لماذا لا نكون مثل الأمم الأخرى؟
كان لي رحلة عمل إلى كوريا الجنوبية وكانت حقيقة زيارتي الأولى لها.
وكان في مخيلتي قبل الوصول هو الفكرة العامة عن دول شرق آسيا مع بعض المعلومات القليلة المستقاة من الانترنت أو من سابق زيارات لبعض الدول الأخرى مثل الفلبين وأندنوسيا.
ولكنني حقيقة قد دهشت من أول ما وطأت قدماي أرض شبه الجزيرة الكورية، وكان مرد ذلك الاندهاش إلى عدة عناصر ألخصها بكل اختصار في النقاط التالية :
1- التعامل الحضاري :
إن الواحد أو الواحدة منهم يعاملون الزائر لهم وكأنه ملك منزل في مقداره ويظهرون الحفاوة والاهتمام بذلك القادم الغريب إلى ديارهم وهم من كل المستويات والطبقات الاجتماعية سواء في موقع مدير مهم أو حراس بوابات الدخول والخروج لبعض المنشآت حتى انك تجد ذلك التعامل الحضاري فيما بينهم كذلك ولا أحد يحتقر الآخر منهم لوضعه الوظيفي أو طبيعة عمله أو موقعه.
إضاءة:
فأين نحن من تعاملنا فيما بيننا ومعاملتنا للغير؟؟؟
حبهم للعمل
عند استيقاظك باكرا حوالي الساعة السادسة صباحا ستجد الشوارع تعج بالعمال المتوجهين لأعمالهم حيث يحرصون للوصول إلى مقر أعمالهم نصف ساعة قبل بدء العمل الرسمي وقبل ذلك تجد أغلبهم قد أنهى حصة رياضة صباحية اختيارية سواء بالركض أو بعض التمرينات السويدية.
وأغلب الشركات لديهم تعمل حتى الساعة الخامسة عصرا وكل في عمله لا يتذمر ولا يكل أو يمل، علما بأن لديهم بعض أوقات الراحة لفترتين خلال وقت العمل كل منها لمدة 10 دقائق احدها في ساعات الصباح والأخرى في ساعات ما بعد الظهر وساعة كاملة للغداء، وفيما لو أحتاج العمل مواصلة بعض الموظفين لانجاز عمل مستعجل فستجد كل في مكانه لحين الانجاز وهم يعلمون بأن الشركة أو المصنع لن يضيع حقوقهم.
كما أن نسبة الولاء لديهم تقترب من 100%.
إضاءة:
للأسف الغالبية من موظفينا خاصة في القطاع العام تجدهم يتفننون في إضاعة وقت العمل والحضور المتأخر والانصراف المبكر واسطوانة "راجعنا بكره" .
3- الإتقان :
سيلاحظ أي زائر أو متفقد لبعض الصناعات أن نسبة الخطأ لديهم قد تكون معدومة حيث اهتمامهم بالتفاصيل مهما كانت صغيرة ومساعدة بعضهم البعض ونقل الخبرة من الخبراء إلى حديثي الخبرة.
وقد يتعجب البعض من أن بعض الشركات الأمريكية والكندية والأوروبية تصنع بعض المنتجات في مصانع كورية 100% منها المعدات الثقيلة والخفيفة.
إضاءة:
هل سيأتي اليوم الذي نحرص فيه على إتقان أعمالنا لدرجة أن نكون على الأقل راضين عما نؤديه من أعمال يحق لنا الفخر بها.
4- التقدم الصناعي :
إن الصناعة الكورية قد أصبحت تنافس مثيلاتها في العالم، بل تتفوق عليها في بعض المجالات أو بعض أنواع المعدات.
فهناك صناعة السيارات بكل أحجامها كسيارات الركاب الخاصة والفارهة منها والشاحنات بكل المقاسات.
وهناك صناعة أكبر وأضخم السفن في العالم التي يمكن تخيلها.
وهناك صناعة الأنظمة الكهربائية المتكاملة الفائقة الجهد بكل ما تحويه من معدات وتجهيزات.
وهناك الصناعة التقنية المتمثلة في الجوالات والكمبيوترات والكاميرات وانظمة الاتصالات المتقدمة.
إضاءة:
هل يمكن أن نحلم ولو لمجرد الحلم أن نصبح دولة متقدمة صناعيا نفخر بما ننتجه ونصدره للعالم ونستغل طاقات شباب هذا البلد، وهل يمكن أن نحلم أن رجال أعمالنا سينشئون مراكز الأبحاث وإقامة الصناعات الهامة لبلدنا وللعالم؟
مجرد سؤال !!!
5- الاعتزاز بالنفس والوطن :
من اعتزاز الكوريين بأنفسهم وبوطنيتهم فإنهم يحرصون على إبراز ذلك الجانب من ثقافتهم وميراثهم الوطني وفخرهم بما وصلوا إليه في خلال 50 عام فقط من عمرهم التنموي ويحرصون على اقتناء كل ما هو كوري.
وسيلاحظ الزائر لهم مدى التزامهم بالنظام والترتيب في حياتهم وفي معيشتهم اليومية وستبرز تلك الصورة بمجرد استخدامك لشوارعهم سواء كنت راكبا أو راجلا حيث لن تسمع أبواق السيارات أو التزاحم والتجاوزات أو التعدي على معابر المشاة.
وستلاحظ ذلك بالعبور أو الانتظار بمطاراتهم حيث النظافة والالتزام والترتيب والخدمات المميزة.
إضاءة:
هل يمكن أن يأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه الصناعات السعودية منتشرة في كل بيت سعودي ويفاخر بها.
وهل نحلم بأن تكون معاملاتنا تأخذ حقها من الإنهاء والانجاز بكل رحابة صدر وسرعة من قبل موظفي قطاعات الخدمات العامة بالبلد.
وهل يمكن حتى الوصول إلى الإغفاءة عند إشارات المرور من شدة الهدوء حولنا.
وهل يمكن أن نرى مطاراتنا ومنافذنا الجوية والبحرية متزينة بكل أناقتها ونظافتها وترتيبها والمحافظة عليها من قبل النظام الإداري أولا ومن ثم العابرين بها.
وهل وهل .........
هذه بعض المشاهدات أحببت وصفها لكم ولما تمنيته في قرارة نفسي أن يوجد في بلدي مثل ذلك أعيشه بشكل يومي وأفاخر به أمام الشعوب الأخرى وان لا نبقى شعبا وبلدا مستهلكا خاملا لا ننتج حتى ما نأكل او نشرب او نلبس.
أخوكم أبو مهنــــــــــــــــــــــــــد