
11-04-2014, 02:30 PM
|
 |
مشرف قسم الاسلام حياة وقسم التغريدات قسم العام
|
|
|
|
للاستاذ - جاسر الجاسر بجريدة الحياة
[frame="7 80"]
الاستاذ - جاسر الجاسر

السعودية تغتسل !
لا تستطيع السعودية إنكار أنها كانت حاضنةَ أجنةِ الإخوان المسلمين ومصدرَ قوتهم، وأنها منذ لحظة دخول مناع القطان أراضيها عام 1954، الحضن الدافئ للجماعة ودار استثمارها، ظناً أن هذا دورها، وسعياً لتفتيت الجبهة القومية، التي كانت حينها الأشد خطراً من المنظور السياسي.
في تلك الفترة كان الوعي السياسي والثقافي محدوداً سعودياً، فلم يكن أي من علمائها يفقه معنى الأخونة على رغم مضي نحو أربعة عقود على نشأة الجماعة، فضلاً عن تاريخها الدموي في مصر. وحين تدفقت جموع الإخوان إلى السعودية بدعم من حكومة الملك فيصل، استولت على مناطق التعليم وأعادت تشكيلها وفق رؤيتها، من دون إدراك من البلد لخطورة الإجراء، استناداً إلى أن هؤلاء الأشخاص مشايخ رفيعو المستوى علمياً.
من السعودية جاء جهيمان، ولحقه أسامة بن لادن، فضلاً عن جماعات جهادية شتى. مشكلة السعودية أن خطابها الديني، بمنطلقاته التقليدية، كان مهيمناً وبعيداً من فقه الواقع والصحوةِ الإخوانية، التي جعلت الرياض مرتكزاً لها على رغم التباين الحاد عقدياً بين الوهابية والإخوان.
لم يكن المشايخ السعوديون الحنابلة على وعي واتصال بالحراك الديني عربياً، بل لعلهم كانوا أدنى درجات في العلم من الإخوان، الذين تقاطروا إلى البيئة الوهابية فأمطروها علماً وانفتاحاً لا يمسان هيبتها ظاهرياً، ولا يتضادان مع معرفتها الأساس وسلوكياتها العامة.
خلال أربعة عقود ارتهنت السعودية إلى الخطاب الديني، أو بالأصح الصحوي، لأنها لم تدرك معنى الفروقات في الخطاب الإسلامي، استناداً إلى ظنها الواهم أنها حضن الإسلام ودار منطلقه، من دون أن تدرك أن الإسلام غدا إسلامات متضادة، وأن خطابها الديني النقي لا اعتبار له. من هذه الغيبة انتشرت الصحوة والجهاديات المختلفة إلى أن ضربت الرياض ذاتها، على رغم كونها الصورة الإسلامية الأنقى، على الأقل وفق الواقع المعيش.
وعلى رغم تلك الكوارث، لم تستشعر السعودية حجم الخطر إلا عام 2003 وما تلاه، في عمليات دموية ساهمت -نتيجة الوعي الطارئ- في جعل السعودية الدولة الأبرز دولياً في الحرب على الإرهاب، والمرجعَ الفعلي للبلدان الأخرى في الممارسة الميدانية وطرق الملاحقة والاستقصاء، حتى أنها اجتثت الخلايا الإرهابية وأحبطت جميع النوايا والخطط التفجيرية.
منذ عام 1954 إلى 2003 والسعودية تعيش حالَ سُبات، إن لم نقل إنها كانت بيئة تنشيطية للجماعات الإخوانية الجهادية، جهلاً وقصوراً في الوعي، إلا أنها بعد ذلك استعادت روحها لتشنّ حرباً شرسة على الإرهاب طاولت الكوادر التنفيذية، من دون أن تلتفت إلى البيئة الحاضنة وجذورها الملتفة على النسيج الثقافي السعودي، الذي صنعت منه رحماً ولاّداً للكوادر الإرهابية التي ما زالت جذراً مغذياً لأي مجموعات إرهابية، سواء على مستوى التمويل المادي أو البشري.
الصحوات السعودية الرسمية السابقة جزئية وحذرة، أما اليوم فالسعودية تضرس عن أنيابها وقد استوعبت، متأخرةً، أن التهديد الحقيقي والداخلي يجيء من «الإخوان» الذين أنقذتهم من مذبحة جمال عبدالناصر عام 1954، ووفرت لهم الطمأنينة والتمويل، وأسلمت إليهم عقول أبنائها ليملأوها بالتفجير والحنق والكراهية.
أخطأت السعودية، لكنها اليوم تقف على حال الوعي الحاد وتريد طمس غلطاتها الماضية، وأن تنقذ وجودها من عبث «الإخوان» وتلاعبهم، فتسعى لاجتثاثهم من المنبع، مع أنها تدرك أن قوتهم وفاعليتهم وكوادرهم أشد وأقسى في السعودية منهم في مصر، وإن كانت الأخيرة هي المنبر والقيادة.
السعودية واجهت مخاطرها بشجاعة وشفافية وصرامة حتى لم تبقَ للإخوان دار سوى الدوحة، وإن لم يخرجوا منها، طوعاً أوكرهاً، فالله غالب على أمره. ولن تكون الدوحة دار مقر وهي لم تكن أصلاً دار نشأة، فإما أن تنجو بذاتها أو تكون مقبرة للأعداء.
في السعودية عيب وحسنة، عيبها أنها ثقيلة الحركة، حتى ليظنها الآخر تسبح في غيبوبة لا يقظة منها، وحسنتها أنها إذا تحركت لا تترك غايتها معلّقة، وطريقها حائراً، بل تصل إلى منتهاها.
الخلاصة أن السعودية اليوم تحركت، فمن يستطيع تضليل وجهتها أو منعها من غايتها؟
http://alhayat.com/Opinion/Jasser-AlJasser/1706692
[/frame]
|