عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2014, 10:24 PM   #5524
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قم الى الصلاة وبادر اليها
فالأنس الحقيقي هاهنا ، حيث تناجي خالقك ورازقك وموجدك ، ومن بيده ملكوت كل شيء ، ولا يفلت منه شيء ، وإليه يرجع كل شيء ..
وهو في هذه اللحظة مقبلٌ عليك سبحانه ، يسمع نجواك ، ويصغي لشكواك ، كما ورد في الحديث الصحيح :
" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ،
فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ،
وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ،
وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي، وقال مرة : فوض إلي عبدي
فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال :
هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل
فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ..
وفي رواية :
( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي )..
ومن ثمّ ..
إذا فَرِحَ العبيدُ بالأنسِ مع عبيد أمثالهم __ ولو كانوا ينثرون الذهب عليهم كما يُنثر الرذاذ _ ويجدون متعة أرواحهم في تلك المؤانسة ،
فكيف لا تفرح وأنت تجد نفسك بين يدي مولاك جل جلاله ، تناجيه
وتشكو إليه ، وتتضرع بين يديه ، وتتملقه ، وتسترضيه ، وتلح عليه
وتجد متعة المتعة لروحك في تلك اللحظات !
فلا يشطح بك الوهم ، فتنسى هذه الحقيقة الضخمة ، التي تغبطك عليها جميع الكائنات !!
انظر إلى نفسك إذا دُعيت للمثول بين يدي وزير أو من هو أعلى منه مثلاً ..! وعلمت أن يحسن استقبالك ، ويصغي لطلباتك ، ويشجعك على مزيد من الإفضاء بما في نفسك !!
ترى هل ستستعجل الانصراف من بين يديه !؟
بل هل ستعبث بجوارحك وأنت في مواجهته وهو مقبل عليك !؟
بل هل ستحسب أن أحداً أسعد منك في تلك الساعة !؟
فمن مثلك لقد خُلّي بينك وبين ربك جل في علاه ، تدخل عليه متى شئت ، تركع وتسجد ، وتدعو وتتضرع ، وتناجي وتشكو ، وهو مقبل عليه ، يعجبه منك ما تصنع !
نعم قد يؤجل عطاءك ، لحكمة هو يعلمها ولا تعملها ، ولكنها بلا ريب لصالحك أنت ، إما في الدنيا وإما في الآخرة ، حيث ستفاجأ بأمثال الجبال من الحسنات قد وفرها الله لك ، وادخرها في رصيدك ، وباركها لك بسبب تلك الدعوات والمناجاة والضراعة ..
فاشدد الكرة ، وأدم القبول ، وأطل الوقوف على الباب ،
ويكفي أنه أهلك للوقوف بين يديه ، في الوقت الذي تجد فيه ملايين الناس عن ربهم ساهون !
من حقك والله أن تردد قول القائل وأنت تناجي مولاك :

سهر العيون لغيرِ وجهك باطلُ

ألا كل شيء ما خلا الله زائلُ

فإنكَ لو أدركتَ حكمتها _ أو بعضاً من حِكمِها _

لأيقنت أنها:
مدرسة تربّي المسلم المحافظ عليها على جملة من المعاني الراقية ..
كمعنى النظام ، وأهمية الانضباط ، وضرورة الكينونة في جماعة المسلمين ،
ودرس التخطيط للأمور ، وأهمية اليقظة ، وضرورة الصدع بدعوة الله .. وغير هذا من دروس تربوية في القمة ..!
ألا ترى مثلاً أن مواقيتها محددة سلفاً ..
وأن صفوفها منضبطة بدقة ، بحيث لو تقدم إنسان ، لم ينظر الله إلى الصف كله !
ألا ترى إلى متابعة الجميع للإمام في كل شارة وواردة !؟
ألا ترى كيف أن أصغر طفل يقف في الصف يمكنه أن يرد على الإمام
إن هو أخطأ في آية ، أو ينبهه بالتسبيح إلى سهو وقع منه !!
ألا ترى كيف أنها في مجملها عبارة عن ذكر خالص لله سبحانه ،
من مبتدئها إلى خاتمتها ، وما بعد الصلاة من أذكار !؟
فكيف يكون ذكراً لله حقا ، من كان غافلاً فيها ساهيا عنها !!؟
ألا ترى إلى هذا النداء الذي يصدع في الآفاق بين الوقت والوقت ،
كأنما يذكر الحياة والأحياء ، بأن لهم موعداً مع ربهم سبحانه !؟
ألا ترى في هذا الصدع الدائم بقوة ، درس واضح إلى ضرورة الصدع بدعوة الله ؟
أليست هذه المآذن المنتصبة كالراية ، دعوة صريحة إلى أن يكون المسلم
متميزاً تميزها بين المباني المحيطة بها ، شامخاً شموخها !؟
فإذا أقبلت عليها ، فاحرص أن تستفيدَ من معانيها ، وتقتنص دروسها ،
وتتشبع بعبرها وعظاتها ..!
ولا تكن كمن قيل فيهم :
كحمار الرحى ، المكان الذي تركه هو عين المكان الذي وصل إليه !
فتخرج منها كما دخلت فيها ، وكأنك يا بو زيد ما غزيت !!
حاول جسيمات الأمور ولا تقلْ :

إنّ المحامدَ والعلا أرزاقُ

فلقد جعل الله سبحانه لكل شيءٍ سببا ، فعليك أن تبذل جهدك ،
ومن الله سبحانه الرزق والفتح والعون والمدد .. وبالله التوفيق .

قم إلى الصلاةِ وبادر إليها ..
فما من مرةٍ ذكرَ اللهُ تعالى المؤمنين مادحاً إياهم ، مثنياً عليهم ، شاكراً لهم مسعاهم ،
رافعاً لواءهم ، راضياً عنهم .. إلا ويذكرُ على رأس قائمة صفاتهم التي بها
نالوا ما نالوا من رضوان ، أنهم كانوا يقيمون الصلاة ..أي يخشعون فيها ،
ويحافظون عليها ، ويبادرون إليها ، ويتأدبون بآدابها ، قد علقوا قلوبهم بها ، وجدوا أنسهم فيها ..
فمقدمة المقدمات : الصلاة ،
وهي أول وأوضح ترجمة يراها الواقع ، لحقيقة الإيمان في قلبك ..!
فإن لم تكن كذلك ، فلا تزعم أنك من حزب الله الذين يحبهم ويحبونه !
ولا تظنن بنفسك الظنون الجميلة لمجرد أنك تحب محمداً وصحبه وأنت في الأصل
لا تنهج نهجه ، ولا تتأسى به في عبادته وسلوكه ، بل أنت تخالفهم في أبده بديهيات الدين !!

تذكر القضية التالية لتتضح المسألة :
هؤلاء يهود يزعمون ما يزعمون بأنهم يسيرون على خطا أنبيائهم عليهم السلام ،
ويقتفون آثارهم ، وأنهم سيحشرون معهم يوم القيامة !!
وكذبوا والله ، فما أكثر دعاواهم ، وما أعظم مخالفاتهم ، ومن ثم فلا تتخلق بأخلاقهم ،
إن شئت أن لا تكون مثلهم !
تابع نبيك صلى الله عليه وسلم ، وتأسى به ، واحرص على ما كان عليه يحرص ،
ولقد كان أشد الناس حرصا على الصلاة ، حتى قال صلى الله عليه وسلم :
وجعلت قرة عيني في الصلاة .
قم إلى الصلاة وامحُ السيئات القديمات بشلال الحسنات الجديدة !
إن الصلاةَ من أول خطوةٍ فيها ، أنها نهر متدفق من الحسنات ،
وقد طمأنك ربك الرحمن الرحيم ، إلى أثر هذه الصلاة ،
ودلك على أروع عمليات غسيل القلب فقال :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ..
واعلم يا رعاك الله أن في ذلك الغسيل المستمر ، تجديد لقلبك من تقلباته ، وصقل له ليصل إلى حد التلألؤ!
ومن ثم فإنك بإقبالك على هذه الصلاة في وقتها ، وقد جمعت قلبك معها وفيها ،
فإنك في الحقيقة تُعلي فيك إنسانية الإنسان ، حيث تشف فيك الروح
حين تصلها بمولاها وفاطرها ، فتتزكى فيك النفس الأمارة شيئا فشيئا ،
وأول الرحلة الطويلة خطوة ثم تتلوها خطوة !
ولذا فإن من أعرض عن هذه الصلاة ، وأدار لها ظهره ، وآثر أن يركع ويسجد في محراب شهوته ،
فلا غرو أنه لن يزيد على أن يكون بهيمة في ثياب إنسان ! وإن زعم وزعم !!
قال تعالى :
( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) !!
ولله در القائل :
والمرءُ من غيرِ دينٍ

لم يسوَ في الكون شيئا

وأجلى صور التدين وأروعها وأقواها :
أن تصبح هذه الصلاة هما لازما ، وهاجسا دائما عند المحب لربه جل جلاله !
نعم والله .. من أعرض عن باب الله تعالى ، فلا يسوى شروى نقير !
( .. . فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ) ..
فإذا اتضحت هذه الصورة ،
فأشعر قلبك العزة والغنى ، واملأ رئتيك بالفخر ،
أنك مع الله مقبل عليه ، محب له ، مبادر إلى رحابه ، متصل به من خلال هذه الصلوات ..
في الوقت الذي آثر غيرك أن يكون عبد لشهوات ضرسه وفرجه !
فاختار لنفسه الهوان وهو يحسب أنه سيد الزمان !
وعند ساعة الموت سينقشع الغبار !

وقد قيل :

إذا انقشع الغبار سوف تدري
أفرساً كنت تركب أم حمار !!

