احذروا فاحشة الزنى
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خِطْأً كبيرا.. ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا” (31-32).
يقول الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر في تفسيره للقرآن الكريم: لقد ورد النهي عن قتل الأولاد هنا بهذه الصيغة، وورد في سورة الأنعام بصيغة أخرى هي قوله تعالى: “ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم”.
وليست إحداهما تكرارا للأخرى، وإنما كل واحدة منهما تعالج حالة معينة، فهنا يقول سبحانه “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم” لأن النهي موجه بالأصالة إلى الموسرين الذين يقتلون أولادهم لا من أجل فقر كائن فيهم،
وإنما من أجل فقر هم يتوهمون حصوله في المستقبل بسبب الأولاد، لذا قال سبحانه “نحن نرزقهم وإياكم” فقدم رزق الأولاد لأنهم سبب توقع الفقر في زعم آبائهم لكي يمتنع الآباء عن هذا التوقع.
وقال سبحانه هناك “من إملاق” لأن النهي متوجه أصالة إلى الآباء المعسرين: أي لا تقتلوهم بسبب الفقر الموجود فيكم، فقد يجعل الله بعد عسر يسرا، ولذا قال سبحانه “نحن نرزقكم وإياهم” فجعل الرزق للآباء ابتداء، لكي يطمئنهم سبحانه على أنه هو الكفيل برزقهم.
مبالغة في الزجر
وبعد أن نهى سبحانه وتعالى عن قتل الأولاد المؤدي إلى إفناء النسل، أتبع ذلك بالنهي عن فاحشة الزنى المؤدية إلى اختلاط الأنساب، فقال تعالى: “ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا” والزنى: هو وطء المرأة من دون عقد شرعي يجيز للرجل وطأها.
والفاحشة: ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال، وأكثر ما تكون الفاحشة إطلاقا على الزنى.
وتعليق النهي بقربانها للمبالغة في الزجر عنها، لأن قربانها قد يؤدي إلى الوقوع فيها، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.. وهذا لون حكيم من ألوان إصلاح النفوس، لأنه إذا حصل النهي عن القرب من الشيء، فالنهي عن فعله من باب أولى.
وقوله عز وجل: “إنه كان فاحشة وساء سبيلا” نهي عن مقدمات الزنى، فضلا عن الوقوع فيه ذاته، لأنه كان ومازال في شرع الله، وفي نظر كل عقل سليم فعلة فاحشة ظاهرة القبح.
ومما لا شك فيه أن فاحشة الزنى من أقبح الفواحش التي تؤدي إلى شيوع الفساد والأمراض الخبيثة في الأفراد والمجتمعات.
مفاسد الزنى
ولقد تحدث الإمام الرازي عن تلك المفاسد التي تترتب على الزنى فقال: الزنى اشتمل على أنواع من المفاسد أبرزها:
اختلاط الأنساب واشتباهها، فلا يعرف الإنسان أن الولد الذي أتت به الزانية، أهو منه أم من غيره.
إن المرأة إذا باشرت الزنى استقذرها كل طبع سليم، وحينئذ لا تحصل الألفة والمحبة ولا يتم السكن والازدواج.
إنه إذا فتح باب الزنى، فحينئذ لا يبقى لرجل اختصاص بامرأة وحينئذ لا يبقى بين نوع الإنسان وبين سائر البهائم فرق.
ولذلك سد الإسلام جميع المنافذ التي تؤدي إلى ارتكاب هذه الفاحشة، وسلك لذلك وسائل من أهمها:
تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء إلا في حدود الضرورة الشرعية.
تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، ووجوب غض البصر.
وجود التستر والاحتشام للمرأة، فإن التبرج والسفور يغريان الرجال بالنساء ويحركان الغريزة.
الحض على الزواج، وتيسير وسائله، والبعد عن التعالي في نفقاته، وتخفيف مؤنه وتكاليفه.. فإن الزواج من شأنه أن يجعل الإنسان يقضي شهوته في الحلال.. فإذا لم يستطع الشاب الزواج فعليه بالصوم فإنه له وقاية.
إقامة حدود الله بحزم وشدة على الزناة سواء أكانوا من الرجال أم من النساء. ولو تم تنفيذ حدود الله تعالى على الزناة لمحقت هذه الفاحشة محقاً.
-----------
للفايدة