[poem=font="Arabic Transparent,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أعانقُ فيكِ أنسي وانشراحي = وأشعرُ في رُبُوعكِ بارتياحِ
قفي حيِّي الذي قد غابَ قَسْراً = يُسافرُ في مفازاتِ الكفاحِ
ترعرعَ في رُباكِ..فعاهدتْهُ=على الذكرى...عصافيرُ الصباحِ![/poem]
هكذا انثالتْ حروفه تنسجُ وشاحَ الحُبِّ فليبسهُ القلبُ ويسترخي على عتبةِ البوح...
بهذه الأنشودة ترنمتْ أطيارُ لهفتهِ، تناجي عصافير القرية الوادعة..
التي عاهدتهُ في صباحاتِ الوصالِ على اتصال الروح إذا انفصلَ الجسدُ...
فوَفى..وأخلصَ..وبرَّ..
وهي ما خانت ْولا غدرتْ...ولو جفا بعضُ سُكانها!
تمُرُّ الأيامُ..
وتنزوي السنونُ..
ويسيرُ المغتربُ...في دروب العلم والعمل..
ما زال يتذكرها..
ما زالتْ تعبرُ آفاقَ ذاكرته طيفاً ساحرَ السنا..
تتعلقُ كالأثمار في خواصر الأغصان..
يزورها في كل عام ٍ مرةٍ أو مرتين..أو لا يزور..
قعدَ على صَخَرَاتِ الشوق بحاورُ جَدْوَلَ الذكريات في مُنحَنى الحنين..
..يناغي اسمها الساري..ويداعبُ خصلاتِ لحنِها العذب،
يحاولُ لملمة أشواقه في سلال الحرف، ويكادُ يعصرها في كأس اللهفة..
باحَ ذاتَ هوى ً فأنشد:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يعزُّ وِصالُنا يا (باحََ) ، إلاَّ=بعيدِ الفطر، أو عيدِ الأضاحي.[/poem]
يا الله!!...كيف يصبرُ متيّمٌ مثلهُ، عن غانيةٍ حسناءَ نجلاءَ مثلها؟
هييه، يا زمان الوصل بربوع زهران!
ما أحلى أيامك..
وإن شابتها ساعاتٌ عصيبة و مواقفُ كئيبة..
لكنِ الهَوَى النابضُ هوَ هوَ لمْ يتزحزحْ عن مداراتِ حُبِّكِ يا غالية..!
...تنسربُ في هذه اللحظة صور الطبيعة الخلابة و مناظر الأرض البكر..فانتشى وقال:[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قفي ! حيي فؤاداً..ذابَ شوقاً=لِــظل ٍ وارف ٍ ، و جَنَىً مُباحِ
وكمْ في البالِ..من وادٍ خصيبٍ = وشلال ٍ، ومِن غُصنٍ رَداحِ[/poem]
ويتبتل في محراب الهيام بوجهها النديّ و بروابيها الخضر البهية:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بربّكِ..! إنني كَلِف ٌ..دعيني =أمَتّعُ ناظري..من تي النواحي![/poem]
آهِ ما أروعَ صفاء سمائك يا فرحة الطفل الصغير..
كم درج ذلك الطفل على ساحاتِك ..
وكم صعد على جبالكِ
وكم تسلقَ زيتونك البري..
وكم حملَ قطافَ البراءة في جعبته و نثرها على خدود المروج..
وكم تأمل غياب شمسك الحنون..
كان يتابع مسيرتها الأبدية بارتقابٍ مستمر،
تأسره بذَهبها الساقط على متون الجبال والأشجار والبيوت..
قال عندها:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وشمسُكِ وجهُها الذهبُ اشرأبّتْ = لتنثُرَ وجههَا فوقَ البِطاحِ![/poem]
وكمْ بهره تلألؤ وصيفات حسنك النجوم في لياليكِ الهادئة المغسولة بقطرات الضياء..
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وليلٌ شاعريٌ ..فيكِ..يُدعى = بِهِ سَيْلُ القريحة ِ لاجتياحي![/poem]
وما هي نتيجة هذا التلاقح التلقائي مع نسائم ليل الباحة؟...
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فتنسابُ الخواطرُ..نهرَ شِعر ٍ = وتنقلبُ الحُروفِ ..إلى أقاحي![/poem]
نتيجة مرهفة ..لا شكَّ وباذخة المجيءِ..فلله درّ المُلهمة المُوحية...لله درها..
...وكم سرد قصته الجميلة مع أصدقائه الطيبين القادمين من وراء الأرض، الذين يتجددون في كل فصل..
فهناك دفءُ الظهيرة، ونسائمُ الآصال، و خَصَرُ البكور، و ارتعاشاتُ أوراق الخريف...
وهناكَ الضبابُ الذي حاولوا إخافته به، ولكنه فاجأهم بالانغماس بين أحضانه..
تتهادى ذراتهُ الفضية بانسيابٍ أخَّاذ..
ذرة ٌ تمسكُ ذرة. من حواليهما تتراقص الذراتُ في حفلة الشتاء الصاخبة..
تلامسُ بشرتَهُ الطفولية ببرودتها ونعومتها...
فيغيبُ عن الدنيا ويحلق في عالم آخر..
ولمّا عَبَرتْ هذهُ الخطراتُ المُخضلة ذهنَهُ المكدودَ...أنشأ:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ويُعجبني الضبابُ..إذا تهادى = أبتْ أن تهتدي عيني لِرَاحي..![/poem]
فهل بالغَ في هذا التصوير...؟ لا أدري..
..ونظر تلقاءَ نفسهِ..فانخفض مستوى ائتلاقه..لما رأى غيرها بجانبه لا انفكاك من قيودها..
وتوارى قمرُه المنير..في غمامة واقعه المرير..
لكنها..أشارت إليه من خلف الأفق ، أن لا بؤس عليكَ، إني لك..منتظرة وبك مفتخرة.وإليكَ أبعثُ أجملَ وأشذى زهوري..
فطربَ ومالَ على أوراقه ممتشقاً يراعةَ الحب يكتبُ ميثاقَ الوفاء لعينيها الحلوتين..
معلناً نداءَ العزم على العودة إليها والانطراح على ترابها و ارتشافِ شهدِ اللقاء بعد صابِ اللوعة
:
[poem=font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
سأرجعُ، إن عُرى الأشغالِ، فُكّتْ = وأُطلقَ من متاعبها سراحي..
لكِ..الوعدُ الأكيدُ بأنْ تظلّي = نشيدي ، في الغُدوّ وفي الرواحِ[/poem]
وانحدرتْ دمعة..
ورحل..