عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-04-2008, 06:40 PM
محمد القفاري العزيزي محمد القفاري العزيزي غير متواجد حالياً
 






محمد القفاري العزيزي is on a distinguished road
Post معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية

معركة اليرموك
وقعة معركة اليرموك يوم الإثنين (5‏‎ ‎من رجب لعام 15 هـ)‏‎
في بلاد الشام بين العرب المسلمين‎ ‎والإمبراطورية البيزنطينية (الروم) ويعتبرها بعض المؤرخين من أهم المعارك في تاريخ‎ ‎العالم ‏لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم‎ ‎الإسلام السريع في إنحاء المعمورة‎
الاستعداد‎ ‎للمعركة‎
تولَّى‎ ‎خالد بن الوليد‎ ‎القيادة‎ ‎العامة للجيش بتنازل كريم من أبي عبيدة بن الجراح، الذي كان له السلطة العامة على‎ ‎جيوش المسلمين ‏بالشام، وكان خالد من أعظم الناس بلاء وأعظمهم بركة وأيمنهم‎ ‎نقيبة.بدأ خالد في تنظيم قواته، وكانت تبلغ 36 ألف مقاتل، وقسَّم ‏الجيش إلى كراديس،‎ ‎أي كتائب، وتضم ما بين 600 إلى 1000 رجل، والكردوس ينقسم إلى أجزاء عشرية؛ فهناك‏‎ ‎العرّيف الذي ‏يقود عشرة من الرجال، وآمر الأعشار الذي يقود عرفاء (100 رجل)، وقائد‎ ‎الكردوس الذي يقود عشرة من أمراء الأعشار ‏‏(1000) رجل‎.
ويُجمِع المؤرخون على أن‎ ‎خالد بن الوليد هو أول من استحدث تنظيم الجيوش على هذا النحو، وعُدَّ عمله فتحا في‎ ‎العسكرية ‏الإسلامية؛ فقد اختار رجال الكردوس الواحد من قبيلة واحدة أو ممن يعودون‎ ‎بأصولهم إلى قبيلة واحدة، وجعل على كل كردوس قائدا ‏منهم ممن عُرفوا بالشجاعة‎ ‎والإقدام، ثم جمع الكراديس بعضها إلى بعض وجعل منها قلبا وميمنة وميسرة، وكان على‎ ‎رأس كراديس ‏القلب أبو عبيدة بن الجراح، ومعه المهاجرون والأنصار، وعلى كراديس‎ ‎الميمنة عمرو بن العاص ويساعده شرحبيل بن حسنة، ‏وعلى كراديس الميسرة يزيد بن أبي‎ ‎سفيان.وبلغت هذه الكراديس 36 كردوسًا من المشاة، بالإضافة إلى عشرة كراديس من‏‎ ‎الخيالة، ‏يقف أربعة منها خلف القلب واثنان في الطليعة، ووزعت الأربعة الباقية على‎ ‎جانبي الميمنة والميسرة.أما جيش الروم فكان يضم نحو ‏مائتين وخمسين ألف مقاتل،‎ ‎يقودهم "ماهان"، وقد قسّم جيشه إلى مقدمة تضم جموع العرب المتنصّرة من لخم وجذام‏‎ ‎وغسان، ‏وعلى رأسها "جبلة بن ألأيهم"، وميمنة على رأسها "قورين"، وميسرة على رأسها‎ "‎ابن قناطر"، وفي القلب "الديرجان"، وخرج ‏ماهان إلى المسلمين في يوم ذي ضباب،‎ ‎وصَفَّ جنوده عشرين صفا، ويقول الرواة في وصف هذا الجيش الرهيب: "ثم زحف إلى‎ ‎المسلمين مثل الليل والسيل‎".
وفي فجر يوم الاثنين (5 من رجب 15 هـ) أصبح‎ ‎المسلمون طيبةً نفوسهم بقتال الروم، منشرحة صدورهم للقائهم، واثقة قلوبهم من ‏نصر‎ ‎الله، وخرجوا بالنظام الذي وضعه القائد‎
العام يحملون رايتهم.وسار أبو عبيدة في‎ ‎المسلمين يحثُّ الناس على الصبر والثبات، يقول لهم: يا عباد الله انصروا الله‎ ‎ينصركم، ‏ويثبت أقدامكم، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة‎ ‎للرب؛ فلا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ‏ولا تبدءوهم بقتال، وأشرعوا‎ ‎الرماح، واستتروا بالدرق، والزموا الصمت إلا من ذكر الله حتى آمركم.وخرج معاذ بن‎ ‎جبل يقول ‏للناس: يا قراء القرآن ومستحفظي الكتاب وأنصار الهدى وأولياء الحق، إن‎ ‎رحمة الله- والله- لا تُنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا ‏يؤتي الله المغفرة‎ ‎والرحمة الواسعة إلا الصادقين المصدّقين بما وعدهم الله (عز وجل)، أنتم- إن شاء‏‎ ‎الله- منصورون، فأطيعوا الله ‏ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن‎ ‎الله مع الصابرين، واستحيوا من ربكم أن يراكم فرارا من عدوكم وأنتم في ‏قبضته‎ ‎ورحمته، وليس لأحد منكم ملجأ من دونه‎.
