عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2014, 01:13 AM   #8095
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

حياء وسماحة منقطعة النظير
نودّ في البداية، أن تتعرّف إلى الخليفة الراشديّ الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو في بيته الأسريّ أولاً ومن
ثم في بيته الزوجي، ليكون بمقدورنا في ما بعد، الإحاطة بالطباع الإنسانية التي كانت تتجلّى في شخصيّة عثمان،
مما جعلها تتميّز بحق عن سائر الشخصيات الإسلامية .

ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه بالطائف أخصب بقاع الحجاز، بعد عام الفيل، بست سنوات على أبعد تقدير وكان
والده عفان بن أبي العاص بن أمية تاجراً واسع التجارة، تسير قوافله إلى بلاد الشام . وقد مات في إحدى الرحلات
التجارية عن ثروة عظيمة، وابنه عثمان في أوج شبابه، وربما رافقه في غير رحلة من رحلاته . وفي أنساب
الأشراف للبلاذري، أن عفان كان ماهراً في صناعة البزّ والإتجار به .
وقد وصفه فقال:عفان أول حائك لثيابكم”،
أما والدته فهي أروى بنت كريز بن ربيعة من عبد شمس . وأمها أروى البيضاء بنت عبد المطلب، وهي عمة
النبي صلى الله عليه وسلم . وكانت لها أخت اشتهرت في الجاهلية بالانقطاع إلى الكهانة والعرافة .
مشكلة الأب
وبعد وفاة والده تزوجت أمه من عقبة بن معيط، فتكونت في نفسه “مشكلة الأب” التي تمكنت من طويته، فكان لها فعلها
في توجيه شعوره للنفور من الوضع القائم في بيته وهو يحس انتزاع مكان أبيه، خصوصاً أن أمه أروى كانت تبدو
كالمغلوبة على أمرها إزاء هذا الوضع المستجد في حياتها، وهي التي تتصل من ناحية أمها بالبيت الهاشمي . ولهذا نجد
أنها حين شكا زوجها عقبة بن معيط عثمان
وقال لها: “إن ابنك قد صار يتبع محمداً”، لم تنكر ذلك من ابنها وقالت:
ومن أولى به منا؟ أموالنا وأنفسنا دون محمد” .
وتذكر كتب التاريخ والسير، أن عثمان كان يتمتع بصفتين، أجمع معاصروه على وصفه بهما وهما الجمال والحياء .
فهو ربعة لا بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه مشرف الأنف، رقيق البشرة أسمر اللون، له جمة أسفل أذنيه تزيدان
بهاءه بهاءً . وكان خفيف الجسم بعيد ما بين المنكبين، أما خلائقه فمنها عذوبة الروح وحلاوة الشمائل، وعطوفة النفس،
حتى قالت نساء قريش وهن يرقصن أطفالهن:
أحبك والرحمن
حبّ قريش لعثمان

كانت لعثمان سماحة محببة حيث يجود ويتكلم بكلام التجار ويماكسهم وهو على غاية الجود، فقد ماكس تجار المدينة على
ألف راحلة براً وطعاماً، وحين طالبهم بكل درهم عشرة وقالوا له: لا . قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء
المدينة . وبذلك يكون عثمان رضي الله عنه قد أشار عليهم إلى جزاء الحسنة بعشرة أمثالها عند الله . فقد آمن (رض)
وهو الذي أعطى عطاءه بأن الجزاء في الآخرة . بينما الألوف من ذوي الأموال لا يوقنون بما أيقنه عثمان بين أبناء عصره .
وعرفت لعثمان خصال من الكرم والإحسان، قلما عرفت عند غيره من الرجال . وكان قد بلغ به الشعور بأن المرء يهون
عليه أن يتجرد من بعض ماله، ولا يهون عليه أن يتجرد من بعض كبريائه وخيلائه وتعاليه على أنداده ونظرائه . فضلاً
عمن يعلوهم بالبساطة والجاه .
ومن المأثور عنه كما روى عنه صاحب كتاب “الصفوة” عن مولاة له أنه:
كان رضي الله عنه لا يوقظ أحداً من أهله إلاّ أن يجده يقظان فيدعوه” .
لين الجانب
ولا شك في أن شخصيته هذه، تساندت فيها مناقب السماحة، وأوشكت أن تستوفيها على مثال منقطع النظير في شخصيات
عرفت بمناقبها قبل الإسلام وبعده . فقد عرف عنده اجتماع الكرم والحياء والدعة والرفق والأريحية والمروءة . .
وهذه صفات جعلها الناس في خانة لين الجانب عند عثمان رضي الله عنه . غير أن السماحة في شخصيته رضي الله عنه
بحسب ما ننظر إليها، تدل على قوة النفس وقوة الإرادة . وقديماً قيل: أشجع الشجعان من يبذل ماله للناس . فما بالنا حين
نعرف أن إسلام عثمان رضي الله عنه كان تحدياً قوياً لخاصة أهله . وقد ثبت عليه مع بقاء سادة قومه بين عدوٍ للإسلام
أو مسالمٍ له على دخل وسوء نية؟
وإذا كانت العزيمة من الصفات التي تجلل بها الرجال في الصدر الأول للإسلام، فإن عزيمة عثمان بن عفان رضي الله عنه
في البقاء على سدة الخلافة وعدم التنازل عنها، كي لا تضيع بين خاطفيها، رغم شعوره بخطر الموت، لهي عزيمة أسود
لم تهب مهاجميها في العرين، حتى يحفظ الخلافة عريناً لا لأبنائه وأفراد أسرته، بل للمسلمين أجمعين . وهذا فارق
الشجاعة بينه وبين سائر الشخصيات الشجاعة من المسلمين .
ولا شك في أن الفرق بين طبعه وطباع سائر الشخصيات الإسلامية في عصره، هو الذي جعله من أقوى رجال الإسلام،
لا في لحظة الاستقواء عليه بالغوغاء والحمقى والمغفلين من قبل الفاسدين والمفسدين، بل في لحظة القرار المكين الذي
جعله في التاريخ سيد عرين المسلمين . فعثمان بن عفان رضي الله عنه كان يمتاز بالشجاعة البالغة، تماماً كما كان يمتاز
بالسماحة البالغة والجود البالغ والحكمة البالغة والإيمان البالغ، حتى إنه لم يبلغ مبلغه على هذا الصعيد أي رجل من الرجال .
------------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس