[align=right]بائع الورق ملّ من نقودي , أصبحَ يتحاشى أن يبيعني ورقة واحدة , جميع الأوراق التي اشتريتها , كتبتها مثلما يؤدي الطفل واجبه الأول بخوف وارتعاش .. أرسلتها إليكِ , لكني لم أتلقى ورقة واحدة , حتى ولو كانت لتصحيح أخطائي ! ربما قد تكوني نائمة ؟!
لكن ساعي البريد يقول أن جميع أوراقي لازالت أمام بابكِ ملقاة دون اهتمام , والختم لازال عليها .. قاربت أن تكمل اليومين على حالها , لم يذكر لي ساعي البريد شيئاً آخر , فقد رأيت في عينيه كيف كان بابكِ الخشبي شجرة معمّرة , ورسائلي تحتها تشبه أوراق الخريف الساقطة . ربما قد تكوني نائمة ؟!
ربما تجبرك بعض أخطائي الصغيرة على مواصلة قراءة الروايات العاطفية حول موقد النار , وكرة الصوف تتدلى على فخذيك , قطة المنزل تدرك أنكِ لستِ عجوزاً و النار تدرك أنكِ لستِ عجوزاً , والوشاح على كتفيك يدعوكِ لفتح رسائلي , فكفي عن حياكة وشاح آخر كلما أتاكِ ساعي البريد !
أدمنتُ المشي في الشوارع الضيقة , وخلف أعين الناس .. بعيداً عن أبواق السيارات وهدير المصانع , وحدي أنا والمتسكعين في هذا الزقاق .. نعلم جيداً ما يعني الفقد .. وكيف يمكن أن تكون حزيناً رغماً عنك , وكيف يمكنك أن تقرأ أخبار العالم في جريدة ملقاة , إنني أبحثُ فيها عن اسمي .. في قائمة المطلوبين , عن نبأ موتي .. أو نبأ انتحاري , لن تقرئيه أبداً , فربما قد تكوني نائمة ؟!
أنا الرث ّ الهيئة , معتمر القبعة الرمادية .. صاحب الكُم الطويل والآخر القصير .. والمعطف الصوفي .. في كل مكان , في الحديقة العامة أصيد بصنارتي .. في محطة القطار ألعب الكُرة .. في المطعم النباتي أطلب شريحة لحم .. تحت الليل أرتدي النظارة السوداء .. وحيث لا يجب أن أكون دائماً .. أكون , لم تعُد طريقة الحياة تروقني , فالهنود يتحدثون عن ثقافة تطهير الجسد والاعتلاء الروحي .. منذ مدة وأنا أغرز أقلامي في جسدي .. ويصفعني ساعي البريد بأن رسائلي لم تُفتح , فربما قد تكوني نائمة ؟!
ربما قد أكون أكتب عنوانكِ بطريقة خاطئة , ربما تلك الأصابع حملتْ شوقاً زائداً وتركتْ نقطة بجانب رقم منزلكِ , ربما أنكِ تقرئينها الآن .. وربما لم تصلكِ .. وربما وصلتكِ .. وبين كلّ تلك الاحتمالات , أنا مُجبر لأقول .. ربما قد تكوني نائمة !
اتمنى تعجبكم !!
[/align]