رد: الشاعر مازن دويكات
غيابك ِ
ساديُّ مجنونٌ,
جنيٌ من نار ٍ ونورْ
يرقص في نشوة
على خرير النزيفْ
وعلى إيقاع العندم القاني, يتوّحشُ
ويمنع في وريدي المرورْ
غيابكِ
دفترُ تلميذٍ الفصولِ المشاكس ِ
لا يدوّنُ سوى
وجع الماء ِبين الصخورْ
ولا يؤرّخُ
سوى
رحيل زهرة الحقل ِ عن الجذورْ
غيابكِ
قابيل المشاعر ِ
فكيف له أن يعرف الشعورْ
وهو بطعنة ٍ بلهاء قتل الحضورْ !
غيابكِ
طفلٌ قليل التربية
مشاكسٌ لا يطيعُ والديه
فيهربُ,
ويتحصّن في الأقبية
ولا أحدٌ يدلهم عليه
ولا يُرى
حتى في الظهورْ
غيابك
ِ يحفرُ في القلبْ
ألف قناة
ولكلِّ واحدةٍ
منبعٌ ومصبْ واتجاه
وفي المحلِ والقحل ِ يتباهى
ويمنع الماءَ
عن حوضَ الزهورْ
غيابكِ
مروّضٌ شرسٌ
يحملُ سوطه الملحيَّ
وبغرورِالطاووس
يتنقلُ في الغابة
يترك الأسدَ
والنَمرَ
والفهدَ
والثعلبَ
ويلاحقكَ الوردةَ
والبلبلَ والفراشةَ
ويبصقُ حقدهُ
في خريرَ الجدول ِ
و رذاذ السحابة
حضوركِ
أرنبٌ بري
يلهثُ تحتَ السوط ويئنُّ
ويفرُّ من الشمس ِ إذا سطعتْ
وإذا مارتفعتْ
يهبطُ من جبلِ الرحيل
حتّى إذا ما لامس أعتابَ الحنين ِ
يرغي ويزّبدُ
إلى أن يُغمى عليه ِ
وفي الصحو يكشّر نابه
غيابكِ
حربٌ لم تضعْ أوزارها
جحيمٌ صغيرةٌ
ومن الرمادِ
تعيدُ إنتاجَ نارها
برلينُ جديدةٌ
بين قلبين ِ ترفعُ جدارها
شمسٌ فوضوية
تنسى قرصها الذهبيَّ
كلما زارتْ نهارها
غيابكِ
دائمُ الحضور, وعند الرحيل ِ
ينسى غيابه
غيابكِ
طفلة تعدو في حقولِ الغيم ِ
تعبَ الرملُ الفضيُّ في الطريق ِ
وما تعبتْ
كبرتْ على أريكة الرذاذْ
رفعتْ جديلتها درجًا للغيمِ
تسلّلَ من ومضةِ البرق ِ
ومن رجفةِ الرعدِ
وغضّت النظرَعنه السماءْ
غيابكِ
سلّةِ قشٍ تدحرجتْ من علٍ
فتناثر ما في داخلها
فوقَ الهضابْ
فاكهة الحنين ِ متعدة المذاقْ
وجعُ
وانتظارْ
واحتراقْ
يا جوعي الجميلْ
لا تكبرهنا
ويا عطشي النبيلْ
هذي الغيوم ليستْ لنا
لنا ملحُ البكاءْ
غيابكِ
مهما عَلا وتعالى
سيهبطُ ذات يومْ
وسيولد منه الحضورُ, هنا
أمهُ النهرُ ووالدة السحابْ
وأخوتهُ الأزهارُ والأعشابْ
ومن سواكِ منْ
حلّ أزرار هذا الهطولّ
ومن هذا العريّ الجليلْ
بانتْ الوردةُ الزرقاءْ
في مزهريةِ العشبِ والماءْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|