ميخائيل متري وهبة شاعر النواعير
وفي الموال الثاني يجري الحوار بين صاحب النص ومن يعذبه الفراق – مثله – بينه وبين من يحب . شاعر النواعير ميخائيل متري وهبة (أبو متري ) الذي استقر في (حماه) ، قادماً من ( حلب ) :
" ناعورة الحولها أهل الغرام ملماي ( ملمومون )
بعنينها أجرحت قلبي وزاد الماي ( ألمي )
قلت : كفين ترداد البكا ع الماي ( الماء )
لا تعلميني مصابك ولعليكي شجر ( ما جرى )
آني مفارق ربوعي والديار وشجر ( مانجر إليه )
قالت : وني كنت في روضاي أعلى شجر
قصوا فروعي وجابوني تشيل الماي "!
فالحوار هنا ، كما نرى ، منتزع من بعض صور البيئة وحركتها اليومية القائمة بين السمع والبصر ، تسمع الأذن انينها ، وتراها العين وهي تدور ، تنقل الماء على كتفيها ليل نهار . فأعار الخشب لسانه ، وحمله شكواه من قسوة الأقدار .
لو جمعت هذه النصوص ، بصفتها تراثاً شعبياً ، يفضي درسه مع مجموعة الأمثال الشعبية ، ومنظومة التقاليد والقيم ، وضروب الزجل الأخرى – إلى تعميق المعرفة بأنفسنا وحقائق تكوينها وتقيمها الأشياء من حولها ، وبحياتنا ونظمها ، وما أصابها من تطور وتجديد في ميادينها كافة ، حسب منهج يقوم على الإيمان بوحدة صور الحياة في هذا الوطن كله ، من المحيط إلى الخليج ، ووحدة الإنسان ، ووحدة الأرض ، ووحدة التراث ، لوجدنا ما يبذل في جمعها ، من الجهد والمال ، هيناً مهما بلغ .
وقد ينفع جمعها في تلمس أثر هذا التراث الشعبي في أدب اللغة المكتوبة ، وإغناء كتابها وأدبائها بصور الحياة من حولهم ، واستيحائها ، من بعد ، في الأجناس الأدبية التي يكتبونها ، في الرواية والقصة والمسرح والشعر ، كما يعكس صوراً من التطور الذي أصاب حياتنا اللغوية .
من محاضرة الدكتور عبد الكريم الأشتر
في مديرية الثقافة في حلب
بعنوان
{ الموقف من الأدب الشعبي ، وكيف ينبغي أن يكون ! }
|