اكتب استقالتك... «الآن»
خالد الفاضلي
الأربعاء 27 نوفمبر 2013
يعيش معظمنا في بيئات مهنية خانقة، تسيطر على حاله النفسية، تأكل جبال الصبر، تعطل قدراته، تحرمه من حظوظ أفضل مالياً، تسببت في ابتعاده عن أسرته، والأهم من كل ذلك لا تعرف ولا تعترف بقيمته كإنسان قابل للتطور مهنياًً، لذلك يمنحون مستقبله الوظيفي فرصة في الترقية إلى أغراب لا ينتمون إلى ذات الكيان.
يستوجب ذلك أن يكتب آحادكم استقالاتهم الآن، لا أحد يستطيع امتطاء قطار من دون النزول من القطار السابق في محطة، المحطات لا تتحرك، انزلوا من قطاراتكم، ابحثوا عن الجهات الأربع، اختاروا قطاراً آخر، ثم انطلقوا مجدداً، اتركوا الوظائف المتهالكة،
لأنها أكثر خطراً وأقل سرعةً.
يسكن معظمنا في كوكب توقفت ساعته، عقارب الدقائق ثابت في خانة «إلا»،
لا تقف عقارب دقائق ساعاتنا عند «و»، ثمة نقص يلاحقنا لأننا نصبنا خيامنا في مكان
وزمن غير ناضجين، كان تسرعنا في البحث عن وظيفة سبب في ارتطامنا بصخرة مستقبل مهني قاسٍ.
جاء اختيارنا للوظيفة من أجل حيازة لقب «رجّال»، أو من أجل حل مشكلة مالية
«حتى النساء معنا في ذات السبب»، فعندما توهمنا أن الطريق طويل جداً،
انسكبنا مع أول منعطف، أقول «انسكبنا» لأننا كنا حينها نفتقد لصلابة الصبر وقوة الإيمان،
ربما كان المنعطف التالي أفضل في نتائجه،
يحدث هذا حتى مع اختيارات خريجي الثانوية لكليات يدرسون بها،
أول كلية تعلن أسماء المقبولين فيها أكثر كلية تُصدر خريجين غير راضين عن عمر قضوه بها،
ومهناً تابعة لها لاحقاً.
يقل عددهم عن ربع الكادر الوظيفي في أي كيان حكومي أو خاص، المعتزون بالانتماء إليه،
المفاخرون به، المخلصون له،
الحاملون لكروت بطاقات تعريفية تحمل أسماءهم مكتوبة بخط أصغر من اسم المنشأة،
فالفرق في مقاس البنط يشير إلى أن ثمة من يراك أصغر من المؤسسة، حتى لو كنت مديرها العام.
يسعدني لو قال لنا المنسجمون في وظائفهم كيف استطاعوا؟ بكل تأكيد هم ناجحون أسرياً،
ليس بالضرورة مادياً، ويسعدني أكثر لو قامت دار نشر بجمع تجارب الناجحين، لعلنا نستنير بحكمة أو نكتشف من كلمة أن التوافق مع أية وظيفة مسألة متاحة، فأول النجاح راحة مهنية وقيمة إنسانية.
يحتاج قرار دخول، غير محسوب عواقبه، إلى وظيفة حال حماقة، «فغارة، دلاخة»، بينما الخروج منها يحتاج إلى شجاعة، أول الشجاعة اعتراف بجريمة ظلم نفسك لنفسك، الاستمرار بالمظلمة جريمة أكبر، لأن جزءاً مهماً من تراجعنا الحضاري «مجتمعاً أو أفراداً» يكمن في انعدام ثقافة الاعتذار،
لذلك فالتمسك بأخطائنا مارس هدماً متوالٍ لحياتنا.
حان وقت تقديم، كل موظف غير منسجم مع وظيفته، اعتذار رسمي لنفسه،
يقول لها فيه «آسف خذلتك»،
عندما كنا على مقاعد المدرسة وعدت بحياة كريمة، ممتعة، ومهمة،
لم أصدق معك في كل عهودي ووعودي، لأنني نقلتك من طاولة مدرسة إلى طاولة «مردسة»
من ضرب الرأس بالرأس،
وكناية عن التخاصم بين زملاء العمل، تغير ترتيب الحروف، لأن ترتيبات الحياة خرجت عن السيطره .
http://alhayat.com/OpinionsDetails/576077