17-12-2013, 07:45 PM
|
#136
|
|
رد: (♛‿♛) تكــــــــية جدتي ..
ــــــــــــــ
البوم الذكريات.
.
.
تحلق الاحفاد والحفيدات، حول حبابتهم وستهم المبجلة، واقد اخذت بمكامن ارواحهم ولب عقولهم.
انها امتدادهم الطبيعي الى زمن الاساطير العظيمة وملاحم التضحيات. في سبيل الوصول الى هذا الوادي الغير ذي زرع.
تتبسم اعينهم في عينها، وتتفقد اماكنهم في قلبها العامر بالخير.
واستجمعت صورا هائلة تناثرت في ذاكرتها المثقلة بتاريخ هذا المكان واهله.
.
.

.
.
تقول الجدة:
الحج والحِجة..
ـ الحج, النسك والحِجة كتاب البراءة، يا احبابي.
هذا اللي فهمناه، واحنا نستقبل الحجاج، من كل مكان، ونودعهم وهم طاهرين من ذنوبهم.
ـ تمام زي الحلم.
ـ بعضهم يطلع على البحر ثلاثة شهور، وما يوصل.
اما اللي يضرب في الارض، فأحيانا مايوصل الا بعد سنين السنين.
ـ خلاص هما عملوا كل اللي عليهم، قالوا الشهادة، وصلوا وصاموا، وزكوا.
ـ باقي ختم الكتاب، وتمام الجواب، وهذا ما يكون الا بالحج.
ـ مكة في زمن الاشراف، مدينة صغيرة، اكبر شيء فيها الحرم، وتكايا الحجاج..
والخير يجي مع الحجاج وتصير مكة سوق كبير, ويتعارف الناس.. حتى اللي جوا من مكان واحد. بعد ما مشوا للحج من بلادهم، بعضهم مات وبعضهم ضاع، وبعضهم ما وصل ابدا.
عشان كذا استقر الكثير.. الكثير منهم في مكة و الطائف. بعد ما فرق القدر او الضياع بينه وبين احبابه, وصارت الرجعة لبلاده صعبة بل مستحيلة.
ـ صار للجاوة عمده وتكية, وللبخارية عمدة وتكية, وللمصريين عمدة وتكية, وللشوام عمدة وتكية, وللأفارقة عمدة وتكية..
عشنا مع بعض وتكلمنا بلسانهم وتكلموا بلساننا واخذوا منا واخذنا منهم اكثر.
.
.

.
.
(1)
.. استطردت الجدة, بالكثير من الحزن والاسى الذي بدأ على وجهها, ونبت على لسانها احد القصص التي تناقلها الناس من عشرات السنين..
ـ امي تحكيني انو من مية سنة..
حصل زواج في مكة, حضروه كل اهل مكة, حتى شريف مكة في ذاك الزمان حضره, واشتهرت قصة هذا الزواج بين كل الناس والحجاج.
وكانت اغرب القصص اللي نسمعها في حياتنا..
تقول القصة: .. انو واحد من الحجاج اسمو زكي, خرج من "اتشيه" في بلاد الجاوه..
كان خرج مع جماعته, يبغى يحج, وضربوا في البحر شهر, وجاء من حظو انو طلع في سفينة وزوجته في سفينة ثانية.. ومشيت كل السفينين ناحة مكة عشان الحج.
ـ هاج البحر وثارت العواصف, وتفرقت السفن, وضاعت السفينة اللي فيها هذا الراجل في البحر, وما لقيت الساحل الا بعد شهرين, في هذه الشهرين, مات اغلب الحجاج اللي في السفينة, وما بقى غير اربعة اشخاص. زكي, ورجلين ومعاهم وحده ست, كان زوجها مات مع اللي ماتوا في السفينة..
نزلوا على جزرة, مقطوعة ومهم عارفين فين همه؟
كان زكي شب, وفيه فتوه مش في اللي معاه, وبعد ما عاشوا لوحدهم في الجزيرة مده طويلة.
تزوج زكي الست الوحيدة اللي معاهم, رغم انها اكبر منو في السن..
لكنها شافت انو هو الوحيد اللي يقدر يحميها.
مرت السنين وانجب زكي من زوجته ولدين وبنت, وخلال هذه الفترة استقروا في هاذيك الجزيرة الاستوائية الخضراء ,رغم انها مهجورة, الا من بعض الصيادين الذين يأتون من الجزر الجنوبية بين وقت واخر, و كان زكي وجماعته يتحاشونهم خوفا منهم ..  
بعد كذا وخلال مدة طويلة من الزمن ماتوا اصحاب زكي اللي كانوا معاه في الجزيزة, وحتى زوجته اللي تزوجها في الجزيرة..
وحلم زكي بالوصول لمكة لم ينقطع.
مرت الايام وكبر ابناء زكي, وتعرفوا بالخبرة على مناطق جديدة واصبحوا اكثر جراءة في اكتشاف البحر اللي يحيط فيهم..
وفي يوم من الايام مر بهذه الجزيرة سفينة كبيرة, ما قد شاف زكي زيها وفيها غرباء لم يرى زكي زيهم منذ فترة طويلة..
لون بشرتهم ابيض وشعورهم شووقر. واجسادهم ضخمة, ولهجتهم غريبة.. وقد عرف زكي مقصدهم, بعد ان تأكد من اشكالهم.
كانت هذه السفيه احد سفن الاسطول الهولندي الذي كان في طريقه لمستعمارته الإندونيسية.
.
.
(2)

.
.
ـ اما السفينة الثانية ـ اللي فيها زوجة زكي الاولى، ساميا.
فوصلت الى جدة بالسلامة، وطلعوا كل الحجاج, وادوا مناسك الحج.
الا انو اخبار السفينة الثانية، انقطعت..
ولما جو الحجاج يرجعوا لبلادهم رفضت زوجت زكي العودة, وطلبت انها تعيش في مكة تنتظر زوجها, اللي ممكن انه يجي في أي وقت.
لكن اللي حصل, انو بعد عشر سنين فقدت ساميا كل امل في رجوع زوجها..
وتزوجت واحد من اهل مكة، وعاشت معاه وخلفت منه ست بنات..
وماتت رحمت الله عليها وهي ما تعرف عن زوجها الاول اللي ضاع في البحر أي شيء..
.
.
يتبع..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 17-12-2013 الساعة 07:53 PM.
|
|
|