عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-05-2008, 02:36 PM
الصورة الرمزية ابو عادل العدواني
ابو عادل العدواني ابو عادل العدواني غير متواجد حالياً

إداري أول
 






ابو عادل العدواني is on a distinguished road
افتراضي الحكمة من إخفاء عذاب القبر عن البشر


عذاب القبر من أمور الغيب ، وكم من إنسان في هذه المقابر يعذب ونحن لا نشعر به ،

وكم جار له منعم مفتوح له باب إلى الجنة ونحن لا نشعر به، فما تحت القبور

لا يعلمه إلا علام الغيوب ، فشأن عذاب القبر من أمور الغيب ،

ولولا الوحي الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ، ما علمنا عنه شيئاً ،

ولهذا لما دخلت امرأة يهودية إلى عائشة وأخبرتها أن الميت يعذب في قبره فزعت

حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته وأقر ذلك عليه الصلاة والسلام ،

ولكن قد يُطلِعُ الله تعالى عليه من شاء من عباده ،

مثل ما أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على الرجلين اللذين يعذبان ،

أحدهما يمشي بالنميمة ، والآخر لا يستنزه من البول .

والحكمة من جعله من أمور الغيب هي:


أولاً : أن الله – سبحانه وتعالى – أرحم الراحمين فلو كنا نطلع على عذاب القبور

لتنكد عيشنا، لأن الإنسان إذا اطّلِع على أن أباه ، أو أخاه ، أو ابنه ، أو زوجه ،

أو قريبه يعذب في القبر فإنه يقلق ولا يستريح . وهذه من نعمة الله سبحانه .


ثانياً : أنه فضيحة للميت فلو كان هذا الميت قد ستر الله عليه ولم نعلم

عن ذنوبه بينه وبين ربه عز وجل ثم مات وأطلعنا الله على عذابه ،

صار في ذلك فضيحة عظيمة له ففي ستره رحمة من الله بالميت .


ثالثاً : أنه قد يصعب على الإنسان دفن الميت كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام

: " لولا ألا تدافنوا لسألت الله أن يسمعكم من عذاب القبر" رواه مسلم 2868 .

ففيه أن الدفن ربما يصعب ويشق ولا ينقاد الناس لذلك ، وإن كان من يستحق

عذاب القبر عذب ولو على سطح الأرض ، لكن قد يتوهم الناس أن العذاب لا يكون

إلا في حال الدفن فلا يدفن بعضهم بعضاً.


رابعاً: أنه لو كان ظاهراً لم يكن للإيمان به مزية لأنه يكون مشاهداً لا يمكن إنكاره ،

ثم إنه قد يحمل الناس على أن يؤمنوا كلهم لقوله تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده )

غافر / 84 ، فإذا رأى الناس هؤلاء المدفونين وسمعوهم يتصارخون آمنوا وما كفر

أحد لأنه أيقن بالعذاب ، ورآه رأي العين فكأنه نزل به .

وحِكَم الله سبحانه وتعالى عظيمة ، والإنسان المؤمن حقيقة هو الذي يجزم بخبر الله أكثر

مما يجزم بما شاهده بعينه ؛ لأن خبر الله عز وجل لا يتطرق إليه احتمال الوهم ولا الكذب ،

وما تراه بعينيك يمكن أن تتوهم فيه ، فكم من إنسان شهد أنه رأى الهلال، وإذا هي نجمة ،

وكم من إنسان شهد أنه رأى الهلال وإذا هي شعرة بيضاء على حاجبه وهذا وهم ،

وكم من إنسان يرى شبحاً ويقول:هذا إنسان مقبل، وإذا هو جذع نخلة ، وكم من إنسان

يرى الساكن متحركاً والمتحرك ساكناً ، لكن خبر الله لا يتطرق إليه الاحتمال أبداً.

نسأل الله لنا ولكم الثبات ، فخبر الله بهذه الأمور أقوى من المشاهدة ،

مع ما في الستر من المصالح العظيمة للخلق .

والله أعلم
منقول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



أخر مواضيعي