وقفات للصائمين والصائمات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وجعله موسماً للمنافسة في الخيرات، والتجارة التي لن تبور ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي خص شهر رمضان بإنزال القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فهذه وقفات موجزة تتعلق بفضل صيام رمضان وقيامه، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحات ، وما يتيسر مما يتعلق به من أحكام .
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام
يا حبيباً زارنا في كل عام
قد لقيناك بحبٍ مفعمٍ
كل حبٍ في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم ربي صومنا
ثم زدنا من عطاياك الجسام
فضل صوم رمضان
للصيام فضلٌ عظيم على سائر العبادات ، اختصه الله سبحانه به ، بيَّنه رسول الله عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة . من ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم :
1-(( قال الله عز وجل : كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنة، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك . وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره. وإذا لقي ربه فرح بصومه )). متفق عليه .
2-(( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً )) . متفق عليه .
3-(( صوم ثلاثة أيام من كلِّ شهر، ورمضان إلى رمضان صوم الدَّهر وإفطاره )). رواه الإمام أحمد ومسلم.
4-(( إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، فيدخلون منه، فإذا دخلوا، أغلق فلم يدخل منه أحد )). متفق عليه.
5-(( إذا كان أول ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفُتِّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ كل ليلة: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة )) . صحيح رواه الترمذي وابن ماجه .
6-(( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة .... )). صحيح رواه أحمد والطبراني في الكبير والحاكم .
تذكير
يجب على المسلم أن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، لا رياءً ولا سمعةً ولا مجاملةً لأحد، ولا موافقةً لأهله، أو متابعةً لمجتمعه .
فإن الصائم لا ينال ثواب الصيام، ولا تجتمع له فوائده إلا إذا كان الحامل له إيمانه، بأن الله تعالى فرضه عليه- رحمةً منه به وإحساناً إليه-، واحتسب الأجر على صيامه عند ربه، الذي وعد به الصائمين .
كما في الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) وقد قال تعالى: { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون } [البقرة:112] فإسلام الوجه هو الإخلاص لله في العبادة ، سواءً كانت صوماً أو غيره، والإحسان هو المتابعة والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جُرابه رملاً يُثقله ولا ينفعه 000
ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عمَّا حرم الله عليه من الأقوال والأعمال كالغيبة والنميمة والكذب، ولا تكن ممن أمسك عن الطعام والشراب ولم يمسك عن هذه المحرمات ، لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله عز وجل ، وتعظيم حرماته، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها،
وتعويدها الصبر عمَّا حرم الله، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشراب وسائر المُفَطِّرات ، ولهذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (( الصيام جُنّة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحدٌ أو قاتله فليقل إني صائم )) متفق عليه. وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه)). صحيح رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وابن ماجة واللفظ له.
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة فيسارع إلى الطاعات، ويحذر السيئات، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ولا سيما الصلوات الخمس فإنها عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم المحافظة عليها في أوقاتها وأداؤها مع الجماعة بخشوع وطمأنينة في بيوت الله التي أذن أن ترفع ويُذكر فيها اسمه .
تعريف الصيام وحكمه
الصيام المشروع: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية العبادة لله عز وجل .
حُكْمُه:صيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة، وهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع.
ما يقال عند رؤية الهلال :
كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى الهلال قال: اللهمَّ أهلَّه علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله ، هلال رشدٍ وخير . رواه الترمذي وقال:حسن صحيح.
أمور قد يخفى حكمها على بعض الناس
* من الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: عدم الإطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه، وهي الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً، وهذه الصلاة على هذا الوجه لا تجوز .
* والأفضل لمن صلى مع الإمام قيام رمضان أن لا ينصرف إلا مع الإمام لقول النبي عليه الصلاة والسلام : إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة.
* ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره. فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم، لكن من تعمد القيء فسد صومه، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء. صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم .
* ومن الأمور التي لا تفسد الصوم : تحليل الدم، وضرب الإبر غير التي يقصد بها التغذية لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك . وقوله عليه الصلاة والسلام : من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
أحكام يجب على الصائم معرفتها
* نية الصيام : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له. صحيح رواه ابن ماجه والترمذي.
يفهم من هذا الحديث أن النية في صيام رمضان واجبة قبل طلوع الفجر، كذلك عند قضاء رمضان وفي صيام النذر، وإذا لم ينوه من الليل لم يجزه، أما صيام التطوع فمباح له أن ينوي على ما أصبح هذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
* لكل أهل بلد رؤيتهم :على المسلم أن يصوم مع الدولة التي هو فيها ويفطر معها لقول النبي عليه الصلاة والسلام
( الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون )) صحيح رواه الترمذي . ولحديث كريب في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي. وقال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم: أن لكل أهل بلد رؤيتهم .وقال النووي في شرح مسلم
( باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت لما بَعُدَ عنهم )).
* الرخصة في صيام السفر : سأل حمزة الأسلمي رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: إني أصوم أفأصوم بالسفر؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إن شئت فصم وإن شئت فافطر. صحيح رواه أبو داود.
----------------
يتبع /للفايدة