عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-12-2008, 01:46 PM
الصورة الرمزية الرومي
الرومي الرومي غير متواجد حالياً
 






الرومي is on a distinguished road
افتراضي من قال أن الرجل لا يحتـاج الحب أن في دواخل كل رجل طفل صغـير

لقد عزز نمط التربية الوراثي تلك الأزمــات التي تنشأ في الغالب بين الأب والابن , الحقيقية أنه لا يمكن أن نتصور تلك العواطف الجياشة التي يكتنزها الآباء تجاه أبناءهم إنها كبيرة وعظيمــة , ولكنها تبقى مسألة أن الرجل بطبيعته يخبئ تلك العواطف حتى عن شريكـة حياته إلا فيما ندر من الرجـال وتبقى مسألة الصراع بين الآباء والأبناء مستمرة لا أعرف إلى متـى ولكنها حتماً ستستمر .

فهد أبن لأحد الآباء الذين يرون أن التعبير عن حبهم لإبنائهم جريمة وطعن في ظهر الرجـولة لقد تربى أبو فهد على هذا النمط من التفكـر .

أشتد الصراع بينهمـا ففهد يرى يوم الغد ويخطط له والأب يرى اليوم فقط ويبذل له لا يهم أين منهما مصيب وأين منهمـا مخطئ الأهم أنهما في صراع دائم لعدم التقاء نقاط الأهداف فيما بينهمـا أن الصراع فيما بينهما والشد في الفكر لا ينفك يستجد من جديد المسألة ببساطـــة ( مصادمــة بين صلابة مبادئ ومرونة واقع ) .

لقد قرر فهد نتيجـةً لهذا الصراع الدائم المغادرة من هذا المنزل الذي بات يراه جحيماً لا يطاق , لقد كان فهد مخطئ أيضاً ولكن السـؤال من سوف يوجه فهد ليقول له أنك مخطئ ..؟ وأن المسألة تكمن في أن صلابة المبادئ لا تتقابل مع مرونة الواقع ..! وبقليل من الجهد سوف تقنع والدك بوجه نظـرك لم يكن هناك أحد فصراعهما فيما بينهما لا يطلع عليه أحد من الخارج .

خرج فهد من المنزل على غير عوده , لقد رحل وسافر إلى خارج البلاد تغرب في أوربا وبداء في العمـل في المقاهي حتى تزوج بفتاةٍ أمريكية مسلمـة وتحصـل على الجنسية على أثـر ذلك بعد مرور خمس سنوات .

درس فهد وبات وشيكاً من تحقيق حلمـه وهو الحصول على شهادة الدكتوراه في الطب ( جراحـة مخ وأعصـاب ) لقد وفقه الله لسببٍ مـا .

وبقي الأب في بيته لا يبرحه لقد كان الناس يقولون له إن في عينيك سحنة حزنٍ عميق فما بالك يا رجل فلا يرد عليهم إلا بتعب السنين , وحين يتم تذكيره بفهد يتنهد ويقول كأن لم يكن في الدنـيـا إلا أنه لم يدعي عليه قط أمـام النـاس ولا خلفهم .

وفي أحد الأيـام كان فهد يجلس وبجواره أحد أبناء بلدتـه فهم الأخيـر بالحديث وتردد عليه لأكثر من مره فقال له فهد ما بالك يا رجل , فقال له صاحبه أحسن الله عزأكم في والدكم لقد علمت من فترةٍ قريبةٍ وإني ترددت في التعزية لأنني علمت أن والدكم توفي منذ شهـر فلم أرغب في أن أجدد عليكم الحزن .

صمت رهيب يخيم على المكـان توجه فهد من فوره للمنـزل وحدث زوجته بالأمر حزنت له ثم قدمت له اقتراح أن يغادرا إلى بلاده ليقف على قبر والده المتوفي ليقدم له الدعـاء , لم يكن فهد يكن لوالده كرهاً هي فقط صلابة مبادئ لم تقابلها مرونة واقع .

رد فهد على زوجتـه أن المسألة تكمن في أنني أستطيع أن أسامح والدي ولكن من يطلب لي منه السمـاح وهذا ما سوف يقتلني بقية حياتي .

قدمت الأمريكية مقترح قد يكون غبي بعض الشـيء إلا أنه في الثقافة الأمريكية يعتبـر عملاً مميزاً تم إنجازه فقالت له أكتـب رسالة لوالدك وضعها في غرفته التي توفي فيـهـا ومن ثم توجه لقبره لتدعوا له بالرحمـة وسوف أرافقك في هذه الرحـلة .

توجه فهد وزوجتـه لبلده ومسقط رأسه وحين رأوه الناس بدأ الجميع يقدمون له العزاء توجه نحو منزلهم القديم .

وقف برهةً من الزمن أمام الباب , يتأمل طفولته التي قضاهـا وكان في يده الرسالة التي خطها بعناية فائقة و بمساعدة زوجتـه .

بعد السـلام على أخوانه توجه لغرفـة والده فوضع الرسالة في ركن من أركان الغرفـة وفجأة سقطت ورقـه ملفوفة بعناية أيضاً في ذات المكـان الذي عزم على وضع رسالته فيه , فتحهـا فإذا فيها :

أبني فهد لا أعلم أن كانت هذه الرسالة سوف تصل ليديك وتستطيع قراءتها أم لا , الأهم أنني أقدم لك يا بني عذري وصفحي عنك فقد قسوت عليك كثيراً ولم أتنبه لنفسي إلا بعد أن أفتقدك بني أني أوصيك بتقوى الله في السـر والعلن , وأن تجعل الله دوماً معك أينما ذهبت لقد كنت أدعوا الله لك بالتوفيـق مذ غادرت منزلنا الذي أفتقدك فيه يا بني أهتم بإخوانك وعش بسـلام فقد سامحتك وصفحت عنك وإني لأرجو من الله أن يجمعني بك في مستقر رحمته في جنات النعيم .

والدك الذي أشتــاق لك كثيراً وكان يتمنى أن يراك قبل أن تغمض عينيـه ويغيبه الموت عن الحياة



تنبه للتـاريخ فإذا هي مكتوبة من شهرين وحين سأل عن أحوال والده تبين أنه أصيب بورم خبيث في المخ منذ ثلاثة أشـهر وأعتزل النـاس من حينهـا ولم يبرح مصلاه ولم يتقبل أي علاج يذكر , فلقد كان يقول بل إلى ربٍ كريم , بل إلى ربٍ كريم .



كم هي علاقـة الأبناء بالآباء مشوشة خصوصاً في بلادنـا كم هم الأبناء الذي تشردوا نتيجة تلك المبادئ الصلبة التي يكنزها الآباء إنها لم تعد تقابل الواقع .

إن بر الآباء يأتي في مرحلتة الأولى من الآباء فعلينـا أن نكون مع الأبناء رحمـاء وعلينا أن نمتدح قدراتهم وإمكاناتهم وعلينـا أن نغدق عليهم بالحب فهم بحاجة له رغم أنهم رجال إلا أنهم أيضاً بحاجة لحب الآباء ومن قال أن الرجل لا يحتـاج الحب أن في دواخل كل رجل طفل صغـير يهفو للخروج للعب من جديد وينعم بالحب الأكيد .

أغدق على أبنك الحب ولا تسرف فيه فلا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
http://roomi-1.maktoobblog.com/
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس