عرض مشاركة واحدة
قديم 23-06-2008, 03:12 AM   #4
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

غياب المنتج وحضور الإنتاج
خالد محمد الزهراني







من هنا البدء.. حينما تكون الكتابة.. عن الغائب جسداً.. الحاضر أبداً في ضمائرنا وعقولنا.. المؤرخ علي بن صالح السلوك... حيث الإنتاج الإرث الثمين.. من المؤلفات التي أبقتنا رغم تسارع عجلة الزمن والحياة على علاقة وصلة متينة وموثقة بماضينا وجذورنا..فغدت علامة الوصل بين قيمة الأصالة ووعي المعاصرة..؟!

السلوك.. المؤرخ الحقيقي والمرجعية الصادقة لتاريخ منطقة الباحة.. حيث استقى من مؤلفاته ولها.. كبار المؤرخين في الجزيرة العربية.. االموثق لذي حفظ لنا ما تبقى من إبداعات أدباء وشعراء منطقة الباحة ورسخ في أذهاننا تأثيرهم في إثراء النسق الثقافي العام بمختلف تياراته على مدى أجيال وعصور.. فمؤلفاته تعد سيرة ذاتية مفصلة عن الغرض الذي كُتبت فيه..

أستاذنا ومربينا الفاضل علي السلوك.. كلنا نجلّك ونستظل تحت الوارف من إنتاجك الرصين.. كنا وما نزال وسنظل.. لقد قام أستاذنا السلوك.. أمده الله بالصحة وأحسن له الختام.. بواجبه تجاه جيله وأجيال كثر ستعي قيمة ما تركه فيما يتصل بالإرث والموروث.. لكني ألمح تساؤلات عده تنتظر إجاباتها منا نحن أبناء هذا الجيل وتحديداً المعنيين بالجانب المعرفي والثقافي.. تجاه هذا الشامخ ليس أولها: هل قمنا بواجبنا العلمي تجاهه وتجاه منتجه التوثيقي؟ ولن يكون آخرها هل نحن قادرون على رد الجميل؟ليت هذا الاحتفاء.. الذي جاء رغم أنف الاختفاء.. يستحث القادرين من أهل الوفاء لتكريم هذا الرمز تكريماً يليق بسيرته ومسيرته..

أستاذنا علي السلوك.. إننا ما بين غفوة المستحيل وصحوة الرحيل نبتهل إلى الله بأن يجزل لك المثوبة ويحسن لك الختام..إنه سميع مجيب.


القامة والقيمة
د.محمد بن سعيد العلم







يقف القلم حائراً عندما أحاول الكتابة عن رجل بقامة الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني - شفاه الله - فهل أكتب عن الأستاذ علي المؤرخ الأمين، أم

الإداري المخلص، أم الجغرافي المطلع، أم الكاتب والأديب الفذ، أم المؤسس للجمعيات الخيري أم المهتم بقضايا الشباب؟!

وليعذرني القارئ وبالذات أولئك الذين عرفوا أبا زهران وتعاملوا معه عن قرب، إن لم أعطه حقه في تلك الجوانب المتعددة التي لو كتب عنها لطال بي المقام.

برز الأستاذ علي السلوك وعرفه الناس من خلال تعاملهم معه إبان عمله في عدد من المناصب بإمارة منطقة الباحة.

وفي الحقيقة، إن أبا زهران رغم الحساسية المحيطة بعمله بين أبناء منطقته استطاع أن يصل إلى قلوب الناس ويكسب ودهم. فكان - شفاه الله - يد العون - بعد الله - لمن يعرف ومن لا يعرف وربما كان لوقوفه بجانب المحتاجين والمحرومين سبباً في معرفة الناس وحبهم له.

وأتذكر عندما كنت أدرس في السادسة عشرة من العمر أن والدي - شفاه الله - كلفني باصطحاب أحد أصدقائه المقربين إلى منزل أبي زهران، وما زلت أتذكر عبارات ذلك الرجل الذي كان بصحبتي وثناءه الجم على (السلوك) حسبما سمعه عن أصدقائه، ما جعلني أتوق إلى لقائه والتعرف عليه.

وعند وصولنا إلى فناء منزله، إذا بذلك الرجل الذي تعلو الابتسامة محياه يستقبلنا ويرحب بنا وكأنه يعرفنا منذ عشرات السنين، رغم أنني والرجل الذي معي لم نره قبل ذلك الحين.

