يجب ألاَّ ننسى أن كلََّّ المشاكل التي يعاني منها المجتمع من بعض المارقين على النظم، أساسُها شباب لم ينشؤوا في بيئة طبيعيَّة، فكلُّ المدمنين تقريبًا نشؤوا في بيئاتٍ مفكَّكة.
والأخطرُ أن بعض المجتمعات تتبنَّى رعاية اللقطاء دون البحث عن ذويهم، وسيكبر هؤلاء وهم فاقدو الانتماء إلى الأسرة أو المجتمع الصغير، وأيضًا سيفقدون الانتماء إلى مجتمعهم الكبير، وأتوقَّع أن يعيثوا في الأرض فسادًا.
ولذلك يجب أن ينظر المجتمع إلى العلاقات الأسرية على أنها علاقات مقدسة بين الزوجين، ويتعامل معها على هذا الأساس، فلا يدسُّ المجتمع أنفَه في الأسرار الخاصة، ولا يشرع لتنظيم هذه الأمور على أنها تجارة وشراكة، وحتى إذا كان هناك خلاف بين الزوجين، فعلى المجتمع أن يتحرَّك لاحتواء هذا الخلاف، منطلقًا من خلال قوله - تعالى -: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35].
وعمومًا الخطأ متوقَّع من كلِّ بني آدمَ، فإن حدث ما يعكِّر صفو الحياة الزوجية، فلا بدَّ من علاج هذا الأمر أيضًا حسب وحي الله - سبحانه وتعالى -: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
هكذا، وبنفس الترتيب الإلهي، دون قلب الآيات، وبهدف محدد دون افتراءٍ أو إذلال، هذا إن كان سبب الخلاف هي (الزوجة).
أما إذا كان الرجل هو سبب المشكلة، فالوصية الإلهيَّة واضحة: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
على أن تكون وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع دائمًا نصب أعيننا، فإذا كان للرجل نصيب في طاعة الله - خصوصًا عند اختيار الزوجة كما حدَّدها الرسول الكريم - وتزوَّج،لم يتركه الرسول إلا وقد وصَّاه بتجنُّب الشيطان من بداية الطريق، وحينما يضاجع زوجته يقول: ((بسم الله، اللهم جنِّبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا))[3]
فتوضع البذرة الأولى للمولود بسم الله، داعيًا الله أن يحفظ الجميع من خبث الشيطان الرجيم، وأن يجنِّب الزارع والزرع والحرث مزالقَ الشيطان.
وتتوالى الأيام، والجنين ينتقل في بطن أمِّه من مرحلة إلى مرحلة بعناية الله وقدرته، وينمو شيئًا فشيئًا لا ترعاه إلا عينُ الله التي لا تنام، ويخرج إلى الحياة بعد ذلك واهنًا ضعيفًا لا يملك سنًّا يقطع، ولا رجلاً تحمله، ولا عقلاً يفكِّر،
ولا شيئًا على الإطلاق، والله - سبحانه وتعالى - يضع الرأفة والرحمة في قلوب الوالدين، كما يثبِّت الحبَّ في أعماقهما، فيقومان برعايته، ويهتمان بشؤونه، ويشب على ذلك وهو في كلِّ أمرٍ من أموره في حاجة إلى الوالدين.
والبداية الصحيحة التي يجب أن يتَّبعها الوالدان لإرساء القواعد المتينة التي ستكون عليها علاقتهما بولدهما، هو اتباع سُنَّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وتنفيذ وصاياه، مثل الأذان في أُذُن الطفل؛ ليكون اسمُ الله هو أولَ ما طرق أذنَ الوليد، ثم بعد ذلك اختيار الاسم المناسب؛ حتى لا تكون المسألة كما ورد عن سيدنا عمر - رضي الله عنه وأرضاه - أنه قال لرجلٍ بينه وبين ولده عقوق: "لقد عققتَه قبل أن يعقك"؛ لأنه لم يلتزم بوصايا الرسول الكريم في اختيار الاسم المناسب، وعليه أيضًا إذا أمكن أن يتقدَّم بالعقيقة فيطعم الأحباب؛
ابتهاجًا بنعمة الله، وشكرًا وحمدًا للرزَّاق، وحيث إنه - وكما قال سبحانه وتعالى -: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]، معنى ذلك أن الوالدين ينتظران من الابن أن يزيِّنهما في الحياة الدنيا.
