غزة جرح ينزف ويتحدانا
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~غزة بين ليفني وقيم العالم الحر!!
كثيرًا ما يجد الكاتب صعوبة كبيرة في التعبير عما يجيش بخاطره ومشاعره وقد ينشأ ذلك عن محدودية رصيده اللغوي لكني أجزم أن عجزي عن التعبير - هذه المرة - ناشئ عن هول وغرابة وفظاعة المشهد السياسي برمته.
بربِّكم تأملوا تصريح وزيرة الخارجية الصهيونية ليفني التي قالت إن الحرب على (حماس) تمثِّل معركة بين التطرف وقيم العالم الحر... تخيلوا!! ثم قالت ليفني إنهم من أجل ذلك (يحاربون هذا النوع من التطرف).
هل بربِّكم يستطيع أحد كائناً من كان أن يعبِّر عن هذا المشهد الغريب في عالَم تحكمه الوحوش ولا يرى في الملاك الطاهر إلا وحشاً كاسرًا ولا يرى في الباطل إلا حقاً مطلقاً!؟
إن ما قالته ليفني لتدغدغ به مشاعر الشعوب الغربية عن (قيم العالم الحر) لا تعني به غير تلك القيم التي تبيح للمحتل تقتيل الأطفال والشيوخ والنساء والبشر والحجر وتجيز استخدام الطائرات والصواريخ والأسلحة المحرَّمة في مواجهة شعبٍ أعزل إلا من أسلحة محدودة الأثر يمتلكها شعب فلسطين المحتلة أرضه المحاصَر المجوَّع أبناؤه المشرَّد لاجئوه في الشتات والمنافي البعيدة...
القيم التي تعبِّر عنها ليفني هي القيم التي أباحت للصهاينة احتلال فلسطين وتشريد أهلها وإبدالهم باليهود القادمين من كل حدب وصوب... لقد أتوا من شرق أوروبا وغربها ومن أطراف الدنيا ليقيموا في فلسطين.
القيم التي تعبِّر عنها ليفني هي القيم الغربية التي أتت بأمريكا من وراء المحيطات لتحتل العراق وأفغانستان ولتعربد أساطيلها في بحار العالم وموانئه... إنها قيم أبوغريب وغوانتنامو وباغرام ودير ياسين.
ألم تلحظوا أيها الاخوة ما قالته أمريكا التي لم تجد ما تقوله أو تفعله إزاء الغارات الوحشية على غزة غير إدانة حماس ومساندة إسرائيل؟!
لقد وفَّرت - والله - علينا ليفني عناء التعبير عن أصل المعركة والصراع بينها وبيننا... إنها معركة القيم... معركة الحق والباطل والخير والشر أو قل المعركة الفاصلة بين قيم العالم الحر التي يمثلها المحتلون المستعمِرون... القيم المجردة من الأخلاق قيم المادية المنحطَّة... معركة بين هذه القيم وبين قيم السماء... قيم العدل المطلق... قيم الجهاد والاستشهاد في سبيل دحر الظلم وإقامة العدل.
لكن بربِّكم في ظل الخنوع العربي الذي عبَّرعنه مؤتمر وزراء الخارجية العرب وأمين الجامعة العربية عمرو موسى ذلك الذي أشعر عندما أراه بالانقباض بأكثر مما أشعر عندما أرى أوكامبو ووليامسون وجورج بوش... أتساءل... في ظل الخنوع العربي المخزي والتواطؤ الغربي الظالِم والصمت الدولي المطبِق والانحطاط القِيَمي والأخلاقي هل يستطيع أحد أن يلوم تنظيم القاعدة إن هو أتى بأي فعل مهما كان في نظر الأعداء فظيعًا ومُنكرًا؟! أيهما أكبر عند الله وعند الناس ما فعلته القاعدة بتدمير برجي مركز التجارة أم ما فعلته أمريكا المحتلة بغزوها العراق وأفغانستان أو ما فعلته إسرائيل المحتلة بفلسطين وشعبها؟!
لن نكتفى بعدم استنكار ما تفعله القاعدة إنما نطلب منها أن تنتقم لشهداء غزة في أي زمان وأي مكان وبأية وسيلة.
شعرتُ بألم شديد أن محمود عباس الذي ألقى خطاباً طويلاً تحاشى أن يذكر ولو لمرة واحدة كلمة (الجهاد) التي وردت في مقابلها عبارة النضال والكفاح عشرات المرات وتساءلت... وحق لي... لماذا يبغض هذا الرجل هذه الكلمة القرآنية رغم علمه أنه لولا الجهاد والانتفاضة الجهادية لما جلس على كرسيه الحالي كرئيس لفلسطين؟ إن الذين يفرُّون من الجهاد لن يُحرِّروا فلسطين وإن كان أبو مازن يظن أن توقف المقاومة أو صواريخ حماس أو أن التفاوض مع إسرائيل سيحرر فلسطين أو يحقق شيئًا ولو يسيرًا من المطلوبات الفلسطينية فإنه واهم واهم فقد جرَّبت فلسطين وجرَّب شعبها (نضال) المفاوضات والخنوع والاستجداء ولم يحصدوا من ذلك غير الهزائم فهلاّ أزاح شعب فلسطين هؤلاء الذين يتحرَّجون من الجهاد عن قيادته وولَّى رافعي رايات الجهاد والاستشهاد؟!
إن ما حدث في غزة ليس شرًا محضًا بل لربما كان الخير أكبر من الشر الذي نراه مجسَّمًا في أنهار الدم التي أُريقت والأجساد التي مُزِّقت فكما قال الله تعالى (لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم...) وهل من خير أكبر من اشتعال جذوة المقاومة واشتداد أوارها جراء الغضب الذي اشتعل في نفوس العرب والمسلمين جميعاً فإذا كانت حماس قد فقدت بضع مئات من المجاهدين فقد كسبت الآلاف بل عشرات الآلاف في الساحة الفلسطينية الولود كما كسبت ملايين المتعاطفين معها كما أن ما حدث في غزة قد أحرج الأنظمة العربية المتواطئة مع إسرائيل وأمريكا وعرَّاها أمام جماهيرها.
إن المكاسب كثيرة فوالله إن أمريكا وإسرائيل تحفران قبريهما وتخرِّبان بيتيهما بأيديهما والويل لهما من المتطرفين والإرهابيين الذين صنعوهم بتصرفهما الأحمق ورؤيتهما القصيرة المدى.
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~بسم الله الرحمن الرحيم
|