عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-2015, 05:30 PM   #10169
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

هنا نقولات مهمة لأهل العلم، أسوق بعضها
بين يدي تفصيل الجواب:
قال القاضي عياض:
«ومثل هذا لو صدر اليوم من أحدٍ في حق النبي صلى الله عليه وسلم من تهمته في الحكم، ورميه فيه بالهوى والميل، لكان كفرًا يجب قتل قائله، لكنه عليه السلام كان أول الإسلام يؤلف ويدفع بالتي هي أحسن، وكان يصبر للمنافقين ومن في قلبه مرض على أكثر من هذا من التصريح والتعريض»[11].
وقال:
«وقد اختلف: هل بقي حكم جواز ترك قتلهم والإغضاء عنهم؟ أو نسخ ذلك آخرًا عند ظهور الإسلام عند قوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} وأنها ناسخة لما كان قبلها؟ وقيل: إنما العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم، فإذا أظهروه قتلوا»[12].
قال ابن حجر:
«كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح، ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الإسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه، ولذلك قال (لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه)، فلما حصل الفتح ودخل المشركون في الإسلام وقلَّ أهل الكفر وذلوا أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق، ولاسيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين»[13].
قال ابن تيمية:
«فإن الناس ينظرون إلى ظاهر الأمر فيرون واحدًا من أصحابه قد قُتل فيظن الظان أنه يقتل بعض أصحابه على غرض أو حقد أو نحو ذلك فينفر الناس عن الدخول في الإسلام، وإذا كان من شريعته أن يتألف الناس على الإسلام بالأموال العظيمة ليقوم دين الله وتعلو كلمته فلأن يتألفهم بالعفو أولى وأحرى، فلما أنزل الله تعالى براءة ونهاه عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم وأمره أن يجاهد الكفار والمنافقين ويغلظ عليهم؛ نسخ جميع ما كان المنافقون يعاملون به من العفو كما نسخ ما كان الكفار يعاملون به من الكف عمن سالم ولم يبقَ إلا إقامة الحدود وإعلاء كلمة الله في حق كل إنسان»[14].
قال السندي:
«ظاهر هذا الحديث يفيد أن المسلم لا يقتل المسلم بمثل هذه الكلمة المشتملة على مثل هذا التعريض المؤدي إلى إيذاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ ظاهر هذا الحديث يفيد أنه لا سلامة لم يتعرض له، وجعل إسلامه الظاهري علة لعصمته مع وجود هذه الكلمة منه، والقول بأن هذه الكلمة تقتضي قتله إلا أنه تركه لمراعاة التألف حتى لا يشتهر بين الناس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يقتل أصحابه، فإنه قد يؤدي إلى نفر قلوبهم عن الإسلام. يأبى عنه هذا الحديث»[15].
وخلاصة ما سبق:
أن الاعتبار النبوي في ترك عقوبتهم «لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه» مع المجاهرين من المنافقين يرجع لأمرين:
الأول: أن مجاهرتهم لم تكن من قبيل الكفر المحض الذي يثبت نفاقهم، وإنما هو من قبيل التعريض، فإقامة العقوبة عليهم ستكون مشتبهة كما سبق في المنافقين المستترين لأن الناس لا يعلمون حقيقة جرمهم الذي يستحقون به العقوبة.
الثاني: أن مجاهرتهم كفر ثابت عليهم، وإنما ترك عقابهم مع هذا لوجود الاشتباه الذي يتحقق معه مفسدة أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه.
وعلى هذا القول فإن هذا حكم منسوخ، كان في أول الإسلام وضعف المسلمين الذي كان يتحقق معه غلبة مفاسد إقامة مثل هذا الحكم، وقد زال هذا فلا يكون ثم حاجة لترك إقامة هذه الأحكام بسبب هذه المفسدة.
إلا أن هذا لا يمنع من إعمال الحكم حين يحدث من الضعف والحاجة مثل ما حدث في أول الإسلام.
قال ابن تيمية:
«فحيث ما كان للمنافق ظهور وتخاف من إقامة الحد عليه فتنة أكبر من بقائه علمنا بآية: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} [الأحزاب: 48] كما أنه حيث عجزنا عن جهاد الكفار عملنا بآية الكف عنهم والصفح وحيث ما حصل القوة والعز خوطبنا بقوله: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} فهذا يبين أن الإمساك عن قتل من أظهر نفاقه بكتاب الله على عهد رسوله عليه الصلاة والسلام إذًا لا نسخ بعده»[16].
وقال:
«فحاصله أن الحد لم يقم على واحد بعينه لعدم ظهوره بالحجة الشرعية التي يعلمه بها الخاص والعام، أو لعدم إمكان إقامته إلا مع تنفير أقوام عن الدخول في الإسلام وارتداد آخرين عنه وإظهار قوم من الحرب والفتنة ما يربى فساده على فساد ترك قتل منافق، وهذان المعنيان حكمهما باقٍ إلى يومنا هذا، إلا في شيء واحد وهو أنه صلى الله عليه وسلم ربما خاف أن يظن الظان أنه يقتل أصحابه لغرض آخر مثل أغراض الملوك فهذا منتف اليوم»[17].
----------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس