عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2014, 06:08 AM   #8860
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

ثقافة التجديد لا التقليد
كانت الكلمة في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه تسمع وتحفظ وتنقل من سلف إلى خلف، فتندمج في تجربة كل سامع، وكأنها
زيادة عضوية تتناسل وتتوالد فتتكاثر ولا تموت . وكأن ثقافة الرجال توافيهم من عيشهم المحمّل بالتجارب والعواقب، كلما
أنصتوا إلى متحدث من رواتهم وبلغائهم ومحدّثيهم . فكانوا بحق كما قال الجاحظ عنهم: “أمة أدب، لا علم لهم فوق هذا العلم” .
وكان عثمان رضي الله عنه على علم بمعارف العرب في جاهليتهم، ومنها الأنساب والأمثال والأيام والأسفار والرحلات .
وهو الذي ساح في الأرض فرحل إلى الحبشة والشام، وعاشر أقواماً غير قومه وتحدّث بلغات غير لغته وعرف أطواراً
وأحوالاً، لم يعرفها أي عربي لا يبرح مكانه ولا زمانه . فوافته معارف البادية عن الأنواء والرياح ومطالع النجوم
ومقارناتها في منازل السماء، وهي معارف القوافل والأدلاء . كما انبسطت تجارته في أسواق العواصم والقرى، ومدنت
معها ثقافته وتحضرت معاملاته وتهجت أقلامه، في المكتوبات وجداول الصناعة والزراعة والتجارات . فكان بها جميعاً
يثقف ثقافة التجديد لا التقليد . وتلك لعمري من أهم فوارق شخصيته الثقافية بين أبناء جيله .
كاتب النبي
وبعد ظهور الدعوة الإسلامية الشريفة وإسلامه على يد النبيّ صلى الله عليه وسلم بحضور أبي بكر رضي الله عنه كان عثمان
أحفظ صحابة رسول الله للقرآن والسنة وأفقه المسلمين في أحكام الدين . وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قرابة
مئة وخمسين حديثاً . وقد قال محمد بن سيرين فيه وهو يتكلم عن رجالات الصحابة: “كان أعلمهم بالمناسك عثمان،
وبعده ابن عمر بن الخطاب” . كذلك كان عثمان رضي الله عنه، أقرب الصحابة إلى مجرى الحوادث بين المسلمين والمشركين .
ويتحدث الرواة وأصحاب السير، أن عثمان بن عفان كان يجيد الكتابة . وبعد إسلامه انشرح النبي صلى الله عليه وسلم
لجودة علمه بالخط وأصوله، فنراه يقرّه على أن يكون من بين طبقة كتّاب الوحي . ثم نراه يعتمد عليه في تدوينه . وكذلك
اعتمد عليه الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه في كتابة الوثائق والعهود ومدونات بيت المال، تماماً
كما اعتمد عليه في كتابة الوثيقة التي عهد فيها بالأمر بعده لخليفته عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وقد زودته معرفته
بالأخبار والأنساب والفقه، بالإضافة إلى حفظه القرآن والحديث والشعر وأحاديث العرب، وسياحته وسفراته في البلدان
وبين الأقوام، بزاد حسن من العلم والتحدث به مع ذوي الكمال من الرجال .
فقال فيه عبد الرحمن بن حاطب: “
ما رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حدّث أتمّ حديثاً ولا أحسن من عثمان بن عفان .
إلاّ أنه كان رجلاً يهاب الحديث” .
وفي خبر مرفوع إلى السيدة عائشة رضي الله عنها قالت إنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يقول:لو كان
معنا من يحدثنا؟ قالت: يا رسول الله أفأبعث إلى أبي بكر؟ فسكت . ثم قالت: أفأبعث إلى عمر؟ فسكت . ثم دعا وصيفاً
بين يديه فساره، فذهب، فإذا عثمان يستأذن، فأذن له فدخل . فناجاه النبي صلى الله عليه وسلم طويلاً .
خطيب هادئ
وكان عثمان خطيباً هادئاً متهيباً المنابر التي وقف عليها النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً رجال الدعوة وأهل الإسلام .
ولهذا نرى بعض المؤرخين يذهب إلى أنه لما بويع بالخلافة، صعد إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب
الناس، فارتج عليه واستعصى عليه الكلام، حتى إنه لم يوفق .
وهذا لعمري من شدة حيائه وهو الخليفة الراشدي
الموصوف بين جميع الخلفاء المسلمين، بشدة الحياء من الناس وتهيب المنابر والمواقف التي وقف بها
النبي صلى الله عليه وسلم .
وكانت خطب عثمان رضي الله عنه على نهج من الكتابة السهلة القويمة . وكان إذا ارتج عليه لا يبتئس ولا يزيد على
أن يقول ما معناه:
“سيأتي القول حين الحاجة إلى القول” . ومن خطبه في أوائل الشدة عليه: “إن الناس يبلغني عنهم
هنات وهنات، وإني والله لا أكون أول من فتح بابها وأدار رحاها .
ألا وإني زامٌ نفسي بزمام، وملجمها بلجام . . .
ومناولكم طرف الحبل . فمن اتبعني حملته على الأمر الذي يعرف . ومن لم يتبعني ففي الله خلف منه وعزاء عنه” .
كذلك كانت رسائله إلى عماله في الأمصار،وإلى أمراء الخير بالثغور، تذكرهم بالدور الذي انتدبوا أنفسهم إليه
وعاهدوا الله وأشهدوا الخليفة على ما يحفظون، وقد بلغ في رسائله مبلغ الكاتب الذي لا يزين الكلام بقدر ما يزن فيه
من الحكمة والإسلام . يقول عثمان رضي الله عنه في كتابه إلى أمراء الخير بالثغور: “أما بعد فإنكم حماة الإسلام
وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا . بل كان عن ملأ منا . ولا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل، فيغير الله بكم
ويستبدل بكم غير، فانظروا كيف تكونون، فإنني أنظر في ما ألزمني الله النظر فيه والقيام عليه” .
-------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس