هناك احتمال أن يكون زمان ذي القرنين مُغرقاً في القِدم. ويبدو أنّ مهمّتهُ كانت تتعلق بدفع تطور الأمم المختلفة، والتي هي في مرحلة التبلور، وليس هناك ما يدل على اقتصار مهمّتهُ على الأمم الثلاث التي أشير إليها في سورة الكهف. ويتّضح لمن يتدبر الآيات الكريمة أنّ كل أمّة من هذه الأمم كانت تختلف عن الأخرى؛ فالأولى بلغت من النضوج مبلغاً يجعلها مؤاخذة بأعمالها، والثالثة لا تكاد تفقه قولا، وهي مستضعفة ومعتدى عليها من قبل أُمّتين أصلهما واحد، بدلالة تقارب الاسمين، (يأجوج ومأجوج)، وبدلالة تحالفهما في العدوان على هذه الأمّة الضعيفة. إنّها أمّة تحسُّ بضرورة وجود حاجز يحفظها من عدوان الأقوياء، ويتيح لها أن تبلور شخصيتها بعيداً عن الآخرين. جاء في الآية 94 من سورة الكهف:"قالوا يا ذا القرنينِ إنّ يأجوجَ ومأجوجَ مفسدونَ في الأرض، فهل نجعلُ لك خَرْجاً على أنْ تجعلَ بيننا وبينهم سدّاً".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|