الزحام والاختناقات المروريه بالمدن
لقد أصبح الازدحام المروري ظاهرة يومية في حياتنا في كثير من مدننا، واصبح يشكل هاجسا يشغل بال الكثيرين، فتجد الجميع يسألون ويستفسرون عن الطرق التي تخلو من الازدحام ليرتادوها. ولا تتوانى الإذاعات عن اطلاع السائقين من خلال راديو السياره عن أحوال الطرق أولا بأول رغم عدم امكانية الانتقال من شارع الى اخر من جراء الازدحام في كل الطرق. كل ذلك ليس فقط لانسيابية حركة السير، ولكن كذلك للمشكلات النفسية والصحية التي ثبت أن للازدحام المروري والغرق في دوامته دورا كبيرا فيها؟
إن الازدحام المروري كابوس مزعج لكل مرتادي شوارع المدن الرئيسيه مثل جده والرياض ومكه والدمام وغيرها من المدن المكتظة بأكوام الحديد السيار والمطاط المحترق وغاز ثاني اكسيد الكربون الفواح.
ان مجرد التفكير في اقتحام الشارع بأي مدينه من المدن المكتظة بالسيارات لقضاء حاجة ما من السوق او الوصول للعمل او البيت او ايصال الابناء للمدرسه يصيب الانسان بالتوتر وهو لا يزال في مكانه ، فما بالك لو هناك حاله مرضيه طارئه تستدعي الوصول لمستشفى او مركز اسعافي ؟
من المحتم تفاقم حالة المريض قبل امكانية الوصول لأقرب مستشفى، ولا ننسى سيارات ومركبات الامن والدفاع المدني والاسعاف.
ومن نتاج الازدحام والاختناقات المروريه بشوارعنا ان جعل الناس لا تبالي ببعضها البعض ولا تعطيك العذر حتى لو معك حاله مرضيه تستدعي الانتقال السريع، بل اصبحت السمه الملاحظه ان كل سائق همه ان يتخطى الآخر ويحتل مكانه متقدمه في السير حتى بركوب الأرصفه واعتراض ومضايقة بقية السيارات ومخالفة مسارات السير حتى لو ادى ذلك الى وقوع بعض الحوادث، وهذا للاسف خلق حاله من التبلد والتحجر والانانيه والجمود الانساني والتوتر النفسي والأخلاقي لدى اصحاب وسائقي السيارات.
واصبح صوت المنبهات والزمامير والسب والشتم احيانا من السائقين لبعضهم شيئا مألوفا لحد ما بصوت عال احيانا وبصوت خافت احيانا اخرى.
والمشكله للاسف تتفاقم وتزداد تعقيدا اكثر فأكثر مع مرور الوقت وذلك لعدة اسباب نذكر بعضها هنا :
* ازدياد اعداد مالكي السيارات من الشباب وأبناء البلد بشكل عام.
* ازدياد مالكي وسائقي السيارات من العماله الاجنبيه بالبلد.
* هجرة المواطنين من الارياف الى المدن مع سياراتهم.
* توسع الأعمال التجاريه بالمدن مما يزيد عدد وسائل النقل المستخدمه.
* دوران سيارات التاكسي بشوارع المدن.
وكل تلك الأكوام من المركبات والسيارات والعربات تصب في نفس الشوارع التي لم تعد تتسع لعابريها ومرتاديها الا بشق الأنفس للاسف.
ولو كان الزحام والاختناقات المروريه في الشوارع الفرعيه او الداخليه فقط لهان الامر، لكن للاسف اصبح الزحام منظرا مألوفا طوال ساعات النهار بالشوارع الرئيسية والحيويه والسريعة منها.
وعلى ذلك فانه اصبح الامر ضروريا وهاما جدا لاجراء الدراسات العلميه والفنية العاجله لايجاد الحلول اللازمه للحد من تلك الازدحامات قبل ان تتوقف حركة السير بشوارع تلك المدن.
وقد يكون من الحلول الغاء بعض الاشارات المروريه ببعض الشوارع وتحويل مسار للبعض منها وازالة او تصغيربعض الارصفه الجانبيه لتوسيع الشوارع وانشاء وسائل مواصلات جمعيه مثل المترو الجاري حاليا تنفيذه في مدينة الرياض والذي نأمل ان يشكل حلا بعد تشغيله لاختناقات وزحام شوارع الرياض.
وكذلك يجب عمل نظام لسيارات الاجره بالاستدعاء التلفوني بدل اللف والدوران بالشوارع حيث ان اولئك السائقين يشكلون نسبه لابأس بها من مشكلة الزحام والاخلال بأنظمة السير ومساقطة السيارات.
وقد رأينا تنفيذ بعض الجسور والكباري ببعض الشوارع الرئيسيه بمدينة جده ولكنها لم تساهم كثيرا في فك الاختناقات بشوارع جده لان اعداد السيارات بالمدينه يفوق المتاح حاليا من الشوارع.
وقبل كل ذلك يجب تعزيز الوعي الجمعي للمجتمع تجاه ثقافة استخدام المواصلات الجمعيه بدل ان كل فرد من الاسره يستخدم سيارته الخاصه، حيث نرى في كل بيت عدد من السيارات يفوق عدد افراد الاسره، وحتى عند ذهابهم الى مكان ما بشكل جماعي نراهم يذهبون لكن كل واحد منهم بسيارته الخاصه.
لقد مررنا بمدن اخرى عالميه وكثير منها اكثر سكانا من مدننا ومع ذلك لا نرى تلك الاختناقات والازدحامات والتوترات نتيجة للوعي الجمعي والتخطيط السليم داخل مدنهم.
ولأن المشكله تتفاقم وتزداد سوءا سنه بعد اخرى، فان ذلك يتطلب من الجهات المعنيه بدء الدراسات والتخطيط السليم وايجاد الحلول وتنفيذها في اقرب الآجال.
كتبه / ابو مهنــــد
......