بسم الله الرحمن الرحيم
1- راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه،
هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطيبة،
ويتم السرور والابتهاج، ولذلك أسباب دينية،
وأسباب طبيعية، وأسباب عملية،
ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين.
2- وأعظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو:
الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
3- المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله
في كل ما يطرقه من السرور والمكاره.
لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أوالشر،
فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها،
وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح.
4- ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق:
الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف.
وكلها خير وإحسان، وبها يدفع الله عن البر والفاجر
الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن
منها أكمل الحظ والنصيب.
5- ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب،
واشتغال القلب ببعض المكدرات:
الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة،
فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه،
وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم
والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه،
وهذا السبب أيضا مشترك بين المؤمن .
6- فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار،
فحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجع:
(نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه،
واشتغاله بعمل من مهماته) .
7- ومما يدفع به الهم والقلق:
اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر،
وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل،
وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ
النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن.
8- ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته:
(الإكثار من ذكر الله) فإن لذلك تأثيرا عجيبا
في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه
وغمه، قال تعالى:
{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}الوسائل المفيدة
للحياة السعيدة (ص: 21)
09- وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة،
فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم الغم،
ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب
وأعلاها
حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض
أو غيرهما
من أنواع البلايا.
10- ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع:
استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم
في الحديث الصحيح حيث قال:
«انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا
إلى من هو فوقكم.
11- ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم:
السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم،
وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان
ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها،
ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث
والمحال، وأن ذلك حمق وجنون.
12- ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور:
استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله
عليه وسلم يدعو به: «اللهم أصلح لي ديني الذي
هو عصمة أمري،
وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي
التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير،
والموت راحة لي من كل شر».
13- ومن أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم
إذا حصل على العبد من النكبات:
أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأ الاحتمالات
التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه،
فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه
بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وبهذا السعي
النافع،
تزول همومه وغمومها.
------------------
زهرة السوسن / بلخزمر