ما مضى فات !!!!!
[align=center] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما مضى فات
تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره ، والحزن لماسيه حمق وجنون ، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى ، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان
، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ، ويوصد عليه فلا يرى النور ،
لأنه مضى وانتهى ، لا الحزن يعيده ، لا الهم يصلحه ، لا الغم يصححه
، لا الكدر يحييه ، لأنه عدم ، لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت ،
أنقذ نفسك من شبح الماضي ، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه ، والشمس إلى مطلعها ،
والطفل إلى بطن أمه ، واللبن إلى الثدي ، والدمعة إلى العين ، إن تفاعلك مع الماضي ،
وقلقك منه واحتراقك بناره ، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر ، وتمزيق للجهد ، ونسف للساعة الراهنة ،
ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال : { تلك امة قد خلت } انتهى الأمر وقضي ،
ولا طائل من تشريح جثة الزمان ، وإعادة عجلة التا ريخ.
إن الذي يعود للماضي ، كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا ،
وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي :
لا تخرج الأموات من قبورهم ، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر
؟ قال : أكره الكذب.
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا ، نهمل قصورنا الجميلة ،
ونندب الأطلال البالية ، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف ،
لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام ،
فلا تخالف سنة الحياة
د/ عائض القرني[/align]
|