خرجت من منزل أبي زهران - وأنا أحمل الكثير من الحب والتقدير لذلك الرجل الذي أحسست أنني تعلمت منه الكثير خلال تلك الزيارة وما تركته من آثارها في نفسي، وعلمت لماذا حب الناس هذا الرجل ولماذا سطع نجمه في إمارة الباحة. أما صاحبي فقد كان في غاية السرور والسعادة، وظل يدعو لأبي زهران لوقوفه بجانبه أثناء محنته.

وأذكر أنه قال لي إن من الناس من يرزقه الله منصباً إدارياً ويسعى في تيسير أمور الناس وخدمتهم وحل مشاكلهم - كما فعل أبوزهران معي - سيعلي الله شأنه ويوسع في رزقه.

لقد أسهم أبوزهران في نشر ثقافة الحب والإخاء والتعاون وعمل الخير والحث علي فعله في مجتمعه، ولم يكن يعمل ذلك بغية الثناء ولكن من واقع نزعة داخلية مؤصلة في نفسه - شفاه الله - تحب الخير للقريب والبعيد وإن كان هنالك من تمييز بين اثنين فهو لصالح المحتاج، والفقير، والمكلوم، ومن جار عليه الزمن. هكذا عرف الناس أبا زهران. فما أن يعرف شخصُ أن فلاناً ألمت به ملمة حتى ويدله على أبي زهران، كما فعل والدي مع صديقه. ومما يميز أبا زهران أنه كان يسعد بذلك وهذا أحسبه دليلا ثابتا على حبه للخير - شفاه الله - والمتأمل في بعض أعماله الخيرية يجد أن الرجل يملك بين أضلعه قلبا رحوما ومحبا للخير. فقد أسس عددا من الجمعيات الخيرية التي أسهم فيها بماله وجهده وجاهه.

ومن ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - الجمعيات التعاونية والخيرية بقرن ظبي (إحدى قرى قبيلة زهران) في عام 1398هـ.

ولعل القارئ يعلم أن ظروف الناس المادية آنذاك وسبل العيش لم تكن ميسرة كما هي الآن.

وكان من أعماله الخيرة - شفاه الله - إسهامه في تحديد المهور والعمل مع أمثاله من وجهاء القبيلة على ما اصطلح عليه ب(الزواج الجماعي) بغية البعد عن الإسراف والتبذير وتيسير أمور الشباب والشابات.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ على السلوك، ذلك الرجل الذي خدم دينه ووطنه وأبناء منطقته بكل تفان وإخلاص. وأدعو الله - عز وجل - أن يشفيه وأن يجعل ما قدمه من أعمال خيرة في ميزان أعماله.

ولعلي أختم بهمسة في أذن أبي زهران - شفاه الله - أعتذر إن لم يشمل مقالي كل جوانب حياتك وخصالك الحميدة، فأنت تعلم أنك مكتبة احتوت على عدد من المعارف التي يصعب ورودها في مقال من بضعة أسطر. أهنئك من كل قلبي على حب الناس لك وأهنئك على صبرك واحتسابك لما ابتلاك الله به.

الرياض

علي السلُّوك وثقافة الجبال
أ. د. عبدالرزاق حمود الزهراني







ولد الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني في قرية (قرن ظبي) في عام 1359هـ وتلقى تعليمه الأولي في الكتاتيب التي كانت منتشرة في منطقة الباحة آنئذ، وواصل تعليمه في المدارس الحكومية منتسباً، وبدأ حياته الوظيفية وهو في الثامنة عشرة تقريباً، وتدرج في الوظائف العامة حتى أصبح مديراً عاماً في إمارة منطقة الباحة قبل تقاعده في عام 1319هـ، ويكون بذلك قد خدم وطنه اثنتين وأربعين سنة، منها ثمان وثلاثون سنة في منطقة الباحة. وقرية قرن ظبي مسقط رأس السلوك تقع في قمة من أعلى قمم جبال منطقة الباحة، وحولها مجموعة من القمم الشاهقة التي تطل على أجزاء من تهامة والسراة، فليس بعيداً عن قرية (قرن ظبي) وإلى الغرب توجد الجبال المطلة على تهامة، ومنها يمكن رؤية أجزاء من مدينة قلوة وعدد من القرى والسهول في تهامة، ومنها يمكن رؤية جبال تهامة العملاقة مثل شدا، ونيس، وربا، وجنوباً عن قرية (قرن ظبي) يقع شفا (قرّا) الذي يطل على مدينة الباحة ويمكن منه رؤية الكثير من قرى تهامة وجبالها، ومنها قرية ذي عين التاريخية المشهورة، وبعض القرى المحيطة بمدينة (المخواة)، أما القمة التي تقع عليها قرية (قرن ظبي) فتطل على مدينة الباحة والقرى المجاورة لها، وتطل على (الفرعة) بقراها الكثيرة مثل بني سار، والموسى، والقرن، والقحف، والمصاقير، وغيرها من القرى، وتطل على غابات خيرة، ووادي جُدر، بغاباته ومزارعه الغنية بتربتها وتنوع أشجارها ونباتاتها. نشأ السلوك في هذه البيئة وحاول أن يجاريها في ارتفاعها، وفي إطلالتها على أماكن كثيرة من منطقة الباحة، فبدأ في مرحلة مبكرة مشروعه الرائد في جمع وشرح وتوثيق تراث المنطقة، ولعل أول خطوة قام بها هي خطوة جغرافية، تتعلق بالجبال والقرى، فقام بتأليف (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) وطبعت طبعته الأولى في عام 1391هـ ضمن المعجم الجغرافي العام للبلاد العربية السعودية، الذي ضم بين دفتيه أسماء قرى المنطقة، وتقدير عدد سكان كل قرية، وأسماء الأودية، والجبال، وتقدير المسافات بين تلك القرى، وقد ساعده عمله في إمارة منطقة الباحة وتنقله في أجزاء المنطقة المختلفة على جمع مادة ذلك المعجم، يضاف إلى ذلك علاقته الواسعة مع أعيان ومثقفي المنطقة، حيث استفاد من تلك العلاقات في تأليف معجمه، وأصدر للمعجم طبعة ثانية، حدَّث فيها المعلومات والإحصاءات، وأضاف إلى معلومات كل قرية أسماء بعض أعيانها ممن خدم الدولة وبلغ مراتب متقدمة في الدرجة العلمية، أو السلم العسكري أو السلم الوظيفي أو التجارة وخدمة المجتمع، فتبين من خلال المعجم في طبعته الثانية أن أبناء منطقة الباحة، مثل غيرهم من أبناء المناطق الأخرى، لهم جهود بارزة ومحمودة في خدمة وطنهم وأمتهم.

واصل الأستاذ على السلوك ثقافة الجبل ذات النظرة الشمولية في جمع المادة العلمية لكتابه الرائد (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) الذي استغرق تأليفه أكثر من خمس وعشرين سنة، وخرج في خمسة أجزاء تغطي الفنون الشعبية المعروفة في منطقة الباحة مثل العرضة واللعب والمسحباني، والهرموج، واللبيني، وطرق الجبل، والحِكم والأمثال، وقد قال البعض عند صدور تلك الكتب في عام 1415هـ إن السلّوك جامع فقط، وهذه جناية على الشخص وعلى جهده الكبير، فالجمع يعتبر جهداً يشكر عليه صاحبه، وكثير من أمهات كتب العربية كانت ترتكز على الجمع، مثل الأغاني والعقد الفريد وغيرهما من الكتب، ولكن الأستاذ السلّوك لم يكتف بالجمع، بل حاول أن يترجم لكل شاعر جمع شيئاً من شعره حسب المتوافر من المعلومات عن ذلك الشاعر، وحاول أن يذكر مناسبة القصيدة إذا توافرت له، وأضاف على ذلك شرح معاني الكلمات لكل قصيدة، وتقديم المعنى العام لها، وهو جهد كبير ومضنٍ في الوقت نفسه.. ولقد خدم السلّوك منطقته بهذه المجلدات الخمسة أيما خدمة، ولسوف تقدر الأجيال القادمة هذا الجهد عندما تبتعد بها الفترة الزمنية عن الفترة الزمنية التي قيلت فيها تلك القصائد والأمثال والحِكم، وتمت فيها ممارسة تلك الفنون بكثافة.. وواصل السلّوك جهده الشمولي في خدمة منطقة الباحة فألّف كتابه المعروف (غامد وزهران السكان والمكان) وهو كتاب في تاريخ المنطقة، وإسهامات أبنائها في التاريخ والحضارة الإسلامية، وفي بناء الوطن وخدمته، وآخر الكتب التي ألفها الأستاذ علي بن صالح السلّوك، وربما كان أهمها، كتاب (وثائق من التاريخ) وقد قال في مقدمة ذلك الكتاب: (إبان عملي في إمارة منطقة الباحة (غامد وزهران) خلال الفترة من 1381هـ إلى عام 1419هـ تمكنت من جمع تاريخ وتراث بلاد غامد وزهران، ومن ذلك الاطلاع على الوثائق القديمة المتوافرة لدى مشايخ القبائل وفقهاء القرى والبيوتات العلمية القديمة والحصول على نسخ منها). ويذكر أن تلك الوثائق تفيد بالآتي:

1- معرفة المعاهدات والاتفاقيات بين القبائل والقرى التي كانت تنظم الحياة الاجتماعية، وتمنع الاعتداء وتحافظ على الأمن والاستقرار.

