ابن المقفع والصداقة
يقول رحمه الله: إذا نظرتَ في حال من ترتئيهِ لإخائك،
فإن كان من إخوانِ الدينِ فليكن فقيهاً غير مراءٍ ولا حريصٍ،
وإن كان من أخوانِ الدنيا فليكن حراً ليس بجاهلٍ ولا كذابٍ ولا شريرٍ ولا مشنوعٍ.
فإن الجاهل أهلٌ أن يهربَ منهُ أبواهُ،
وإن الكذابَ لا يكونُ أخاً صادقاً.
لأن الكذب الذي يجري على لسانهِ إنما هو من فضولِ كذبِ قلبهِ،
وإنما سمي الصديقُ من الصدقِ.
وقد يتهمُ صدقُ القلبِ وإن صدقَ اللسانُ. فكيفَ إذا ظهرَ الكذبُ على اللسانِ؟
وإن الشريرَ يكسبكَ العدو. ولا حاجةَ لكَ في صداقةٍ تجلبُ العداوةَ،
وإن المشنوعَ شانعٌ صاحبهُ] أي مستنكر ومستقبح لصاحبه.
ويقول: على العاقل أنْ لا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس -ما استطاع- إلا ذا فضل في الدين والعلم والأخلاق؛
فيأخذ عنه، أو موافقاً له على إصلاح ذلك فيؤيد ما عنده، وإن لم يكن له عليه فضل؛
فإن الخصال الصالحة من البر لا تحيى ولا تنمى إلا بالموافقين والمهذبين والمؤيدين؛
وليس لذي الفضل قريب ولا حميم هو أقرب إليه وأحب ممن وافقه على صالح الخصال فزاده وثبته؛
لذلك زعم بعض الأولين أن صحبة بليد نشأ مع العلماء أحب إليهم من صحبة لبيب نشأ مع الجهال]
------------------------
زهرة السوسن / بلخزمر