الموضوع: غيابك..
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-02-2014, 09:05 PM
عبد الكريم العدواني عبد الكريم العدواني غير متواجد حالياً
 






عبد الكريم العدواني is on a distinguished road
Post غيابك..

كوب القهوة أمامي..أخبرتُ البائع أن يُكثر السكّر..لكني أعلم أنه سيكون مرّاً جدّاً..كغيابك! أرقب البخار المتصاعد ببطء..وكأنه روح القهوة تُلاقي بعضها هناك في الأعلى..حيث كلّ شيءٍ عادل..كامل..ملائكي! لا أرتشف من القهوة شيئاً..في يقيني أني بمجرد أن أنهيها فإن الانتظار سيعود..هواجس التفكير فيك ستحتلّني من جديد.
البخار يقلّ تدريجياً..والقهوة تبرُد..لا زلت عند قناعتي..لن أشربها..هي كتعويذة تحميني من التفكير في غيابك الذي جعل حياتي مهترئة كجِلد أفعى مُنسلخ..
إني مع كل خفقة قلب أفكر فيكِ..مع كل غمضة عينٍ أراكِ..أصبح وجودكِ مشروطاً بحياتي..لقد استوليتِ عليْ!
إذا عدتُ للمنزل في هذا الوقت المتأخر ستوبخني أمي..الانتظار حتى تنام يُعدّ مجازفة..وغداً لن أُفلت من عقابها!
مذ رحل أبي إلى السماء أصبحت أمي تشدّد عليّ جدّاً..تخشى أن يجرّني رفاق السوء إلى سوئهم ..لم تعلم أنهم رحلوا جميعاً..لقد ابتلعتهم الحياة بعدما غابت أنثاي..لقد أصبحت فظّاً للغاية ولساني لا يطلق غير الشتائم..لم يبق أحد تخاف أمي عليّ منه سوى هذا القلم وكتبي..هم أصدقائي فقط في هذا الليل الطويل!
رسائل "ألواتسب" مزعجة حقاً..لم تسمح لي حتى بإكمال تأمل دخان القهوة ..
عتب أصدقاء الثانوية الذين تشاركت معهم أياماً جميلة: مؤلم..هاهو صديق يعاتبني : ما بالك لا ترد على اتصالاتي؟! ولا تخرج من بيتك لنتقابل؟ هل الحياة غيرتك إلى هذا الحد؟! ميزة الواتسب الوحيدة هي إمكانية تجاهل مثل هذه الرسائل ..لن يمكن لصديقي فعل شيء.
هذا النادل ينظر إليّ شزراً..لم يبق في المقهى سوايْ..هل تنتظره عائلته بعد انتهاء عمله هنا؟! هل يحبّ زوجته؟ هل هي فتاة أحلامه؟! تبا له! أنا أحسده بالفعل..يلمّح لي بأن أخرج..ينظف الطولات..ويغلق أبواب المقهى الخارجية..سأتشاغل بمراسلة أحدهم على الواتسب..لن أمكّنه من إغلاق المقهى والاجتماع بحبيبته بسرعة! يجب أن يشعر ولو بالقليل ممّا نشعر به نحن العشاق المحرومين..
- سيدي..حان وقت إغلاق المقهى!
يالله..إنه بالفعل ضجِرٌ ومُتعَب..ومُشتاق..تحت عينيه هالةٌ سوداء..كيف نظف المحل بكل هذه السرعة! سأفعل مثله لو كانت حبيبتي تنتظرني في المنزل!
- هل أنت متزوج؟!
تفاجأ بالسؤال!
- كنتُ..لقد ماتت زوجتي!
يااه! أعطيه الحساب..وأتأسف منه..وألعن حزني الذي جعلني أحزن هذا النادل المسكين..ألعنُ غيابكِ..وأمضي!

عبدالكريم. 15/2/2014

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
بي شهوة الحلم القديم..
وضحكةً..
بعد التنائي..
قد اختفتْ !
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الكريم العدواني ; 24-02-2014 الساعة 09:12 PM.
رد مع اقتباس