فإني لك ناصح ومحب ! وعليك حريص ومشفق !
قم إلى الصلاة وبادر إليها إذا رغبت أن تعرف لمحة عن نعيم أهل الجنة في الجنة !
قم إلى الصلاة واجمع قلبك فيها ، إذا شئت أن تهب عليك نسمة من نسيم الجنان !
وأنت بعد تدب على هذه الأرض المتخمة بالهموم !
قم إلى الصلاة واجهد في أن تجمع قلبك وروحك وحسك خلالها ومعها وفيها ،
وليتك في تلك اللحظة تجود ببعض دمعاتك ، لا سيما وأنت في حال السجود ،
فإنه حال قرب خاص ، من ذاق حلاوته ، نسي الدنيا وأهلها وما فيها ومن فيها ، في تلك اللحظات الربانية العجيبة المذهلة !
ولقد ورد في الحديث الصحيح :
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد .!"
يا إلهي !!
حين يستشعر القلب بقوة هذا المعنى الفريد ، تهتاج المشاعر فيه ، ويقول :
هنا يطيب لي أن اسكب العبرات !
تلك اللحظات تغدو بالنسبة لهذا الإنسان المتميز ،
ساعة ليست من ساعات الدنيا ، ولكنها من ساعات الآخرة !
فكيف لا يطيب له أن يسمح لعينيه أن تذرفا شيئا من دمعهما ،
فرحا أن أكرمه الله بهذا النعيم ، أو جزعا أن تفوته فلا يجدها مرة أخرى ! فيبكي تارة لهذا المعنى ، وتارة لهذا !
وذاك حال المحب الصادق في كل زمان ..!
فما في الأرض أشقى من محب

وإن وجد الهوى حلو المذاقِ تـراه باكــياً في كل حيـن *** مخـافة فـرقـة أو لاشتيـاقِ فيبكي إن نأوا شوقــاً إليهم *** ويبكي إن دنوا خوف الفـراقِ !
عبّر أحد الشعراء عن روعة وحلاوة لحظة السجود ، بأبيات لست أذكرها
ولكن فحواها ، أنه يستشعر أن الإمام حين يكبر للرفع من السجود ،
فكأنما يجتث قلب الشاعر ! لأنه كان يود لو أطال الإمام لحظة السجود ،
ليطول للقلب التنعم بالقرب من الرب جل في علاه !
فهل وصل الحال القلبي لكل منا إلى هذه الذروة من النعيم !؟
فلنحاول ولا نيأس !
واجمع قلبك مليا ، واسمعني جيداً في هذه الخاطرة !
إذا رغبتَ أن تلمس وسوسة الشيطان ، حتى لكأنك تراه ملء عينيك !
فاعمل جاهداً على أن تحضر قلبك في صلاتك ، وتجمع روحك خلالها
وأنت تركع وتسجد وتناجي ، واجهد أن لا تتفلت منك نفسك ذات اليمين أو ذات الشمال !
فإذا شمرت في هذا الميدان ، فوطن نفسك ابتداءً على هجمة قوية
يقوم بها الشيطان ، ليشتت جمعك ، ويبدد قوتك ، ويبعثر جهدك ..!
نعم ،، فإن الشيطان لا يزال لك بالمرصاد ،

وكلما حاولت أن تجمع قلبك في صلاتك بادر إليك بحملة تتبعها حملة ،
وإذا هو ينقل لك الدنيا ومشاكلها ، ليضعها بين يديك !
ويزين لك متابعتها ! حتى يذهب قلبك في كل واد منها !
فلا تعقل من صلاتك شيئا !
فإن فشل في ذلك ، وأبيت إلا أن تجمع قلبك في صلاتك بين يدي ربك ،
بادر اللعين إلى تذكيرك بدقائق ، لعلك توهمت أنها قد رُميت تماما في بحر النسيان !
فإذا أنت الآن تتذكرها جيدا ، وتتابع تفاصيلها خطوة في إثر خطوة !!

ولا تزال مشدوداً إليها وهي تتراقص أمام عينيك ،
حتى تستيقظ على صوت الإمام يرتفع بالتسليم للخروج من الصلاة !!
فتصيح _ صامتاً _ : فعلها اللعين !
ويكون اللعين وقتها يقهقه ضاحكاً ، لان حيلته انطلت عليك يا بطل !
فإذا حدث مثل هذا ، فانتبه ، وعد أدراجك سريعا إلى صلاتك ،
تجمع قلبك فيها ، وتحضر روحك معها ، وتلزم نفسك الخشوع خلالها ..
فإن نجحت في هذه المجاهدة ، فإني أحسب أن الله سبحانه سيكرمك بكرامة مباشرة :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ..
فإذا أنت تتذوق حلاوة تلك الصلاة ، وروعة تلك المناجاة ،
فلا تخرج منها إلا وأنت تردد في انتشاء :

( ما أعذب الوحي في قلبي واشهاهُ ) !
ومثل هذا القلب يخرج من المسجد جديدا ، في كل مرة يدخل إليه
ليغسل أجواء قلبه بأنوار السماء !
-------------

للفايدة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس