[align=center]

[/align]
إلتقيت بأحد الإخوة السودانيين في دولة ٍ أجنبية ..
و بعد السلام و التعارف و تبادل الألقاب ( قال لي يا شيخ
و قلت له يا زول
) ، تجاذبنا أطراف الحديث حول المستجدات
على كافة الأصعدة .. عربياً وإقليمياً و دولياً ، حتى القضية الفلسطينية " بحثناها " بحثاً عميقاً و عقيماً !!
ثم جاء الدور على بحث مسألة المعيشة في ذلك البلد ، فقال لي " الزول " : مستورة و لله الحمد !!
فقلت له : نحن نسمع هذه الكلمة في المسلسلات المصرية والسورية .. أتمنى أن يكون حالنا و حالكم مستوراً ، لكن
كيف تتعاملون مع الغلاء المعيشيّ في هذا البلد ؟!!
فقال : نصرف كل ما نقبضه شهرياً في المصاريف اللازمة ، أما الترف الذي تعيشونه في الخليج فلا نعرفه أبداً !!
فقلت له : ضنك العيش أحيناً ( نعمه ) فهو يقيك ( التبذير ) ، واتفقنا أنا و هو على أهمية ذلك
و استمرينا في تبادل الأحاديث الودّية حتى أخبرني بقصةٍ غريبة حصلت له ذات مرة ..
و أترك الحديث له بالكامل الآن .. يقول :
[align=right]أردت في يومٍ من الأيام أن أرسل نقوداً لأخي في السودان من هذا البلد عن طريق أحد البنوك الدولية ، فذهبت إلى البنك
و أعطيت الموظف المبلغ المراد تحويله ( 300 دولار ) ، فأخبرني أن سيقتص من المبلغ ( 18 دولاراً ) عمولة تحويل ،
و ( 18 دولاراً ) عمولة استلام ذلك المبلغ في السودان ، أي أن مجموع ما سيتم اقتطاعه = 36 دولاراً !!
فوافقت على ذلك ، و بعد عدة أيام اتصل بي أخي من السودان قائلاً : لم يصل المبلغ !!
فقلت له : كيف ، لقد حولت المبلغ !!
فذهبت في اليوم التالي إلى البنك للاستفسار عن ذلك
فقال لي الموظف المختص : ( لقد حجزنا المبلغ للتأكد من أنه لن يستخدم في أنشطة إرهابية ) !!!
فقلت له ( للموظف ) :
بقي لي 264 دولاراً و تشك في أنها قد تستخدم لأنشطة إرهابية ، و لم تبالي في اقتطاع 36 دولاراً ؟!!
هات نقودي ، لا أريد تحويلها لأحد
فقال موظف البنك : ستخسر الـ 36 دولاراً ( كعمولة ) !!
فوافقت على مضض
فقال لي الموظف : انتظر قليلاً ، فانتظرت
و بعد لحظات ناداني فقال : تفضل نقودك ( 248 دولاراً ) !!
فقلت : كانت بعد خصم العمولة 264 دولاراً فلماذا أصبح المبلغ الآن 248 دولاراً فقط ؟؟!!!
فقال : هذه عمولة أخرى ( 16 دولاراً ) على المبلغ الذي تم احتجازه لعدة أيام ..
" للشك " في أنه سيستخدم لتمويل الإرهاب !!
فأخذت المبلغ المتبقي ( 248 دولاراً ) و غادرت البنك و أنا أجرّ أذيال الخسارة و الابتزاز و ( الإهانة ) !!
فذهبت - و الكلام لا زال للأخ الزول - إلى البيت حزيناً مهموماً جرّاء ما حصل
وخطرت في بالي فكرة ، فقلت سأجربها ..
ذهبت لأحد الإخوة الصوماليين ( ممن لهم باع في تحويل النقود من حساب لحساب آخر ) و شرحت له ما جرى لي ..
فقال لي : حسناً أعطني الـ 300 دولاراً ، و معها ( 15 دولاراً عمولة ) و سأحوّل لك المبلغ في أقل من 24 ساعة ..
فوافقت و أعطيته المبلغ و العمولة الساعة السادسة مساءً ..
و في اليوم التالي اتصل بي أخي من السودان الساعة الحادية عشرة صباحاً ليخبرني بأن البنك اتصل به لاستلام المبلغ !!
أي أن المبلغ وصل في أقل من 24 ساعة !![/align]
إنتهى كلا م أخونا " الزول " .. فحزنت و أشفقت عليه في المحاولة الأولى ، و فرحت و استغربت من محاولته الثانية !!
ففي المحاولة الأولى : عمولة مجحفة( 52 دولاراً ) و تشكيك في المبلغ ( رغم قلّته ) و انتظار .. و النتيجة = لاشيء !!
و في المحاولة الثانية : عمولة أقل ( 15 دولاراً ) و سرعة تحويل و النتيجة = وصول المبلغ في زمن قياسي !!
فشتّان ما بين الطريقتين ، و بالتأكيد فإن " الزول " لن يترك صديقه ( الصومالي ) بعد اليوم 
و معه كل الحق في ذلك .. أليس كذلك !!

هذا ليس زمن العجائب .. بل هذه عجائب الزمن !!!
اعتذر عن الإطالة إن حصلت ، لكن القصة تستحق العناء
دمتم في أمان الله
،،،