وحيث يقول - سبحانه وتعالى - في موضعٍ آخر من مُحكم التنزيل: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15]، معنى ذلك أن الوالدين يخشون من الابن أن يكون فتنة لهما، ومن اليوم الأول الذي يُرزقان فيه بالابن، فهما يتأرجحان بين الأمل والرجاء في أن يكون الابن عند حُسن الظن، وأن يُنْبِتَه اللهُ نباتًا حسنًا، وتمرُّ الأيام ويأتي الدور على الابن ليكون إمَّا نعمة، وإمَّا نقمة،
فإن مدَّ الله في عُمْر الابن وشبَّ وترعرع، وأصبح له من الأمر شيء، يأتي الدور عليه، ويصبح الولد في موقع المسؤولية، وعليه رعاية والديه، كما ربَّياه صغيرًا، وعليه ألاَّ يظن أنه أدَّى ما عليه بمجرد أن قام ببعض الإنفاق؛ لأن المسألة أعظم من ذلك،
وخيرُ ما ورد في هذا الصدد قصةُ الرجل الذي قال: "إن أمي امرأة مقعدة، أقضي لها كلَّ شؤونها وحاجاتها داخل وخارج البيت، وطلبتْ مني أن تحجَّ بيت الله الحرام، فحملتُها على كتفي وطفت بها حول الكعبة، وسعيت بها بين الصفا والمروة، وأدَّيتُ لها كلَّ مناسك الحج محمولةً على عنقي، وأريد أن أعرف هل أديت لها بعضًا من حقوقها؟ قيل له: لا، ولا بزفْرة من زفراتها حين وضعتْك".
أما إذا لم يكتبِ الله لذلك الوليد الواصل أن يمتدَّ به العمر، وقضى نحبَه في طفولته، فإن على الوالدَين الصبرَ؛ ليكون لهم حسنُ الجزاء، وبذلك يتضح أن الصبر من الباقيات الصالحات التي هي خيرٌ عند الله ثوابًا وأملاً ومردًّا.
فقد ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جزاء الصابرين أن الأولاد الذين يموتون قبل أن يبلغوا الحُلم يشفعون لوالديهم حينما يأمر الله - سبحانه وتعالى - ملائكته بأن يأخذوا هؤلاء الشفع إلى الجنة بدون حساب، فيقفون على باب الجنة،
ويسألون الملائكة: أين آباؤنا وأمهاتنا؟ فيُقال لهم: إن لهم أعمالاً في الدنيا يحاسَبون عليها،
فيسأل الأولاد:، أوَلَم يصبروا على فقدنا؟ لا ندخل الجنة إلا مع آبائنا وأمهاتنا، فيقول الله - سبحانه -: ألحقوا بهم مَن صبر مِن آبائهم وأمهاتهم.
فإذا كان الابن الذي يموت قبل أن يبلغ الحُلم يشفع لوالديه الصالحين الصابرين؛ ليدخلهما الجنة بإذن الله، فمِن الأجدر أن يجتهد الابن الذي يبقى على قيد الحياة يجتهد في معاونة والديه؛ لأنه رأى بعينيه كيف قاسى الوالدان لتربيته وتنشئته،
فعليه أن يعين والديه ويعين نفسه للدخول إلى رحمة الله الواسعة، وإلا كان الذي مات صغيرًا أفضل للوالدين من الذي بَقِي ولم يوفِّهما حقَّهما دنيا ودِينًا وأخرى.
