عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-2014, 06:09 AM   #8215
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

جزاء الجاحدين لنعم الله
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النحل: “وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون” النحل (الآيتان: 112-113).

للمفسرين اتجاهان في تفسير قوله تعالى: “وضرب الله مثلا قرية”.. فمنهم من يرى أن هذه القرية غير معينة، وإنما هي مثل لكل قوم قابلوا نعم الله بالجحود والكفران.. وإلى هذا المعنى اتجه صاحب تفسير(الكشاف) حيث قال: قوله تعالى “وضرب الله مثلا قرية” أي جعل القرية التي هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا وتولوا، فأنزل الله بهم نقمته.

ومن المفسرين من يرى أن المقصود بهذه القرية مكة، وعلى هذا الاتجاه سار الإمام ابن كثير حيث قال: هذا مثل أريد به أهل مكة، فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة، يتخطف الناس من حولها، ومن دخلها كان آمنا، فجحدت آلاء الله عليها، وأعظمها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.

أمهات النعم

يقول الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر: يبدو لنا أن الاتجاه الأول هو اقرب إلى الصواب لتنكير لفظ قرية، ولشموله الاتجاه الثاني، لأنه يتناول كل قرية بدلت نعمة الله كفرا، ويدخل في ذلك كفار مكة دخولا أوليا
فيكون المعنى: وجعل الله قرية موصوفة بهذه الصفات مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم بهذه النعم، فلم يشكروا الله تعالى عليها، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

وقوله: “كانت آمنة مطمئنة” أي كانت تعيش في أمان لا يشوبه خوف، وفي سكون واطمئنان لا يخالطهما فزع أو انزعاج..

وقوله: “يأتيها رزقها رغدا من كل مكان” بيان لسعة عيشها.. أي يأتيها ما يحتاج إليه أهلها واسعا لينا سهلا من كل مكان من الأمكنة.

فالآية الكريمة قد تضمنت أمهات النعم: الأمان والاطمئنان ورغد العيش.

وقوله تعالى “فكفرت بأنعم الله” بيان لموقفها الجحودي من نعم الله تعالى.. أي: فكان موقف أهل هذه القرية أنهم جحدوا هذه النعم ولم يقابلوها بالشكر وإنما قابلوها بالإشراك بالله تعالى.

وقوله تعالى: “فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون” بيان للعقوبة الأليمة التي حلت بأهلها بسبب كفرهم وبطرهم.. أي فأذاق الله سبحانه أهلها لباس الجوع والخوف بسبب ما كانوا يصنعونه من الكفر والجحود والعتو عن أمر الله ورسله وذلك بأن اظهر أثرهما فيهم بصورة واضحة تجعل الناظر إليهم لا يخفى عليه ما هم فيه من فقر مدقع وفزع شديد.

ففي الجملة الكريمة تصوير بديع لما أصابهم من جوع وخوف، حتى لكان ما هم فيه من هزال وسوء حال يبدو كاللباس الذي يلبسه الإنسان ويجعلهم يذوقون هذا اللباس ذوقا يحسون أثره إحساسا عميقا.

عاقبة الجاحدين

ثم بين سبحانه وتعالى رذيلة أخرى من رذائل أهل هذه القرية الكافرة بأنعم الله فقال: “ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه”.

أي: ولقد جاء أهل هذه القرية رسول يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فأمرهم بطاعة الله وشكره، ولكنهم كذبوه وأعرضوا عنه.

والتعبير بقوله “جاءهم” يدل على أن هذا الرسول وصلى إليهم وبلغهم رسالة ربه دون أن يكلفهم الذهاب إليه، أو البحث عنه.. والتعبير بالفاء في قوله “فكذبوه” يشعر -كما يقول الدكتور طنطاوي بأنهم لم يتمهلوا ولم يتدبروا دعوة هذا الرسول، وإنما قابلوها بالتكذيب السريع من دون روية، مما يدل على غباوتهم وانطماس بصيرتهم.

وقوله تعالى “فأخذهم العذاب وهم ظالمون” بيان للعاقبة السيئة التي حاقت بهم.. أي فكانت نتيجة تكذيبهم السريع لنبيهم أن أخذهم العذاب العاجل الذي استأصل شأفتهم والحال أنهم هم الظالمون لأنفسهم، لأن هذا العذاب ما نزل بهم إلا بعد أن كفروا بأنعم الله وكذبوا رسوله.

ورغم عموم وشمول هاتين الآيتين الكريمتين لكل من يجحد نعم الله تعالى.. فإن الذي يتأملهما يراهما ينطبقان تمام الانطباق على كفار مكة
----------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس