العيص .. تهتز وتُزلزَل؟!
الجمعة, 22 مايو 2009
مقال/ عبدالغني بن ناجي القش
العيص هذه البلدة الوادعة الضاربة الجذور في التاريخ، تقع شمال غرب المدينة المنورة بمسافة 200 كم تعيش ظروفا عصيبة، وتتعرض هذه الأيام إلى موجة من الزلازل والبراكين، أجبرت أهلها على مغادرتها. فباتت خالية من هدير سكانها، وأُجبر الأهالي على الخروج من منازلهم والرحيل بما خف وزنه باتجاه مخيمات الإيواء التي وضعها الدفاع المدني فيما فَضَّل البعض التوجه إلى المدينة المنورة وينبع والعلا وحتى محافظة جدة وعدد من المناطق البعيدة عن أثر الهزات، بعد أن بات الوضع غير آمن في تلك المناطق، حيث ظلت الهزات تتعالى درجاتها يوما بعد يوم.
مع ما يجري حاليا في العيص، وما يرجى أن يكون عليه الوضع، تدور هذه الرؤى:
* ربما ينطبق على ما وقع في العيص المثل القائل: رب ضارة نافعة؛ ذلك أن هذه البلدة تعيش في منأى عن المدنية ووسائل الحضارة الحديثة، ويغلب على ساكنيها الفقر الشديد إلى درجة لا يمكن تصورها، وربما كانت هذه الزلازل والبراكين صوت حال لهم يتساءل عن البنية التحتية وما يجب توفيره للعيص وأهلها.
* ماجرى أكد حقيقة هامة وهو حرص ولاة أمر هذه البلاد على سلامة الأرواح، وما قام به أميرا منطقة المدينة المنورة ومنطقة تبوك كان مثالا يحتذى في التفاعل مع الحدث وأسوة تقتفى في حس المسؤول.
*حقيقة ما يجري اثبت أننا شعب تلعب فيه الشائعات دورا كبيرا؛ فالبعض ينقل كلاما مبالغا فيه، بينما الآخر يأخذ الكلام ذاته ويزيد عليه لتصبح المبالغة أكبر وليعيش الجميع في دائرة من الوهم؟!
* الواقع أن الأمور لم تكن واضحة من البداية، فكانت هيئة المساحة الجيولوجية تهون الأمور وتطمئن الأهالي وتطلب منهم البقاء في أماكنهم، بينما الواقع أن الهزات تتوالى وتزداد حدتها، وفاق معدلها ما توقعته الهيئة بكثير، ونحن لا نطلب إراعة الأهالي ولكن الوضوح كان حتمياً ليتأهب الجميع للعواقب.
* الدفاع المدني كان له دور متميز منذ بداية الأحداث، فنصب مخيمات الإيواء وبث رسائل توعوية قصيرة وقام بإخلاء المناطق، مع التحفظ على بعض إجراءات الإخلاء التي كان يفترض أن تكون أكثر سلاسة.
* وصول أثر الهزات إلى مناطق بعيدة مثل المدينة وخيبر وينبع كان ولا زال محيرا، مما يؤكد فشل هيئة المساحة الجيولوجية في إيصال المعلومة الدقيقة والحقائق العلمية الواضحة، وهنا يرجى أن تشكل الهيئة فريقا علميا مؤهلا إعلاميا ليعطي الحقيقة بصورة جيدة تتمكن من جلب ثقة المواطن.
* مؤسف هو توجه الناس نحو الوسائل الحسية؛ فتجدهم يسألون عن وسائل النجاة عند حدوث كوارث، وهذا مطلوب، لكنهم تناسوا الوسائل الشرعية بل إن كثيرا منهم نسوا الوسيلة الأهم (الدعاء)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يرد القضاء إلا الدعاء» .
* ثمة تساؤل عن الدور الذي يفترض أن يقوم به علماؤنا ومشائخنا في مثل هذه الظرف، والتساؤل ذاته ينسحب على جامعاتنا وجمعياتنا، ولا يفوتني أن أشيد بجمعية أطباء طيبة الخيرية التي بادرت وكان لها قصب سبق يحسب لها وجهود تذكر فتشكر .
إن ما يجري في العيص - وبلغت آثاره المدينة وينبع وأملج وخيبر وربما غيرها - لهوَ أمر يوجب على الجميع العودة الصادقة إلى المولى جل وعلا بصدق الالتجاء وإخلاص النية والدعاء، كما انه فرصة مواتية لمعاينة العيص عن كثب وتحقيق مطالب أهلها المشروعة، فهل تكون الأيام حبلى بذلك؟ .
المدينة
http://al-madina.com/node/140165