فكيف إذا كان الابن عاقًّا يذيق والديه الهوان؟
ولذلك نجد أن الله - سبحانه وتعالى - تدخَّل بعنايته ولطفه لإنقاذ أبوين مؤمنَينِ من الدخول في متاهات مع ابنٍ لهما؛ لِعِلْم الله أنه سيكون من الطاغين، فأرسل الله - سبحانه - من يصحح الوضع لصالح المؤمنين، ويزيح عن طريقهما الإرهاقَ والقلق؛
حتى لا يقول لهما الولد: أفٍّ لكما، حين يستغيثان الله قائلين للولد: {وَيْلَكَ آمِنْ} [الأحقاف: 17].
ويشرح الله - تعالى - هذه القصةَ عن الوالدَين المؤمنين وابنِهما المتوقَّعِ منه العقوقُ، وعن ذلك العبد الصالح الذي آتاه الله من لدنه علمًا، ومعه نبيٌّ رسول يتتلمذ على يديه بأدبٍ جمٍّ مع عجلة في تلقِّي العلم، فماذا فعل موسى - عليه السلام - والخضر؟ {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: 74].
فالعبد الصالح مُرسَل من قِبَل الله - سبحانه وتعالى - لتصحيح أشياء معيَّنة، بأمرٍ من عند الله وإذن منه، وسيدنا موسى - عليه السلام - يقيِّم الأمور بطبيعته البشرية، وفي حدود علومه المتاحة، ولكنَّ الله بالغ أمره، وفي نهاية المشوار يعرف سيدنا موسى - ونحن من خلاله - الحكمةَ البليغة مِن قَتْل ذلك الغلام: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 80، 81].
هكذا كانت عناية الله ترعى الوالدَين الصالحَينِ حينما جاءهما ابنٌ عاق، أيضًا - عناية الله بالوالدين واسعة إذا صلحا حتى بعد وفاتهما، فيكون لهما الدعاء الصالح من الأبناء الصالحِينَ، وللأبناء منهم البركة، وإذا كانت الآيات توضِّح مدى استفادة الأبناء من الآباء والعكس، فأيضًا هناك حديث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوضِّح الفائدة التي تلحق الآباءَ من أبنائهم الصالحين: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، صدقة جارية، ولد صالح يدعو له)).
ولكن، كيف يستفيد الأبناء من صلاح الوالدين بعد وفاتهما؟ لدينا قصة أخرى تبيِّن هذه المسألة في نفس مشوار العبد الصالح، وبرفقته سيدنا موسى - عليه السلام -: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77].
والمعروف أن ضيافةَ العابرين شرعٌ خالد، ورفض الضيافة دليلٌ على فساد الخُلُق عند أهل هذه القرية المذكورة، وكذلك دليل على عدم أمانتهم في خلافتهم التي خُلقوا من أجلها، كما أنه دليلٌ واضح على عدم رعايتهم لحقوق الغير إذا كانوا ضعافًا أو صغارًا؛ ولذلك نجد أن العبد الصالح يمضي فيما أمره الله - سبحانه - وهو يعلم مسبقًا أنه لن ينال مقابلاً لما يفعله، كما يقول - تعالى -: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَه} [الكهف: 77].
وعند ذلك تتحرك الغَيْرة في قلب النبيِّ المرافق له؛ لما رآه من فساد أخلاق أهل القرية، وفي المقابل حُسن صنيع العبد الصالح، فلم يستطع سيدنا موسى - عليه السلام - السكوت، مع أنه يعلم أن كلامه هذا قد يقطعُ عليه تَكملة الرحلة مع العبد الصالح؛ لأن الاتفاق بينهما في الرحلة ذاتها كان ألاَّ يسأل عن شيءٍ، وقد وافق موسى - عليه السلام - على ذلك، وقال له كما بيَّن - سبحانه وتعالى -: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76].
وكان من الطبيعي من العبد الصالح أن ينفِّذ ما ارتضاه رفيقه من قبل، فأنهى العبد الصالح مرافقة سيدنا موسى له بقوله: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 78].
رُوِي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يرحم الله أخي موسى ويغفر له، ولو صبر، لتعلَّمنا الكثير)).
وقد شرع العبد الصالح يشرح لمرافقه كيف يستفيد الأبناء من صلاح الآباء، وكيف أنَّ الله يدافع عن الذين آمنوا في أنفسهم وأولادهم وأموالهم، فبيَّن قيمة ذلك الجدار أنه حارس أمين على كَنزٍ تحته لصالح أيتام، وأهل القرية - كما ترى - يهضمون الحقوق، وأصحاب الكنز ضِعاف،
فمَن يحمي لهم كنزهم إلا الله - سبحانه -؟ خصوصًا أنهم ذريَّة صالحة من سلف صالح، قال - تعالى - على لسان ذلك العبد الصالح الذي يشرح الحكمة من أفعاله: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82].
وهذا الصلاح الذي كان يتمتَّع به الأب جديرٌ بأن يحفظ الكنز إلى أن يكبر الأيتام الصغار، ورُوي أن ذلك الأب الصالح المذكور في الآية هو جدُّهم لأبيهم، وتمضي الآيات في سورة الكهف تشرح هذه المسألة بطريقة سلسة تُطَمْئِن قلوبَ الآباء الصالحين نحو أبنائهم {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82].
واستحقَّ الرجل وهو في قبره أن ينام قريرَ العين على أولاده؛ بسبب صلاحه وتقواه، فلقد قام الله برعاية الأولاد؛ تكريمًا للوالد، ورحمةً بالصغار؛ ولذلك يقول - سبحانه وتعالى -: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].
هذا في الدنيا، أما يوم القيامة فيدرك الجميع السرَّ الأعظم لدعاء الملائكة للصالحين - كما بينها الله سبحانه - يقولون: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [غافر: 8]. اللهم آمين.
إذًا، وقد أصبح مما لا جدال فيه أن هذه العلاقة بين الآباء والأبناء تبدأ أولاً قبل وصول الأبناء إلى الحياة، وتستمر باستمرار حياة الطرفين، ولا تنقطع بموت أحد الطرفين، انظروا إلى أهمية هذه العلاقة في الحالة الثانية، وهي استمرار الطرفين في الحياة، فالمفروض أن هذه العلاقة لا تشوبها شائبة طالما كان الطرفان (الآباء والأبناء) صالحين وعلى علاقة تقوى بالله - سبحانه وتعالى - وتكون المشكلة فقط إذا شذَّ أحدُ الطرفين عن الصراط المستقيم، والآياتُ القرآنية والأحاديث النبوية التي تتعرَّض لهذه العلاقة كثيرةٌ جدًّا، والقصص التي رُوِيت في هذا الصدد أكثر من أن تحصى.
والله - سبحانه وتعالى - يضلُّ من يشاء ويهدي من يشاء.
ثانيا: نماذج من العلاقة المتبادلة بين الآباء والأبناء:
أ- أبو الأنبياء: بين الأبوة والبنوة:
ضرب الله - سبحانه وتعالى - لنا أمثلةً كثيرةً توضِّح لنا كيف تكون العلاقة الصحيحة بين الأبناء والآباء، ولنا في سيدنا إبراهيم - عليه السلام - الأسوةُ الحسنة ابنًا بارًّا يحاول هداية أبية، ويسطِّر لنا أروع الأساليب التي يمكن أن تُتَّبع بين الابن الصالح والأب حتى وإن كان كافرًا،
وحتى عندما تعرَّض للتهديد بالرَّجم كان حليمًا بارًّا داعيًا الله لوالده بالهداية، لِمَ لا وقد آتاه الله رشده من قبل وهو - سبحانه - العليم؟
أيضًا لنا فيه الأسوة الحسنة أبًا صالحًا يرزقه الله الولد الصالح في سنِّ الشيخوخة، فيحبُّه بكلِّ قلبه، ويتعرَّض لأصعب اختبار من الله - سبحانه وتعالى.
أيضًا يسطِّر لنا أفضل الأساليب التي يمكن أن تُتَّبع في التعامل مع الذريَّة الصالحة، حتى وهو يواجه أقسى امتحان.
-------
يتبع