قصيده مميزه
قال الشاعر جواد ابو هليل ردا على السفيه وزير العدل المصري
(إلا أبا الزهراء)
قَدْ كُنْتُ أَجْتَنِبُ الْهِجاءَ تَرَفُّعًا *** مُتَسائِلًا: مَنْ يَسْتَحِقُّ هِجائي؟!
حَتّى تَطاوَلَ جاهِلٌ وَمُغَفَّلٌ *** سَفَهًا عَلى الْمَعْصومِ بِاسْتِهْزاءِ
فَسَلَلْتُ سَيْفَ الشِّعْرِ مِنْ غِمْدِ الْحِجا *** في وَجْهِ مَنْ هُوَ أَسْفَهُ السُّفَهاءِ
ما ثَمَّ أَحْمَقُ في الْوَرى لَمْ يُعْدِهِ *** فَغَدَتْ حَماقَتُهُ كَشَرِّ وَباءِ
أَنَاْ ما قَرَأْتُ عَنِ النِّفاقِ بِآيَةٍ *** إِلّا تَجَسَّدَ لي كَما الْحِرْباءِ
كَمْ مَرَّةٍ في الْيَوْمِ بَدَّلَ جِلْدَهُ *** وَغَدا لَدى فِرْعَوْنَ مِثْلَ حِذاءِ
ماذا أَقولُ لِمَنْ يُبَرِّئُ فاسِدًا *** وَيُدينُ ظُلْمًا أَشْرَفَ الشُّرَفاءِ؟
هُوَ عازِفُ الْقانونِ في مَنْظومَةٍ *** عَزَفَتْ لِمَنْ جاروا لُحونَ وَفاءِ
هُوَ سَيْفُ مَنْ ظَلموا وَكاتِبُ ظُلْمِهِمْ *** في شَرِّ مَحْكَمَةٍ وَشَرِّ قَضاءِ
أَحْكامُهُ ما بَرَّأَتْ إِلّا الَّتي *** نَسَبَتْ لِيوسُفَ تُهْمَةَ الْفَحْشاءِ
فَهَلِ السُّجونُ لِمَنْ هُمُ قَدْ أَفْسَدوا *** أَمْ أَنَّها حِكْرٌ عَلى الْفُقَراءِ؟
هُوَ بوقُ فِرْعَوْنَ الرَّخيصِ كَعِلْكَةٍ *** في حَمْلَةِ التَّشْهيرِ بِالنُّبَلاءِ
هُوَ كَلْبُهُ الْمَسْعورُ يُطْلِقُهُ عَلى *** أَحْرارِ شَعْبٍ طَيِّبٍ مِعْطاءِ
كَمْ كالَ لِلظُّلْمِ الْمَديحَ كَأَنَّهُ *** أُمٌّ لَهُ وَأَبٌ مِنَ الْآباءِ!
هُوَ مُسْتَشارُ الظّالَمينَ فَبِئْسَ مَنْ *** طَلَبوا الْمَشورَةَ مِنْ أَبي الْجُهَلاءِ
غَطَّوْا بِهِ سَوْءاتِهِمْ مِنْ حُمْقِهِمْ *** فَإِذا بِسَوْأَتِهِ بِدونِ غِطاءِ
عَرْيانُ مَنْ بِالْعُهْرِ دَثَّرَ إِسْتَهُ *** فَغَدا كَقِرْدٍ دونَ أَيِّ كِساءِ
قالوا: لَقَدْ زَلَّ اللِّسانُ، فَقُلْتُ: بَلْ *** كَشَفَ الْعَليمُ سَريرَةَ الْخُبَثاءِ
زَلّاتُ أَلْسُنِنا تُعَرّي ما اخْتَبا *** في الصَّدْرِ مِنْ حُبٍّ وَمِنْ بَغْضاءِ
قالوا: وَزيرٌ، قُلْتُ: يَحْمِلُ وِزْرَ مَنْ *** ظُلِموا مِنَ الْأَحْرارِ وَالنُّجَباءِ
عَهْدًا سَأَهْجو مَنْ يُسيءُ لِأَحْمَدٍ *** حَتّى وَإِنْ أَمْسى مِنَ الرُّؤَساءِ
يا مَنْ يَلومُ يَراعَتي أَقْصِرْ فَما *** شِعْرُ الْفَتى وَقْفٌ عَلى الْحَسْناءِ
إِنْ لَمْ يَثُرْ قَلَمي لِأَجْلِ الْمُصْطَفى *** لا كُنْتُ في يَوْمٍ مِنَ الشُّعَراءِ
أَنَاْ قَدْ أُسامِحُ مَنْ يُسيءُ إِلَيَّ أَوْ *** لِأَحَبِّتي إِلّا أَبا الزَّهْراءِ
|