[البلوش من بلوشستان]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بلوش الخليج و متاهات ضياع الاصل القومي بين الجذور و الانتماء
الحكيم الصيني القديم تشوانج-تسي الذي عاش حوالي عام 350 قبل الميلاد يقول: (حلمت يوما بأنني فراشة. والآن، لم أعد أعرف ما إذا كنت فراشة تحلم بأنها تشوانج تسي، أم أنّ تشوانج تسي الذي يحلم بأنه فراشة، ومن الذي يمكن له أن يعرف جوابا عن مثل هذا التساؤل). هذا هو حال البلوش في الخليج، الذين وصلوا لدرجة الدخول في أنفاق مظلمة وضبابية بين أصلهم البلوشي ، وبين انتمائهمالادعائي إلى الاصل العربي ، حيث نجد القلة منهم ما زال يتمسك بجذوره البلوشية، وما زال محافظا على عاداته وتقاليده وفلكلوره ولغته البلوشية، ويجاهد للبقاء هكذابلوشيايصادق الجبال ومكران.
أما الأولاد والأحفاد فانصهروا وذابوا داخل بوتقةالخليج وانسلخوا عن أصلهم وهويتهم البلوشية ولغتهم الأم، حتى تجد الكثيرين منهم لا يتقن كلمة من اللغة البلوشية، والبعض يخجل أن يشهر بأنه من أصول بلوشية. لقد عرّبوا أنفسهم بأنفسهم.


أما السبب الرئيسي فيعود إلى التشتت البلوشي نفسه، وتذبذبه القومي، وليبقى بلوش الخليج أشباح هائمة على وجهها تبحث عن الملاذ والهوية والانتماء، بعد أن فقدت الإحساس ببلوشيتهاوأصبح البلوش بعيدين ومتغرّبين عن كل فرح وألم بلوشستاني، فلا يدركون هل هم بلوش، أم هم عرب خليجيون ... إنهم في اغتراب وضياع مع الذات والوجدان والقومية البلوشية الواضحة الشفافة!!!
شخصيات قليلة منهم تمسّكت بالأمل، راسمة لنفسها طريقا وهدفا في سبيل لملمة الشمل البلوشي، والحفاظ على ما تبقّى من إرث الماضي، في محاولة شاقة لإحياء الأصل والهوية والانتماء لجذور الأجداد، واعادة الروح البلوشية إلى أبنائهم وشبابهم التي توحي ملامحهم فقط بأنهم بلوش، لكن أحلامهم تصطدم مع الوسط البلوشي نفسه لسيطرة الأنا والمصالح الفردية داخل المجتمع البلوشي الخليجي ا!!!
هذه هي الحقيقة المرة والمخجلة، لكن النقد وتسليط الضوء على مأساة بلوش الخليج يأتي من منطلق محاولة إيقاظهم وإخراجهم من مستنقعات مرض الانسلاخ عن كل ما هوبلوشي العاصف بهم.
والتواصل بفاعلية ووجدانية قومية مع الشعب البلوشي في أجزاء
بلوشستان الأخرى، لمعرفة و فهم واقعهم. وأيضا، العودة الروحية والفكرية والصحوة و الاحساس بالذات و الهوية واللغة البلوشية والارث البلوشي الغني والمتنوع. حينها، يمكن أن نتحدث عن كينونة بلوش حقيقييين، عصريين وحضاريين.