الموضوع: عطر وحبر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-03-2016, 09:11 PM
الصورة الرمزية الراس الصغير
الراس الصغير الراس الصغير غير متواجد حالياً
 






الراس الصغير will become famous soon enough
7 عطر وحبر



تواصل مفقود




أعترف أنني أصاب بالغبطة بمجرد أن أرى أسرة من الجاليات المختلفة
التي تغص بها أرض بلادنا تقضي وقتها في التنزه بمكان ما،
وغالباً ما يكون الحدائق العامة.. الأب يحمل أحد الصغار ويطعم الآخر
وبالكثير من سعة الصدر يحاور الأبناء آباءهم..
ينصت الأب والأم لأحاديث صغارهم رغم بساطتها
وتتكرر تلك المشاهدات هناك بالدول الغربية بمستوى أكثر تحضراً
وأجواء أشد نظاماً وأوسع تفهماً لقيمة هذه المشاركة الأسرية
التي لها عندهم قدسيتها وكيانها، صورة حميمة تحمل معاني رائعة
لجوانب الأسرة الطبيعية.. الأسرة... أي أسرة.. عدا أسرنا..
عفواً أقصد بعض أسرنا المحلية التي لا تقيم لهذا التواصل قيمة تذكر
فنرى بناء المنزل متكاملا من صيانة ودهان وتجديد الأسلاك المهترئة
وأحواض الزرع المتآكلة.. بينما تعاني صمامات التواصل البشري
داخل ذلك البيت من الصدأ والإهمال وتنزف جوانب الاحتواء المعنوي قهراً وإهمالا...!!

نستنزف الوقت والجهد في بناء الطوب والحجر.. ولكننا لا نجد الوقت لبناء البشر..!!

تعاني كثير من أسرنا غياب الأب أو الأم ليس الغياب الجسدي
فهما غالباً ما يتناولان وجباتهما الأساسية مع الأبناء ؛
ولكن المعاناة تكمن في غيابهما أو أحدهما الغياب الروحي
الذي يحرم الأبناء من التواصل وقد لا يدرك كثيرون أهمية الحوار بينهم وبين أبنائهم...
أعني الحوار وليس الجدال.. أعني ممارسة الاختلاف في وجهات النظر
وليس الخلاف وانتهاء الجلسة بالاستياء والغضب..!

قد لا يدرك الآباء الأهمية العظيمة والقيمة الثمينة في ممارسة هذا التواصل
ومدى خطورة أن لا يجد الأبناء من يسمع أحاديثهم ويشاركهم في اهتماماتهم..

سر النزول إلى مستوى الأبناء ومحاكاة عقلياتهم واحترام آرائهم
مهما خالفت آراءنا يبدو أنه سر يستوعبه الغرب جيداً رغم أنه باب كبير
في أبواب فقهنا وعقيدتنا الإسلامية فكم موقف في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم
تجسد أهمية التواصل مع الأبناء ومنحهم حق الحوار وإبداء الرأي..

ذكر الأستاذ صالح الدقلة مشرف التدريب التربوي بوزارة التربية والتعليم
في أحد الدورات التي أقامها مؤخراً عن الحصانة العاطفية
مثالاً حول أهمية استغلال فرص الحديث مع الأبناء
في سبيل نقل خبرات الآباء لهم وتدعيم الحوار والتواصل
فقال إن بعض الآباء أثناء ذهابه مع أبنائه في السيارة يكون الجميع هنا معه
في حالة اجتماع إجباري من المهم استغلاله في نقل تلك الخبرات
إلا أن بعض الآباء للأسف الشديد يهدر هذا الوقت في أمور أخرى
فهو "الضمير يعود على الأب" يسمع أخبار العالم كله في الوقت
الذي لا أحد يستشيره في تلك الأحداث بينما لا يعلم أخبار بيته
وأحوال أبنائه الذين قد يشكل رأيه فاصلاً هاماً في حياتهم..

كتبه : هدى السالم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
لا اله الا الله
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس