الشاعر جرير والخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز
[align=center]إن شخصية هذا الرجل عجيبة حقا لقد طبق ما يُعرف اليوم بالتغيير فبدأ بنفسه حتى أن الزهد أصبح سمة مرافقة له والعدل صفة من صفاته
لم يكن كذالك في مطلع شبابه فقد كان القادم يشتم رائحة طيبه عن بعد ولكن الله أراد له ذلك ليضرب لنا أروع الأمثال في تغيير نمط الحياة الشخصية
لم تغره الحياة بمفاتنها وقد كانت بين يديه ولم يجذب إهتمامه سوى حماية الدولة وتطبيق العدل حتى أعاد للأذهان تاريخ جده العادل فأصبح الناس كلهم أغنياء
لينادي منادي الزكاة في إفريقيا ولا يجد من يطلبها عف فعف الناس حتى الخوارج سكنوا في عهده وقد تحركوا في عهد غيره
قدم عليه الشعراء لمدحه والنيل من عطائه فكان يريد منعهم إلا أن حاجبه قال لقد وقفوا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف تمنعهم فقال من على الباب
فقال له الحاجب فلان وفلان وفلان فلم يسمح لهم لما سبق لهم من قول تجاوز حد الدين وسمح لجرير بن عطية
فلما مثل بين يديه قال: يا جرير اتق الله ولا تقل إلا حقاً،( وهذا تنبيه من سيدنا عمر للشاعر ألا ينافق في شعره
وألا يغالي غلوا , أو يمدحه بما ليس فيه ) فأنشأ يقول:
كم باليمامة من شعثاء أرملة ... ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممن بعدلك يكفي فقد والده ... كالفرخ في العش لم يدرج ولم يطر
أأذكر الجهد والبلوى التي نزلت ... أم قد كفاني ما بلغت من خبري
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... مـــــن الخليفة ما نرجو من المطر
إن الخلافة جاءته على قدر ... كما أتـــــى ربَّه مــــوسى على قدر
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هـــذا الأرمل الذكر
الخير ما دمت حيا لا يفارقنا ... بوركت يا عمر الخــيرات من عمر
فقال: والله يا جرير لقد وافيت الأمر، ولا أملك إلا ثلاثين ديناراً فعشرة أخذها عبد الله ابني، وعشرة أخذتها أم عبد الله، ثم قال لخادمه: ادفع إليه العشرة الثالثة، فقال: والله يا أمير المؤمنين إنها لأحب مال اكتسبته، ثم خرج فقال له الشعراء: ما وراءك يا جرير؟ فقال: ورائي ما يسوؤكم خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإنني عنه لراض، ثم أنشأ يقول:
رأيت رقى الشيطان لا تستفزه ... وقد كان شيطاني من الجن راقيا ))
من تاريخنا المشرق [/align]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|