زُهـْـدٌ في المناصب ِ ....... لا صراعا ً عليها
كتب عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى- إلى أحد ولاته وهو عدي بن أرطأة أن
اجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة ، وولِّ القضاء إلى أكثرهما علمـــــا ً
بالفقه ، فجمع بينهما عديُّ ،
فقال له إياس : أيها الوالي ، سل عنـِّي وعنه الحســن
( وكان إياس ُ واثقا ً بأنهما سيشيران على عدي بأن
يولي القضاء إلى القاسم بن ربيعة ، لأنه صديقهما
وكان يترددُ عليهما ، ولم يكن
ففهمَ القاسمُ ما أرادهُ إياس من التـَّـنصـُّـل ِ من منصب القضــاء ،
فقال لعدي : لا تسلْ عنـِّي ولا عنه ، فوالله الذي لا إله إلا هو ،
أفقه ُ منـِّي ، وأعلمُ مني بالقضاء ، فإنْ كـُنتُ كاذبا ً فلماذا تولـِّيني
كـُنـْتُ صادقا ً فينبغي أنْ تقبلَ قولي .
فقال إياس : أيها الوالي ، إنكَ جـِئتَ بـِرَجـُل ٍ
وقفتَ به على شفير ِ جهنمَ ، فنجـَّى نفسهُ بيمين ٍ كاذبة ٍ ،
يستغفرُ الله تعالى منها ،
ويـُكـَفـِّرُ عنها ، وينجو مما يخافُ ،
فقال له عدي : أمـَّا إذ ْ فهمتـَها فأنتَ لها أهـــلٌ ،
فانظر أخي الكريم ، إلى هذا الطراز الفريد من الناس
يتصارعان بالحـُجـَّة والمنطق
للفرار من تولـِّي المنصب الذي يسيلُ له لـُعابُ كثيرٌ
من أهل ِ هذا الزمان ، خوفـا ً
من أن يظلمَ يوما ً بريئا ً ،وقد حدث مثل هذا الموقف
لأبي حنيفة النعمان مع أبي جعفر المنصور
حين طلب منه أن يتولى القضـــــــاء فلما رفض
بضربه ، فلم يزده ذلك إلا ثباتا ً على موقفه ،
-----------------
للفايدة