[جمعان مفرح (ابو طلال)]

درس السبّاك، وشهادة الممرض

قرأت في صحف الأسبوع المنصرم ان الشؤون الصحية بمنطقة المدينة المنورة (أنزلت) غرامة على شركة لها علاقة بالقطاع الصحي بسبب (تشغيلها) عامل سباكة على وظيفة مهنة تمريض، ونفس الغرامة أوقعتها على (الممرض السباك) بواقع عشرة آلاف ريال على كل طرف..
وعاش قريب لي في شهر رمضان داخل مستشفى خاص بصحبة اثنين من عمال النظافة يحملانه من غرفة العناية الفائقة، إلى غرفة الاشعة والعكس، وكنا نتصور في البداية ان المستشفى اضطر للاستعانة بهذين العاملين لنقص حاد في الممرضين، والممرضات، أو عملية انشغال لهم في بقية عنابر المستشفى لكن استمرار عمال النظافة في عملية نقل قريبنا جعلتنا نتأكد انه لا يوجد (خطأ) في العمل، وقد تتجاوز مهمة عمال النظافة نقل المرضى من ذوي الحالات الصعبة إلى نقل التقارير الطبية من خلال اجتهاداتهم الشخصية،ولا نريد أن نظلم عمال النظافة فقد يكونون في الأصل( ممرضين).. وتم تحويلهم لعمال النظافة في آخر لحظة، ولن نستنكر لو حدث العكس (طالما ان النتيجة واحدة).. والظروف وحدها هي التي تكشف هذه الأخطاء، أو الشكاوى؟
وعلى هذا القياس (الفني، والمهني، والوظيفي) هناك الكثير من أعمال (التزييف العمالية) تنتشر في مؤسساتنا، وإداراتنا، وشركاتنا، ومعارضنا، وورشنا، ومكاتبنا، وكلها تسير في مهماتها دون أن يكتشفها أحد، وهي تستفيد من عامل الوقت، والتجربة، أو التجارب، وتكتسب الخبرة وهي تتعلم بواسطة هذه التجارب.
ونسأل المختصين أيهما أقل ضرراً: السباك الذي يعمل ممرضاً، أو يدعي التمريض، أم الممرض الذي يعمل سباكاً أو يدعي السباكة..
والاجابة يقولها غير المختصين، أي الذين (عانوا) من انتشار (السباكين) في أعمال التمريض، أو الميكانيكا، أو غيرها من المهن التي تشكل (خطراً) على الآخرين رغم ان السباك يكسب أكثر من الممرض، والصيدلي، والميكانيكي.
قبل سنوات أحضرت سباكاً من محل أدوات صحية، وأمضى ثلاثة أرباع اليوم في البحث عن (ماسورة) تُهرب مياهاً في الحمام، يكسر في الجدران يميناً، وشمالاً حتى وجد الماسورة المكسورة، وقبض مني (450) ريالاً، وعرفت منه بعد المناقشات انه مدرس رياضيات حضر للعمل في مدرسة أهلية، ثم تفرغ لأعمال السباكة التي تُدر عليه دخلاً أفضل من التدريس، وكانت النتيجة انني غرمت بعد ذلك (تكسيرة المواسير، والجدران) خمسة آلاف ريال لإصلاح الحمام، وهذا المبلغ هو نصف ما تم تغريمه (للسباك، والممرض).. ومازلت أبحث عن سباك ثالث لإصلاح ما أفسده مدرس الرياضيات، وزميه الآخر، وثلاثة أرباع بيوت جـدة، وشققها، وعمائرها تعاني من آثار العمالة المزيفة بها سواء كان ذلك في بنائها، أو تمديداتها الكهربـائية، أو أعمال السباكة بها، أو أعمال النجارة، أو أعمال الديكور، وليس أدل على ذلك من عمليات الاستدعاء اليومية لإصلاح هذه الأعمال، وهو ما يؤكد اننا جميعاً تعرضنا لعملية تزييف واسعة..؟



من أفضل ماقرأت للكاتب علي الغامدي