ابنتي .. فقال :-
يا عم أمهلني قليلاً حتى أفكر في الأمر ..
فأمهلته طويلاً !!فلم يأت .. ثم جاءني خبرُ زواجه من فتاة في قرية أخرى ؛ فحزنت حزناً شديداً .. وقلت لما لا يرغب في ابنتي وهي حافظة لكتاب الله؟.
فما فجأني إلاَّ قدومه يوماً ؛ وبيده ورقة رسمية .. قال لي:-
"" والله يا عم .. لقد استحييت أن أقول لك أن ابنتك مثل أختي وقد استخرت الله فاختار لي الزواج من غيرها .. وهذا عقد عمل بالسعودية .. خذه واعتبره تكفيراً عن خطيئتي معك ! ""
فأخذته وعذرته وشكرته !!.. لكن من يوظفني وأنا مقعد؟! أذهب أم أقعد؟! فقررت الذهاب أخيراً متوكلاً على الله عز وجل.. جئت إلى الرياض متوكئاً في صعودي إلى الطائرة على من يفعل الخير من الناس .. لكن ما إن أردت النزول من الطائرة ؛ حتى فوجئت بأخلاق المسلمين العرب الأقحاح تتجلى في رجال الجزيرة ؛ أتوا لي بعربة خاصة بالمقعدين ؛ وجدتها تحت الطائرة عند السلم بانتظاري؛ فشكرتهم ؛ ودعوت لهم وشكرت الله على أن يبقي في الناس بقيةَ خير ..
عرضت نفسي على أناسٍ فدلوني على رجلٍ فاضل ؛ وافق على أن أعمل حارساً لعمارته .. فجزاه الله عني خيراً .
كان يسكن بتلك العمارة خليط من الناس ومن ضمنهم طبيبٌ عراقيُ الأصل ؛ يحمل جنسية أظنها كندية .. ويعمل بمستشفى الشميسي فرآني مقعداً وسألني عن حالتي فأخبرته فأخرج من حقيبته وخط فيها بقلمه بلغة أظنها إنجليزية لأنه كتبها من اليسار إلى اليمين ! ثم ناولنيها وقال:-
اذهب بها إلى مستشفى الشميسي وستقابل الدكتور/فلاناً وسماه لي !! أعطه إياها وسيقوم باللازم !.
أخذتها ودعوت له كثيراً وعلمت أن الله معي .. ذهبت إليهم فلم ألق اهتماماً ولم أقابل الطبيب .. فعدت إلى حراستي .. فجاء الطبيب العراقي ..وقال: ألم تذهب ؟! فأخبرته ..فاتصل بالهاتف فجاءت سيارة إسعاف .. أخذتني .. فأدخلوني المستشفى وقرروا لي عمليةً ..و بعد أيام عُملت العملية .. ومكثت بعدها أياماً ثم خرجت منها ولله الحمد أمشي على قدميّ كما ترى (7) ؛ أخذتُ الفقرات المتآكلة ووضعتها في زجاجة .. لأمرين ؛
أولهما :- تذكر نعمة الله عليَّ..
ثانيهما :- تذكير عثمان (عصمان) أن الذي عالجه في مستشفى الشميسي بالرياض ؛ عالجني هناك! فله الحمد وعظيم الشكر.
سافرت بعد مدة فقابلت عثمان .. فدهش لما رآني .. وقال لي:- "آه .. محمدين ..وين تعالجتا ؟ !" فقلت "في مستشفى الشميسي بالرياض" قال :. "من اللي عالجكا هناك " قلت " إنه الله عز وجل .. هو اللي عالجني يا عصمان".
وبعد .. فإن من يحب الله تعالى ويثق به ويتوكل عليه ؛ يعلم علم اليقين أن الله تعالى معه بعلمه وسمعه وبصره ؛ وتأييده ونصره ؛ (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء:62) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة:7) ويعلم أن الله تعالى الذي نجى يونس من باطن الحوت في الظلمات الثلاث سينجيه إن صدق مع الله (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الانبياء:87) قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) ؛ نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاعتقاد ؛ وأن يسددنا في القول والعمل .. ويجعل توكلنا عليه وحده لاشريك له .. وأن يرزقنا الإخلاص ؛ ويتوب علينا ( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(الممتحنة: من الآية4)
----------------
موسى هجادالزهراني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس