عرض مشاركة واحدة
قديم 18-12-2008, 11:15 AM   #3
هريري

شاعر
 
الصورة الرمزية هريري
 







 
هريري is on a distinguished road
افتراضي رد: الشاعر مازن دويكات

[align=center]

سردية الغياب



1


غيابكِ , فاتحةُ الأسئلة

وخاتمةُ الصلبِ

في طرقِ الجلجلة

شهقةُ البرق ِ في رئتي

وزمجرةُ الرعد ِ في شفتي

وارتعاشُ الرذاذ ِ

على راحةِ السنبلة

غيابكِ أخر ماكانْ

في شرفات الزمانْ

إلى أن يكوم الذي

بدأ المرحلة

ودمُ الطير فوق الشِباكِ

وأني كما ستريني أراكِ

كشمسِ الضحى المقبلة

غيابكِ ماكانْ

لولا رماني الزمانْ

و علقني

فوق مسمار هذا الجدارْ

كمعطف جندي جيش الهزيمة

لحظة ولّى الفرارْ

وظلّ على أهبة الإنتظارْ

وما طرقت بابه الخشبي

سوى المهزلة

وظلّت ستائرُُ كلِّ الشبابيكِ

مسدلةً مسدلة

والطرقاتُ التي تصل البيتَ

مقفلة ً مقفلة

2
غيابك ِخارطةٌ

مُحتْ مدنها وقراها

أحدّقُ في ملامحها

فلا أراها


وحين تجيئين


يبدأ منتهاها


ويعود حضورك

قمراً يلمع في سماها

3
غيابكِ, وجع الماء ِ

في الجدول ِ الضحل ِ

بكاءُ السنبلة ِ وهي تصعدُ

من تربة ِ المحل ِ

غيابكِ , عتابُ الحديقة ِ

للفَراش ِ والنحل ِ

وتأخر سفر الشمس
ِ
ألى حقول العنّاب و النخل ِ

غيابك, أقسى وأشدُّ

من غياب الأهل ِ

4

غيابكِ

موقدة لا تطاقْ

ترتبُ في خافقي

جمرة الوجد والاحتراقْ

وكل الذي يوجع الروح

أقوى عليه

ولكنّني لست أقوى

على نار هذا الفراقْ.

5


غيابكِ

قيدُ يطاردُ نبضي

محتلٌ يجردني

من صولجان مملكتي

ويقصيني عن أرضي

غيابك
ِ
حين يداهمني

يصلبني فوق أشجار الحنينْ

وحين تجيئينْ

كل شيء في الروح يمضي

وتحمله أجنحة الجهات الأربعِ

إليك ِ...إليك ِ ...إليك

6

غيابك ِ نافذةٌ

لست أدري

بأي يد ٍ تفتحُ

وكأسٌ من الخمر ِ

يشربه صمتكِ

وأنا أترنحُ

ومشتل ورد ٍ

على سياج الحنين ِ

يشتمّه العابرون

وأنا في شوكه أجّرحُ

غيابكِ

سكينٌ أمضى من البرقِ

وأنا في حدّه ِ أذبحُ


7


غيابك ِ مقصلةٌ

وأنا رقبة

وهذا الربيع المطرّز

بالتربة ِ الخَصِبة

فكيف له أن يكونْ

بدون قطرات دمي المنسكبة!!


8

غيابكِ شرنقة

ربطت فراشة القلبِ

بحريرِ الانتظارْ

وظلت تحاول الخروج

فارتفع على حديقة الروح الجدارْ

كم ربيع ٍ مرّ عليّ

وأسقط من تقويمه آذارْ

سطع اللهبُ , تجمّر في المدى

واحترقت الأزهارْ

عما قليل ستنطلق الفراشة

فشجرة التوت عالية

وشجرة التوت , سيدة الأشجارْ


9


غيابك ِ

إكليلُ زهرٍ

شدّ الحنينَ من ياقة قميصة الكالحة

وأجلسه على أريكة الحضورْ

ومسح بزهر الياسمين جبهته المالحة

وغطاه بلحاف من نورْ

وقال له: كن طيباً يا فتي

ونم مبكراُ في سرير الشعورْ



10


غيابكِ أيقونة مشاكسة

يتقطّرُ منها الزيتْ

مشتْ القطراتُ كسرب رذاذ ٍ

واستلقتْ على عتبة ِ الوقتْ

كل كلمة أصبحت حرفاً

وتداخلت الحروفُ

وكانت كلمة: يا ليتْ

يموت الغياب بداء القلبِ

ونعود إلى البيتْ


11

غيابك, غيومٌ مشفرة

لا البرق ولا الرعدْ

يفككان أرقامها السرية

الحقلُ ينتظرُ أخضره

والتلال ترقبُ عودة الوردْ

ويجرحُ صمتي عواءُ البرية

وهنا أبجدية الكون ِ مستنفرة

والطاسات تنتظرُ الشهدْ

غيابكِ طوقٌ في عنق الحرية

وعلى الحضور ِ أن يمتلكَ المقدرة

وعلى الغياب أن يصعّر الخدْ

وتظلُّ رقبته محنية.


12


غيابك ِ

مدرسةٌ والتلاميذ

ضبعٌ وذئبٌ وثعلبْ

وفرّاشُها دائم النومْ

وفي الصحو يتعبْ

غيابك ِ, إن لا يطول

يشاكسني في ممرِّ الحديقة ِ

فيهبطُ عند الدخول

نوارسَ بيضاءَ

وعند الخروج ِ يعابثني

ببراءة كوكبْ

ويتركني في جوار الأريكة,

طفلاً يشاغب أمّه

وفي خرز ِ الماء ِ يلعبْ

غيابك ِ محض انتظارْ

وفي القلب ِقوسٌ من النارْ

ويتركني آخر الأمرِ

فوقَ صليب ِ القرنفلِ أصلبْ



13


غيابك ِ مقهى

زبائنه الحزنُ والانتظار ْ

وقلبي تكوّم في مقعد القش ِ

خلف الجدارْ

مضى الليلُْ مبتهجًا

وأتى ضاحك الوجه

ضوءُ النهارْ

وفي همسه ِ:

ستجيء على عجلٍ

فانتظرها

في بريدِ القرنفل والجلنارْ

غيابك ِ "غودو " الجديدْ

وما من بريدْ

سوى حفنة ٍ من غبارْ


14


غيابكِ جيش انكشاري

يباعد بيني وبين مساري

ودوماً أليك ِ الرحيلْ

وكنت على عتبات المستحيلْ

أهرّبُ من إبرة الانتظار ِ

خيوط الغيابْ

وأرففو قميص حضوركِ

في مقعد النار ِ

وكم سرقوا من يديّ الخيوطْ

فكان على عجل ٍ

يتدلى على إبرتي خيطَ ضوء

ولا أحد ُ كان حولي

سوى قرص شمس النهار ِ


15

غيابك
ِ
رفُّ نجوم ٍ بسقف ِ دمي

والخريرُ الذي في وريدي بكاءْ

وحين يؤرقها الدمعُ

تأوي إلى معطف الروح ْ تغفو

ويعلنُ إضرابهُ قمري في المساءْ

غيابكِ إنشوطة

فتدلتْ رؤوس الحنين ِ

على طرف النطع ِ

هل ينبتُ الورد ُإن رنّخ الأرضّ

نهرُ الدماءْ

صغارُ الحنينْ على العشب ِ قتلى

وكلّ قتيل هوى

أجمل الشهداءْ

غيابك ِبيدرُ جوع ٍ

وناي دموع ٍ

ودمعُ المحب ِتحاصرهُ الكبرياءْ

غيابكِ لازوردُ وسندسُ و استبرق ْ

أولمتهُ لعيدِ الغياب ِ السماءْ

وماذا تبقى لأم الفصولِ

إذا مات أجمل أولادها

الطيب الرعوي الشتاءْ

غيابكِ نارٌ مجوسيةٌ كلما شربتْ

يترنحُ فيها الأجيجُ

وتزدادُ شعلتهُ

كلما زادها الانطفاءْ

غيابكٍ ,

أعجبهُ

يختفي بالظهور ِ

ويظهرُ بالاختفاءْ



16

غيابك ِ

خيطُ من الوهم ِ

ألمحه في طريق ِ المجرة

يعذبني في الصباح ِ

وعند المساء ِ

يؤثثني بالمسرة

غيابك ِ

محكمةُ الكهنوتْ

بها الحق ُ طفلُ

بداء ٍ عُضال ٍ يموتْ

و كفّ الرياح ِ تبعثرُ قبره

وحين تقامُ عليه الصلاة

فمن سيؤمّ الحضورَ سواه !

فكلّ الجموع ِ بدون وضوء

وفوق الثري سجدوا ألف مرة

غيابك ِ

سرابٌ تدفقَ في الصحراءْ

ولا ماءّ إلا الذي

قال عنه أبي ماءْ

تدفقْ حضوراً

حضوراَ تدفقْ

لألمح وجهك ِ في كلّ قطرة

مازن دوكات .. فلسطين
[/align]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

---
أخر مواضيعي
هريري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس