عرض مشاركة واحدة
قديم 26-03-2015, 11:43 PM   #9597
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

خطة أبي بكر للفتح.. ووصيته للقادة:
وفي رد فعل غير متوقع من قبل خالد بن الوليد، فإنه لم يبعث برد أو استفسار عما جاء في رسالة أبي بكر الصديق العجيبة، إنما كان من أمره أن أرسل بالرسائل إلى الجيوش الإسلامية المحيطة به لتجميعهم، ثم أرسل رسالة إلى هرمز أمير منطقة الأُبلّة (ميناء على شط العرب، وتقع أقصى جنوب العراق) من قبل فارس يهدده فيها ويتوعده.
ومن المدينة كان أبو بكر الصديق قد وضع خطة لفتح بلاد فارس تعمل كفكي الكماشة، بحيث تكون نهايتها في مدينة الحيرة أعظم مدن فارس بعد المدائن العاصمة، وكانت تبعد عنها بنحو مائتي كيلو متر.
فكان أن أمر أبو بكر خالد بن الوليد بأن يتجه إلى العراق لفتحها من جهة الجنوب حتى يصل إلى مدينة الحيرة، وفي الوقت نفسه كتب إلى عياض بن غنم -وكان في الحجاز- بأن يدخل العراق من أعلاها مفتتحًا ما في طريقه إليها، ثم يكمل المسير حتى يصل إلى الحيرة أيضًا، وقد قال لهما أبو بكر :
"فأيُّكما سبق إلى الحيرة فهو أمير على صاحبه، وإذا اجتمعتما بالحيرة وقد فضضتما مسالح (حصون) فارس وأَمِنتُما أن يُؤْتَى المسلمون من خلفهم، فليكن أحدكما ردءًا للمسلمين ولصاحبه بالحيرة، وليقتحم الآخر على عدو الله وعدوكم من أهل فارس دارهم ومستقر عزهم المدائن".
وكانت خطة رائعة قد رسمها أبو بكر الصديق ، أراد بها الإحاطة بقوات الفرس غربي بغداد كما السوار بالمعصم، بحيث تقاتل هذه القوات أحد الجيشين وفي خَلَدِها رعب وفزع من هجوم الجيش الآخر من خلفها.
ثم إن هذه الخطة ستعمل على إرباك قوات الفرس وقادتهم، من حيث عدم معرفتهم لأهداف ومقاصد كل جيش، ومن حيث صعوبة توزيع قواتهم لملاقاة كلا الجيشين في وقت واحد!!
وكذلك فإن هذه الخطة ستعمل على ألا يمر المسلمون من طريق واحد، وإنما من طريقين مختلفين، والذي من شأنه أنهم سيستطيعون أن يحصلوا على أكبر قدر من الماء والكلأ لهم ولدوابهم، الأمر الذي لا يتوافر حين يكون الطريق واحدًا.
وفوق هذا وذاك، فإن هذه الخطة ستثير المنافسة الشريفة بين جيش خالد بن الوليد وجيش عياض بن غنم، في أيهما يحقق النصر ويسبق أولاً إلى الحيرة؛ مما يحفز الهمم ويثير الحماسة في قلوبهم.
بعد هذه الخطة المحكمة لم ينس أبو بكر أن يوقّع ببعض التوصيات المهمة، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على حكمته وبُعد نظره، ومثلها يكون له مفعول السحر على مر العصور،
فكان مما جاء فيها:
"... واستعينوا بالله واتقوه، وآثروا أمر الآخرة على الدنيا يجتمعا لكم، ولا تؤثروا الدنيا فتُسلَبوهما، واحذروا ما حذركم الله بترك المعاصي ومعاجلة التوبة، وإياكم والإصرار وتأخير التوبة".
وقد كانت هذه هي الأسلحة الحقيقية لقتال أهل فارس وفي كل قتال؛ فإذا آثر الإنسان أمر الآخرة على أمر الدنيا اجتمعت له الدنيا والآخرة، ومن سعى إلى الدنيا فقط ضاعت منه الدنيا والآخرة.
كما لا بد من التعجيل بالتوبة والإقلاع عن الذنوب والمعاصي؛ وذلك في كل وقت وبالأخص هنا، حيث الكنوز والأموال والخير العميم، وقبل أن تفتح الدنيا عليهم بفتح فارس.
وبعد الإشارة إلى أسلحة المعركة كان أن وضح الصديق ما من شأنه أن يحفظ قوة الجيشين، وأن يعمل على تعجيل إحراز النصر، فكتب إلى خالد وعياض بعد أن أزمعا الرحيل قائلاً:
"وَأْذَنا لمن شاء بالرجوع ولا تستفتحا بمتكارِه، واستنفرا من قاتل أهل الردة ومن ثبت على الإسلام بعد رسول الله ، ولا يغزونَّ معكم أحد ارتدَّ حتى أرى رأيي".
حتى في هذا الوقت العصيب الذي يريد فيه أكبر عدد من الجند لم ينس أبو بكر غاية الفتح وغاية الجهاد وهي الإطاحة بالوثنية والشرك في كل صوره ؛ فلم يرد أن يجعل في جيشه إلا من ثبتوا على إسلامهم حين فُتِنَ الباقون وارتدوا، فكان ما أراد ولم يشهد الذين ارتدوا هذه المعارك، حتى سمح لهم بعد ذلك عمر بن الخطاب ؛ وذلك بعد أن اطمأنَّ لإسلامهم.
ثم رجع من أهل المدينة ومن حولها مَنْ أَذِنَا لهم بالرجوع؛ وذلك حتى لا يكونوا مُكْرَهِين على القتال كما أمر بذلك أبو بكر ، الذي أراد من وراء ذلك ألاّ يتصدع الجيشان، وأن يكون كلاهما في كامل إيمانه.
وبذلك تناقصت قوات كلا الجيشين حتى لم يعد يبق مع خالد بن الوليد في النِّبَاج إلا ألفان فقط!!
رجل بألف.. وخالد يستنفر المؤمنين:
منذ أن تلقى رسالة أبي بكر الأولى كان قد جمع خالد بن الوليد جيشه، وانطلق من اليمامة حتى نزل النِّبَاج (على بعد مائتي كيلو متر، حوالي ثلاثين ومائة ميل من اليمامة)، على رأس ألفين كانوا قد بقوا معه.
وأمام هذا العدد الضئيل جدًّا كان أن كتب كل من خالد وعياض إلى أبي بكر يطلبان المدد.
فأمد أبو بكر خالدًا برجل واحد فقط هو القَعْقَاعُ بن عمرو التميمي، وقبل أن يتعجب خالد دهش أهل المدينة فقالوا لأبي بكر: "أتمد رجلاً قد انفضَّ عنه جنوده برجل؟!" فأجابهم قائلاً: "لَصَوْتُ القعقاع في الجيش خير من ألف رجل"، "ولا يُهْزَمُ جيشٌ فيهم مثل هذا".
والشيء نفسه حدث مع عياض بن غنم حين أرسل أيضًا يطلب المدد، فأمده أبو بكر أيضًا برجل واحد هو عبد بن عوف الحميري، وقال عنه أيضًا: رجل بألف رجل.
وكان أن ذهب القعقاع بن عمرو وحده على فرسه مددًا إلى خالد بن الوليد في النِّباج.
وفي حالة استنفار عام أرسل خالد بن الوليد برسائل المدد والعون إلى كل المحيطين به في هذه المنطقة، فأرسل برسالتين إلى قبيلة تميم، وكان فيهم سُلْمَى بن القَيْن (له صحبة وهجرة) فجاءه بألف مقاتل، وأيضًا كان فيهم حَرْمَلَة بن مُرْيِط (له صحبة وهجرة أيضًا)، وقد جاءه على رأس ألف أيضًا.





ثم كتب إلى المثنى بن حارثة -وكان بجنوب العراق، وهو الذي بدأ الغارات على العراق- أن يأتيه، وقد بعث إليه بكتاب من أبي بكر يأمره بطاعته، فكان أن سمع وأطاع، وجاء إليه مسرعًا على رأس جيش من أربعة آلاف مقاتل.
وكان مذعور بن عدي أيضًا في جنوب العراق، وكان مع المثنى بن حارثة وقد اختلف معه في بعض الأمور وتكاتبا إلى أبي بكر، فكتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير مع خالد، فكان أن جاءه (مذعور) على رأس ألفي مقاتل.
ثم استطاع خالد بن الوليد أن يجمع مما بينه (في النِّباج) وبين العراق من قبيلتي ربيعة ومضر ثمانية آلاف مقاتل آخرين، وكل هؤلاء ممن لم يرتدوا قبل ذلك، وممن ظلوا على إسلامهم.
ونستطيع إذن أن نتحقق عدد الجيش كاملاً كما يلي:
- الأصل ألفان، وكانوا مع خالد بن الوليد منهم ألف من قبيلة طيِّئ الذين وقف فيهم عدي بن حاتم ومنعهم من الردة، وكانوا ممن ثبتوا على القتال، والألف الأخرى كانوا من صحابة رسول الله .
- ألفان من قبيلة تميم، منهم ألف على رأسهم سُلمى، وألف على رأسهم حرملة.
- ستة آلاف من جنوب العراق، كان منهم أربعة آلاف مع المثنى بن حارثة، وألفان مع مذعور بن عدي.
-----------------
يتبــــــــــــع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس