عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-03-2008, 12:50 PM
الصورة الرمزية شموع الأمل
شموع الأمل شموع الأمل غير متواجد حالياً
 






شموع الأمل is on a distinguished road
2 &&(جانْجي) فاتحةُ خَيْر أم خطأ فني في الرواية السعودية .&&

[align=center]
:: (جانْجي) فاتحةُ خَيْر أم خطأ فني في الرواية السعودية .
جريدة الوطن
الثلاثاء, 29 يناير, 2008




طاهر أحمد الرحيمي الزهراني

الكاتبة سورية / لبابة أبو صالح

ما أَدْرَكْتُهُ للوهْلَةِ الأولى مما تَرَكه الروائي "طاهر أحمد الزهراني" على ظهر روايته "جانجي" أنّهُ يطمَحُ لتبقيعِ ثوبِ الروايةِ السعوديةِ ببقعةٍ بيضاءَ , بعد أن صَبغته موجةُ الرواية الفضائحية بلونِ العارِ.. يطمحُ لهذا حتى لوْ أَفْسَدَ هذا الثوبَ بِبقعته !
وما بالك و أنت تقرأ فصاحَةَ ما كتَبَهُ الزهرانيُّ عن وَضْعِ العالَمِ , أو حين تقرأ ما تترجمه الرواياتُ من قذارةٍ و تحشو به دور النشرِ , لتحشو الأخيرةُ جيوبها بالمالِ !!
أنا أيضًا أُلحِقُ الشتيمةَ بهذا العالَمِ , مع أن عصرنا لا ذنبَ له أبدًا , فكل العصور محشوةٌ بالقذارةِ لا عصر يخلو.. و كُلُّ المجتمعاتِ مليئةٌ بالرذيلَةِ لا شيءَ مختلفٌ ها هنا.. لَكِنَّ الرغبةَ في نشرِ الغسيل المتسخِ عبر فَنٍّ يجب أن يقوم على الجمالية يجعلني أشتم العالَمَ جِدًّا !!
لِماذا أشعر بأن الروايةَ السعوديةَ - الفضائحية - تكتبها ثُلَّةٌ من المتسلقة , يبحثون عن الشهرة و عن المالِ , و عن كُرسيٍّ دَوارٍ في إحدى القنواتِ الفضائية !
يتحدَّثُ طاهر في روايته عن شيءٍ جميلٍ حقًّا.. عن معنى (الصَّداقة) و ذلك أثناءَ حديثه عن (الجُرْمِ) و (الظُّلْمِ) و (الجبروت)... إنه يُمَرِّرُ معنًى قديمًا عتيقًا من معاني الإنسانيةِ الغائبة.. في روايةٍ سريعَةِ السردِ , نجيبةِ الفصولِ.. يأتي على المرأة , فيجعلها كائنًا يُشارِكُهُ الهَمَّ دونَ أن يستبيحَ جَسَدها و حُرمتها.. يجعلها كائنًا مُقَدَّسًا فعلا , و لَمْ يُدَنِّسْها كما فعلَ الروائيون المتسلقون !
أرى أن (الزهراني) سيزرع بذرةَ الخَجَلِ في نفوسِ الروائيين , لتنمو في حروفهم , و تزيلَ خَيْبَتنا بمضامينهم ! صحيح أنه لم يُعْنَ كثيرا باللغةِ و لَمْ يتفننْ بالسرد , إلا أنه كتب شيئا مختلفًا يستحق الإشادة !!
يقول الفيلسوف ديموقريط : " إن الجمال : هو الاعتدال في كل شيء , لا يعجبني النقص و لا تعجبني الزيادة و من يتجاوز المعيار الصحيح تنقلب أمتع الأشياء عنده إلى أشد الأشياء ازعاجًا ".. و أخال أن الروايةَ هذا الفنَّ الجميل , يكاد يصبح عند أغلبية الروائيين السعوديين من أشد الأشياء إزعاجاً !