اللقاء الحاسم‎ ‎ونتائجه‎
زحفت صفوف الروم الجرارة من مكانها‎ ‎إلى المسلمين، لهم دويٌّ كدوي الرعد، ودخل منهم ثلاثون ألفًا كل عشرة في سلسلة حتى‎ ‎لا ‏يفروا، قد رفعوا صلبانهم، وأقبل معهم الأساقفة والرهبان والبطارقة.وحين رأى خالد‎ ‎إقبالهم على هذا النحو كالسيل، وضع خطته أن ‏يثبت المسلمون أمام هذه الهجمة الجارفة؛‎ ‎حتى تنكسر وتتصدع صفوف الروم، ثم يبدأ هو بالهجوم المضاد.وكان خالد بن الوليد رابط‎ ‎الجأش ثابت الجنان وهو يرى هذه الجموع المتلاحقة كالسيل العرم، لم ترهبه كثرتهم،‎ ‎وقد سمع جنديا مسلما قد انخلع قلبه لمَّا رأى ‏منظر الروم، يقول: ما أكثر الروم وأقل‎ ‎المسلمين- فانزعج من قولته وقال له: ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود‎ ‎بالنصر ‏وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، أبالروم تخوّفني؟‎!
تلاحم الفريقان وشد‎ ‎الروم على ميمنة المسلمين حتى انكشفت، وفعلوا كذلك بالميسرة، وثبت القلب لم يتكشف‎ ‎جنده، وكان أبو عبيدة ‏وراء ظهرهم؛ ردءا لهم، يشد من أزرهم، وأبلى المسلمون بلاء‎ ‎حسنا، وثبت بعضهم كالجبال الراسخات، وضربوا أروع الأمثلة في ‏الشجاعة وتلبية النداء،‎ ‎وقاتلت النساء أحسن قتال.تحمل المسلمون هذا الهجوم الكاسح بكل ثبات؛ إذا اهتز صف‎ ‎عاد والتأم ورجع الى ‏القتال، حتى إذا جاءت اللحظة التي كان ينتظرها القائد النابغة‎ ‎خالد بن الوليد صاح في القوم: يا‎ ‎أهل الإسلام، لم يبق عند القوم من ‏الجلد والقتال‎ ‎والقوة إلا ما قد رأيتم، فالشدة، الشدة فوالذي نفسي بيده ليعطينكم الله الظفر عليهم‎ ‎الساعة‎.
وزحف خالد بفرسانه الذين لم يقاتلوا، وكان يدخرهم لتلك الساعة الحاسمة،‎ ‎فانقضوا على الروم الذين أنهكهم التعب واختلت ‏صفوفهم، وكانت فرسان الروم قد نفذت‎ ‎إلى معسكر المسلمين في الخلف، فلمَّا قام خالد بهجومه المضاد من القلب حالَ بين‎ ‎مشاة ‏الروم وفرسانهم، الذين فوجئوا بهذه الهجمة المضادة؛ فلم يشتركوا في القتال،‎ ‎وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء، تاركين ميدان ‏القتال. ولمَّا رأى المسلمون خيل‎ ‎الروم تهرب أفسحوا لها الطريق ودعوها تغادر ساحة القتال. انهار الروم تماما،‎ ‎وتملَّكهم الهلع ‏فتزاحموا وركب بعضهم بعضا وهم يتقهقرون أمام المسلمين الذين‎ ‎يتبعونهم؛ حتى انتهوا إلى مكان مشرف على هاوية تحتهم، فأخذوا ‏يتساقطون فيها ولا‎ ‎يبصرون ما تحت أرجلهم، وكان الليل قد أقبل والضباب يملأ الجو، فكان آخرهم لا يعلم‎ ‎ما يلقى أولهم، وبلغ ‏الساقطون في هذه الهاوية عشرات الألوف، وتذكر بعض الروايات‎ ‎أنهم كانوا ثمانين ألفا، وسميت تلك الهاوية "الواقوصة"؛ لأن ‏الروم وقصوا فيها، وقتل‎ ‎المسلمون من الروم في المعركة بعدما أدبروا نحو خمسين ألفا، خلاف من سقطوا في‎ ‎الهاوية‎.
ولما أصبح اليوم التالي، نظر المسلمون فلم يجدوا في الوادي أحدا من‎ ‎الروم، فظنوا أن الروم قد أعدوا كمينا، فبعثوا خيلا لمعرفة ‏الأمر، فإذا الرعاة‎ ‎يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الهاوية أثناء تراجعهم، ومن بقي منهم غادر المكان‎ ‎ورحل‎.
كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثرا في حركة‎ ‎الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم- أقوى جيوش العالم ‏يومئذ- هزيمة قاسية، وفقد‏‎ ‎زهرة جنده، وقد أدرك هرقل حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر المنطقة نهائيا‎ ‎وقلبه ينفطر حزنا، ‏وهو يقول: "السلام عليك يا سوريا، سلاما لا لقاء بعده، ونعم‎ ‎البلد أنت للعدو وليس للصديق، ولا يدخلك رومي بعد الآن إلا خائفا‎".
وهكذا فقد‎ ‎نصر الله المسلمين في هذه المعركة الحاسمة التي كانت مفتاح الفتوحات في بلاد الشام،‎ ‎ولا شك أن الإيمان وحده هو الذي ‏كان سبب نصر المسلمين في معركتهم ضد الروم على‎ ‎الرغم من قلتهم وقلة إمكانياتهم‎.
نسال الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين ويعود‎ ‎العز والنصر للمسلمين
0‏‎
أهم مصادر‎ :-
‎• ‎ابن جرير الطبري: تاريخ الأمم‎ ‎والملوك‎-
‎• ‎محمد عبد الله الأزدي: تاريخ فتوح الشام‎-
‎• ‎أحمد عادل كمال‎: ‎الطريق إلى دمشق‎-
‎• ‎الموسوعة الحره0‏