قصة حلوة
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن تقرأها إذا أعجبتك رد و إذا لم تعجبك فلا ترد
(( قصة العبادلة الثلاثة ))
يحكى أنه كانت هناك قبيلة تعرف باسم بني عرافه ؛ وسميت بذلك نسبة
إلى إن أفراد هذه القبيلة يتميزون بالمعرفة والعلم والذكاء الحاد !
وبرز من هذه القبيلة رجل كبير حكيم يشع من وجهه العلم والنور ، وكان
لدى هذا الشيخ ثلاثة أبناء سماهم جميعا بنفس الاسم ألا وهو (عبدالله) ؛
وذلك لحكمة لا يعرفها سوى الله ومن ثم هذا الرجل الحكيم .
ومرت الأيام وجاء أجل هذا الشيخ وتوفي ، وكان هذا الشيخ قد كتب وصية
لأبنائه يقول فيها :
(عبدالله يرث ، عبدالله لا يرث ، عبدالله يرث) !
وبعد أن قرأ الأخوة وصية والدهم وقعوا في حيرة من أمرهم لأنهم
لم يعرفوا من هو الذي لا يرث منهم !
ثم أنهم بعد المشورة والسؤال قيل لهم أن يذهبوا إلى قاضي
عرف عنه الذكاء والحكمة ، وكان هذا القاضي يعيش في قرية
بعيدة ... فقرروا أن يذهبوا إليه ، وفي الطريق وجدوا رجلا يبحث
عن شي ما ، فقال لهم الرجل : هل رأيتم جملا ؟ فقال عبدالله الأول :
هل هو أعور ؟ فقال الرجل نعم .
فقال عبدالله الثاني : هل هو أقطب الذيل ؟ فقال الرجل نعم .
فقال عبدالله الثالث : هل هو أعرج ؟ فقال الرجل نعم .
فظن الرجل أنهم رأوه ؛ لأنهم وصفوا الجمل وصفا دقيقا . ففرح
وقال : هل رأيتموه ؟ فقالوا : لا .. لم نره !
فتفاجأ الرجل كيف لم يروه وقد وصفوه له ! فقال لهم الرجل أنتم
سرقتموه ؛ وإلا كيف عرفتم أوصافه ؟
فقالوا : لا والله لم نسرقه . فقال الرجل : سأشتكيكم للقاضي ، فقالوا
نحن ذاهبون إليه فتعال معنا .فذهبوا جميعا للقاضي وعندما وصلوا إلى
القاضي وشرح كل منهم قضيته ، قال لهم : اذهبوا الآن وارتاحوا فأنتم
تعبون من السفر الطويل ، وأمر القاضي خادمه أن تقدم لهم وليمة
غداء ، وأمر خادما آخر بمراقبتهم أثناء تناول الغداء .
وفي أثناء الغداء قال عبدالله الأول : إن المرأة التي أعدت الغداء
حامل . وقال عبدالله الثاني : إن هذا اللحم الذي نتناوله لحم كلب وليس
لحم ماعز . وقال عبدالله الثالث : إن القاضي ابن زنا .
وكان الخادم الذي كلف بالمراقبة قد سمع كل شي من العبادلة
الثلاثة . وفي اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث أثناء
مراقبته للعبادلة وصاحب الجمل ، فقال الخادم : إن أحدهم قال أن
المرأة التي أعدت الغداء حامل ! فذهب القاضي لتك المرأة وسألها
عما إذا كانت حاملا أم لا ، وبعد إنكار طويل من المرأة وأصرار من
القاضي ؛ اعترفت المرأة أنها حامل ، فتفاجأ القاضي كيف عرفوا أنها
حامل وهم لم يروها أبدا ! ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال : ماذا قال
الأخر ؟ فقال الخادم الثاني : قال أن اللحم الذي أكلوه على الغداء كان
لحم كلب وليس لحم ماعز . فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف
بالذبح فقال له : ما الذي ذبحته بالأمس ؟ فقال الذابح أنه ذبح ماعزا ،
ولكن القاضي عرف أن الجزار كان يكذب ؛ فأصر عليه أن يقول الحقيقة
إلى أن اعترف الجزار بأنه ذبح كلبا لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو
ما شابه . فاستغرب القاضي كيف عرف العبادلة أن اللحم الذي أكلوه
كان لحم كلب وهم لم يروا الذبيحة إلا على الغداء ! وبعد ذلك رجع
القاضي إلى الخادم وفي رأسه تدور عدة تساؤلات ، فسأله إن كان العبادلة