أما سقراط فيرى : " أن (الملائم) لا يفعل شيئا سوى أنه يجعل الشيء يبدو أكثر جمالا " , فلماذا لا تتلاءمُ الروايةُ السعودية مع مجتمعها و تكتب عنه بشموليةٍ و اعتدالٍ.. ليصبح فنُّ الروايةِ هنا فَنًّا جميلا غير مزعجٍ !
أيها الروائيون المتسلقون , أَلا تقرؤون أسلافكم , ألم تقرؤوا قولَ عبد الرحمنِ شكري : " مهما بلغنا من الشجاعَةِ فلا بُدَّ أن فينا من الجبن و الحزمِ و احترامِ النفسِ ما يُغري بإخفاء كثير من النقائص ".
فلقد جَعَلَ من احترامِ النَّفسِ أن نُخفي كثيرا من النقائصِ في مجتمعنا , و إن كنتم ممن يؤمن بأن الاعترافَ بالخطيئةِ سبيلٌ للتخلُّصِ منها , و أن الرواية هي صَكُّ الاعترافِ بها , فلمْ لا نعترف بِخَجَلٍ لا بوقاحةٍ و فضائحية ؟!
ثُمَّ إن الروايةَ حقلٌ أدبيٌّ صعبٌ , و الكتابَةُ فيه يجبُ ألا تكونَ سهلةً -كما نجدها الآن - فنحنُ نكتب عن مجتَمَعٍ صَعْبٍ , و عن بَشَرٍ لا يتشابهون , نكتب تاريخنا.. و لا يَجِبُ أن نُضيفَ لهذا التاريخِ روايةً مقصوصةً بعبَثٍ , قد قصصناها بِسُرْعَةٍ لِغاياتٍ دَنِيَّة (من الدنُوِّ و ليس من الدَّناءة) , فَلْننْتَبِهْ على الأقَلِّ ألا نَقُصَّ أصابِعنا و ثَوابِتنا و نَحْنُ نقُصُّ أفكارنا في رواية.. و للأسفِ , فإن الرواياتِ التي تُنْجِبها دورُ النَّشْرِ , و تنطَرِحُ كالأرز على رفوفِ المكتباتِ , ليستْ أكثر من عَبَثٍ لُغَويٍّ.. و لا شيءَ يلفت الانتباه كالعبَثِ , كَمْ من قارئ قال عقب قراءةِ هذه الروايات :" إنها من الناحِيَةِ الفَنِّيَّةِ رائعة , و من حيث المضمون فَصِفْرٌ مُستَديرٌ مُستَطيرٌ ".
ربما لَمْ يَحِنْ الوقتُ لكتابَةِ روايةٍ تُضيفُ إلى هذا الفَنِّ ما يجعلكم عالميين ,اصبروا قليلا , و اقرؤوا أولئكَ الذين كتبوا عن مجتمعهم بحذاقةٍ و نجابة , ماركيز مثلا , ألا ترونه يقتَطِعُ في رواياته شرائح عدة يجدها في مجتمعه , يصورها بعينٍ ذكيةٍ , يمرُّ على كُلِّ أطيافها , يسمحُ لهم بالتحدُّثِ , يدخل إلى ذواتهم , يعريها , تخرج من قراءته بِكَمٍّ هائلٍ من المعرفةِ و المتعة , إنه يكتب في الفنِّ و بجماليةٍ بالغة..
ماذا عن تولستوي , إذا ما تَحَدَّثَ عن الرذيلةِ لَمْ يُصوِّرِ التفاصيلَ كشيطانٍ يفرَحُ بخطايا الناس , إنه يُشير إليها و لا يتولاها بلِغته , فهو يعرف معنى أن يدورَ حول الحمى , لأنه يرمي إلى كتابَةِ روايةٍ لا نفاية!
إن كان هؤلاءِ الغرب , فكيفَ بنا نحن العرب أهل العفةِ و المروءة ؟!
أيها الأُدباء , لَوْ لَمْ تتكرر بُقَعُ البياضِ في ثوبِ الروايةِ السعودية , فلا شَكَّ أنكم تسيرون بأدبكم و تاريخكم و مجتمعكم إلى هُوَّةٍ سحيقَةٍ لا غوثَ فيها و لا نجاة !

[/align]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
[img][/img]

أخر مواضيعي
رد مع اقتباس