2- معرفة الأحكام الشرعية والعرفية السائدة في الماضي، التي كانت بواسطتها تحل المنازعات الجماعية والفردية.

3- معرفة تاريخ الفترة السابقة للحكم السعودي من خلال المراسلات بين الحكام والمشايخ والأعيان.

4- تاريخ الفترة التي دخلت فيها المنطقة تحت الحكم السعودي الحديث بداية بعام 1328هـ، وما صحب ذلك من تطورات وتغيرات اجتماعية.

إن كتاب ( وثائق من التاريخ) يحوي حوالي مائة وثيقة، ولم يكتف السلوك بجمع تلك الوثائق، بل عمد إلى فك رموزها، وطباعتها، بالإضافة إلى تصوريها في شكلها التاريخي القديم، ويعتبر الكتاب مرجعاً مهماً للباحثين في المجالات الاجتماعية والتاريخية، والقانونية، والأمنية وغيرها من المجالات في منطقة الباحة.

لقد نجح السلّوك في توظيف الوظيفة التي كانت تعمل بها إمارة منطقة الباحة في خدمة الثقافة، فلم تلهه الوظيفة عن مخططه الشمولي لخدمة تاريخ وتراث منطقة الباحة، فكان المرجع الأول الذي يقصده الباحثون وطلاب العلم ومعدو رسائل الماجستير والدكتوراه عن منطقة الباحة ليزودهم بالمعلومات، ويدلهم على مكامن ومراجع تلك المعلومات، وكان الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله) من أوائل من استعان بالأستاذ علي بن صالح السلّوك، وذلك في إعداد كتابه القيم (في سراة غامد وزهران)، وقد ذكر ذلك في أكثر من موضع في الكتاب، أنظر مثلاً ص 493.

ولقد تميز السلّوك بدماثة الأخلاق، وطيب المعشر، وحسن معاملة الناس، والسعي لخدمتهم وقضاء حاجاتهم، فكان بذلك حاوياً على شيم الكرام، ومؤنساً لمن يلتقي به، فمجلسه ترتفع فيه الكلفة، وتقترب الأرواح من بعضها، وتكثر فيه المداعبات، والطرف والملح. ولولا تواضعه ولين جانبه لما كانت له تلك المنزلة في نفوس الناس، ولا غرابة في ذلك، فهو مثقف مؤمن يتمثل قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون)، ولهذا كان السلّوك ينفر من المتكبرين والمتعجرفين، ويحاول أن يتجنب مجالستهم ومخالطتهم قدر الإمكان.

وثقافة الأستاذ علي السلّوك، وحبه لخدمة وطنه ومواطنيه أهّلاه لأن يكون عضواً في عدد كبير من اللجان، وأن يكون من أصحاب المبادرات البناءة التي تخدم الوطن والمواطن، ومن ذلك الجمعية التعاونية بقريته (قرن ظبي) التي أسست في عام 1389هـ والجمعية الخيرية بالقرية نفسها، وكان رئيساً لمجلسي إدارتيهما. ومن الجمعيات التي عمل عضواً بها (الجمعية السعودية للأطفال المعاقين بالرياض)، (الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع)، (جمعية البر بالباحة)، (الجمعية الجغرافية السعودية). وعمل عضواً في (لجنة أصدقاء المرضى) وعضواً في (اللجنة المحلية لتنمية وتطوير القرى) وعضواً في (جائزة الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وعلومه). وكان يعمل نائباً لرئيس النادي الأدبي بالباحة قبل أن يدخل في الغيبوبة التي مضى له فيها الآن حوالي أربعة أعوام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفيه وأن يعافيه، وأن يعيده إلى أسرته ومحبيه سليماً معافى، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم للعلم والثقافة والعلماء، وعلى ما قدم لوطنه ومواطنيه من خدمات.

- الرياض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
لنا الغرف العليا من المجد والعلى ... ظفرنا بها والناس بعد توابع

يشرف أقواما سوانا ثيابنا ... وتبقى لهم أن يلبسوها سمائع
أخر مواضيعي
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً