قطـــارالملك عبدالله
الرياض-السبت 8 شعبان 1429هـ -9 أغسطس2008م - العدد 14656
--------------------------------------------------------------------------------
في قطار الملك عبدالله
تركي بن عبد الله السديري
في العشر السنوات الأخيرة أجزم أن كل مواطن في دول العالم الثالث يتلفت مبهوتاً يبحث عن حقيقة وضع مجتمعه بين الدول الأخرى، وكم حجم عمر التخلف في الفروق مع الدول المتقدمة.. رأي يقول إن الدول المتقدمة مسرعة الانطلاق في قطار التقدم الحضاري والعلمي، وأن الدول النامية ما زالت في صفوف الانتظار.. ليس لكي تنطلق ولكن لكي تكسب أهليتها وقدراتها في ممارسة الانطلاق.. وهو ما لم يحدث.. لقد تباعدت الفروق بشكل مزعج، حتى أصبح واضحاً أن العالم قد انقسم إلى فئتين: متقدمة جداً.. ومتخلفة جداً.. خرجت الصين من قيود التراكم السكاني الهائل لكي تغزو الأسواق وتحاول اللحاق بالآخرين.. الهند أرض المنبوذين صححت هذه الرؤية بدخول عالم التقنية وأصبحت حليفاً تقنياً واقتصادياً مع دول مهمة..
من داخل ضبابية العالم العربي وتراجعه بل عجزه عن الوقوف والتطرف في تأليه الزعيم من جهة والوقوع تحت أوجاع خلافاته ومشاكله تخصصت بعض الدول بحكم خصوبة المشاكل في أن يكون لها أكثر من زعيم وأكثر من أوجاع..
إن المسافة الهائلة التي أصبحت تفصل العالم العربي في تراجعه وتخلفه والقوى الاقتصادية والعلمية الكبرى.. أصبحت مخيفة في ذهن كل متأمل لحقيقة الأوضاع، والتي تشير إلى أن العالم العربي أصبح متخصصاً في تصدير المغامرين بحثاً عن عمل أياً كان نوعه، وتم الجزم بأن الخروج من القاع قدرة ووعياً هو بعض المستحيل في كينونة الشرق الأوسط..
بهذه الرؤية المنطقية التي تسندها حقائق ما نراه في تنقلاتنا داخل المنطقة لابد أن نلمس فروقاً كبيرة تبتعد بمجتمعنا عن أوضاع غيرنا بثلاثة شواهد انطلاق لم تتوفر في أي بلد آخر ليس في الشرق الأوسط فحسب ولكن في جميع دول العالم الثالث..
بدأت هذه الفروق بقرارات التأسيس المحلي لوجود اقتصادي وصناعي يمثل واحد منه ما تعده مدينة الملك عبدالله من قفزة تطور ستحيل الصحارى الجافة والسواحل المتواضعة إلى حواضر ازدهار صناعي ومضاعفة مستويات السيولة بنوكاً وشركات أضعافاً كثيرة عما كانت عليه قبل سبع سنوات فقط.. وأعترف أنني شعرت بالزهو في مدريد وأنا أجد اسم المملكة مقروناً باسم الملك عبدالله كرعاية دولية لتوافق إنساني نبيل تمثل حجمه في عبارات التقدير عند متخصصين دوليين أوائل..
إن القطار الذي أخذ المجتمعات العلمية إلى الأمام.. لم يعد بعيداً عنا ولم نعد نحن في طابور المنتظرين، فمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز انطلق بنا قطار التوجه العلمي والاقتصادي الذي لم يعد مؤثراً فيما هو قريب حوله ولكنه أصبح مطلوب الوصول إلى زمالة الدول المتفوقة اقتصادياً وعلمياً.. ولعل مؤتمر استوكهولم الذي عقد مؤخراً هناك وطالب المجتمعون فيه - وهم أصحاب مسؤولية دولية غير عادية بحكم أنهم رؤساء حكومات دول سابقون في اجتماعهم السنوي السادس والعشرين - بضرورة إعادة النظر في العضوية الدولية للدول الصناعية والاقتصادية بحيث لا تقتصر العضوية على ثماني دول فقط وذلك لوجود متغيرات جديدة أوجدت دولاً وصلت إلى مكانة دولية مرموقة بينها المملكة والصين والهند والبرازيل مع اختيار عضوية إفريقية لم تحدد.. ثم حين يستطرد البيان يعطي للمملكة خصوصية منفردة بحكم أنها أصبحت دولة مرموقة دولياً اقتصادياً وتباشر حالياً بروزها الصناعي..
هذا الرأي لم يكتبه موظفون عرب أو سعوديون أو جهة دراسة أوروبية متخصصة ولكنه وتحت توقيع واحد وأربعين مشاركاً جميعهم من القياديين الدوليين يؤكد خصوصية دولية جديدة للمملكة لم تحلم بها معظم دول العالم الثالث، بل هي تعني مباشرة الخروج فعلاً من ركود العالم الثالث وتعثر قدراته..
في قطار الملك عبدالله وصلنا إلى زمالة الدول الصناعية الاقتصادية المتقدمة.. وهو.. هو ذاته.. المفكر القائد سوف يصل بنا إلى الكثير.. والكثير..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|