قد قالوا شيئا آخر . فقال الخادم : لا لم يقولوا شيئا . فشك القاضي في
الخادم ؛ لأنه رأى على الخادم علامات الارتباك ! وقد بدت واضحة المعالم
على وجه الخادم ؛ فأصر القاضي على الخادم أن يقول الحقيقة ، وبعد عناد
طويل من قبل الخادم قال الخادم للقاضي : أن عبدالله الثالث قال أنك ابن
زنا فانهار القاضي ! وبعد تفكير طويل قرر أن يذهب إلى أمه ليسألها
عن والده الحقيقي ... في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال ابنها وأجابته
وهي تخفي الحقيقة ، وقالت أنت ابني ، وأبوك هو الذي تحمل اسمه الآن . إلا
أن القاضي كان شديد الذكاء ؛ فشك في قول أمه وكرر لها السؤال .. إلا أن
الأم لم تغير أجابتها ، وبعد بكاء طويل من الط رفين ، وإصرار أكبر من القاضي
؛ في سبيل معرفة الحقيقة خضعت الأم لرغبات ابنها وقالت له أنه ابن رجل آخر
كان قد زنا بها ؛ فأصيب القاضي بصدمة عنيفة كيف يكون ابن زنا ، وكيف لم
يعرف بذلك من قبل ! والسؤال الأصعب كيف عرف العبادلة بذلك !
وبعد ذلك جمع القاضي العبادلة الثلاثة وصاحب الجمل لينظر في قضية الجمل
وفي قضية الوصية ؛ فسأل القاضي عبدالله الأول : كيف عرفت أن الجمل
أعور ؟ فقال عبدالله : لأن الجمل الأعور غالبا يأكل من جانب العين التي
يرى بها ولا يأكل الأكل الذي وضع له في الجانب الذي لا يراه ، وأنا قد رأيت
في المكان الذي ضاع فيه الجمل آثار مكان أكل الجمل ؛ واستنتجت أنه الجمل
كان أعورا . وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلا : كيف عرفت أن
الجمل كان أقطب الذيل ؟ فقال عبدالله الثاني : إن من عادة الجمل السليم
أن يحرك ذيله يمينا وشمالا أثناء إخر اجه لفضلاته ؛ وينتج من ذلك أن البعر
يكون مفتتا في الأرض ، إلا أني لم أر ذلك في المكان الذي ضاع فيه
الجمل ، بل على العكس رأيت البعر من غير أن ينثر ؛ فاستنتجت أن الجمل
كان أقطب الذيل ! وأخيرا سأل القاضي عبدالله الأخير قائلا : كيف عرفت أن
الجمل كان أعرجا ؟ فقال عبدالله الثالث : رأيت ذلك من آثار خف الجمل
على الأرض ؛ فاستنتجت أن الجمل كان أعرجا .
وبعد أن استمع القاضي للعبادلة اقتنع بما قالوه ، وقال لصاحب الجمل
أن ينصرف بعدما عرفوا حقيقة الأمر . وبعد رحيل صاحب الجمل قال
القاضي للعبادلة : كيف عرفتم أن المرأة التي أعدت لكم الطعام كانت
حاملا ؟ فقال عبدالله الأول : لأن الخبز الذي قدم على الغداء كان سميكا
من جانب ورفيعا من الجانب الآخر ، وذلك لا يحدث إلا إذا كان هناك ما
يعيق المرأة من الوصول إليه ، كالبطن الكبير نتيجة للحمل ، ومن خلال
ذلك عرفت أن المرأة كانت حاملا ! وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني
قائلا : كيف عرفت أن اللحم الذي أكلتموه كان لحم كلب ؟ فقال عبدالله :
إن لحم الغنم والماعز والجمل والبقر جميعها تكون حسب الترتيب التالي
(عظم - لحم - شحم) إلا الكلب فيكون حسب الترتيب التالي
(عظم- شحم – لحم ) ؛ لذلك عرفت أنه لحم كلب. ثم جاء دور عبدالله
الثالث وكان القاضي ينتظر هذه اللحظة ، فقال القاضي : كيف عرفت
أني ابن زنا ؟ فقال عبدالله : لأنك أرسلت شخصا يتجسس علينا ، وفي
العادة تكون هذه الصفة في الأشخاص الذين ولدوا بالزنا . فقال القاضي
(لا يعرف ابن الزنا إلا ابن الزنا) وبعدها ردد قائلا : أنت هو الشخص
الذي لا يرث من بين أخوتك لأنك ابن زنا !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|