[frame="8 80"]
باقات معطرة للروح المشتاقة
لقد آثرت اليوم أن أسوق إليكم باقة معطرة مختارة ،
تختزل القصة كلها ..!
ولكن عليك أن تتأمل هذه الباقة جيداً ، وأن تمررها
على قلبك حتى تستقر معانيها وحقائقها في قراره ،
لتحدث فيه شغلاً شاغلاً ، يطير بك إلى الأعالي ، ولا
ترضى بغير الأعالي ..!
وإذا كان الشاعر قد قال :
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنع بما دون النجومِ !
فإني أقول :
بل لتكن همتك ابعد من النجوم ، لا ترضى بغير الفردوس
في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. مع النبيين والصديقين ..
وما ذلك على الله بعزيز ..
وإليك باقتنا المختارة لهذا اليوم :
يقول الله عز وجل :
( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب . أجيبُ
دعوةَ الداعي إذا دعان )
استشعر قرب الرب وحنوه ، ورحمته ولطفه ،
واستحضر فقرك وغناه ، وضعفك وقوته ،
وذلك وعزته ،
استحضر هذا كله ، وأنت ترفع أكف الضراعة ،
فإن لهذا الاستشعار أثره الكبير في رقة قلبك ،
واستدرار ما ترجو ..
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الدعاء هو العبادة ." وفي حديث آخر :
" أفضل العبادة الدعاء " وفي ثالث :
" ليس من شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء "
..والأحاديث كثيرة .
ولك الآن أن تتأمل ما قاله بعض العارفين :
إذا فتح لك الله باب الدعاء ، فاعلم أنه سيعطيك ..!
فإنه ما فتح لك الباب ، إلا ليستقبلك ويكرمك..!!
المهم .. يبقى عليك أن تتأدب على الباب ، لتنال
درجة الأحباب ..
في هذا قال الشاعر الفقيه :
لو لم ترد نيل ما نرجو ونطلبهُ
من فيض جودك ما علمتنا الطلبا
ومن هنا كان بعض الصالحين إذا فتح له باب الدعاء ،
والضراعة والانكسار ، اجتمع بكلية قلبه وروحه
وأعصابه ماداً يديه إلى مولاه ، جثيا على ركبتيه ،
في وضعية الفقير العاجز المحتاج الذليل ، لا يزال
يقول : يا رب .. يا رب ..!!
متلذذاً بطول مناجاته لربه سبحانه ، مستشعرا قربه
وحضوره معه ..
فإذا ذاق حلاوة الأنس والقرب .. خرج من دعائه وهو
مبتسم وعيناه مغرورقتان بالدمع ،
وهو يقول في نفسه :
يكفيني من الدعاء هذا العطاء .. ولا عليّ بعد ذلك أن
يتحقق ما أطلبه .. !!
فثقتي أنني أدعو رباً كريماً جوداً ، وعدني بالعطاء
حيث قال :
( أدعوني استجب لكم ) وقد دعوته كما أمرني ،
فإن استجاب لي ، فهذه منة أخرى منه عليّ ..
وإن كانت الأخرى : فيكفيني هذه اللحظات الربانية ،
التي أكرمني بها ، والتي اهتزت خلالها روحي ..!
وهو سبحانه لن يمنعني بخلاً _ حاشا وكلا _
ولكن لحكمة ، ومع الحكمة رحمة ، ومعهما عدل ..
فلله الحمد على هذا وذاك …
الموضوع ذو شجون وفضول وذيول ..!
ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق !
[/frame]