السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحنين إلى الماضي والأجداد
موروثنا في العيد
يبدأ الاستعداد للعيد في العشر الاوخر من رمضان كل بحسب المهمة المسندة له،فرب الأسرة يجهز العيدية لأقاربه سواء من حيث الكسوة أو من حيث المبالغ المخصصة لمحارمه وأقاربه،إما الشباب فيقومون بقطع الأشجار وتجميعها في عدة أماكن عاليه وكانت تسمى بالمشاعيل،حيث يتم إشعالها في ليلة العيد ،لا علام الناس بقدوم العيد نظرا لا انعدام وسائل الإعلام في ذلك الوقت ،كما انه تعبير عن فرحة الجميع بقدوم العيد، ويشاركهم الكبار في هذه المناسبة فلا يكاد أهل القرية يفرغون من صلاة المغرب ليلة العيد حتى ترى الطرقات وأعالي الجبال قد أضيئت بالمشاعل ،وصوت أعيرة البنادق قد بلغ دويها جميع أرجاء القري ثم بعد ذلك يجتمعون ويستبشرون بقدوم العيد إضافة إلى مايعدونه لنهار العيد ، فالنساء تراهن قد اشتغلن بأعداد الطعام ،وتجهيز ملابس أطفالهن الجديدة، وترى القرية كلها قد غدت أسرة واحدة يكمل بعضها نقص بعض،فإذا فرغوا من ذلك ناموا على هدهدة الأحلام وتركوا النساء أمام الكوانين ينضجن الخبز ويطيهن الطعام حتى الصباح ولايكون نصيبهن من النوم ألا قليل.تشرق شمس العيد على القرية في غير وجهها المألوف،فلا النور كان باهرا كهذا النور ولا الشعاع كان ساحرا كهذا الشعاع،تستقبلها القرية في غير زيها المعروف،فلا الوجوه كانت ضاحكة كهذه الوجوه،ولا الثياب كانت ناصعة كهذه الثياب.
أول أيام العيد ،يذهب الناس في منظر رائع إلى مصلى العيد (المشهد)في خارج القربة لأداء تجدهم جميعا في صفوف وراء كبار السن والإمام وعريف القرية يؤدون الصلاة جماعة ,أما الأطفال فهم وقوف على أبواب المسجد يشهدون الخطبة وحينما تنقضي الصلاة يتسابق الأولاد مسرعين إلى المنازل وخاصة المشهورة لتقديم وجبات محببة إلى الأولاد ،وحينما تنقضي الخطبة يتجه المصلون إلى الإمام فيسلمون عليه وينهض الكل لمعايدة بعضهم بعضا ،ثم يذهبون للمعايدة، مبتدئين بصلة الرحم والأقارب ومن ثم الذهاب مجتمعين ويزورون القرية بيتا ..بيتا للمعايدة ،في صورة رائعة تعكس المعاني الحقيقية والسامية للعيد، وهنا تجد ان كل منزل من منازل القرية قد اعد وجبة الإفطار ويقدمون على موائدهم صبيحة نهار العيد أصنافا من الطعام الشهي الفاخر ،والتي تتنوع مثل _ العيش والخبز والمرق ،وهذه هي الأكلات السائدة في القرية
ويتسم أول أيام عيد الفطر بهذا الشكل حتى وقت صلاة الظهر،ثم يعود كل إلى منزله للراحة وتناول طعام الغداء،أما في فترة العصر فيستكمل يوم العيد بالمعايدة وممارسة العرضة الشعبية التي كانت تشتهر بها القري في جو تسوده الألفة والتآخي
إننا في العيد نتأمل ونستذكر ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا من ألفة ومحبة..كانوا في قريتهم يعيشون العيد بكامل روعته وبكامل معانيه الروحانية، فهم يتأهبون له ويستعدون لاستقباله ليعيشوا فرحته الصادقة
الآن أين ذلك الاستقبال وتلك الاحتفالية ؟ وأين نجده في العيد ؟
الآن أصبحنا ننسى ونتناسى ماضينا في العيد،ننسى الاجتماع،وننسى المعايدة الحقيقية، بل ننسى أن نذهب إلى كل منزل لنلقي تهاني العيد،بل ننسي صلة الرحم وزيارة الأقارب والأصدقاء
*صورة آبائنا وأجدادنا كانت هي الحقيقية التي بها يكون للعيد في الماضي رونقه الخاص واحتفاليته الخاصة منذ البدء في صلاة العيد وحتى الانتهاء منها والذهاب إلى المنزل لمعايدة العائلة والأبناء، ثم تجمع أهل القرية والذهاب الى كل منزل ودخوله للمعايدة في جو من الحب والحميمة والصدق
آبائنا وأجدادنا رسموا لنا أجمل صورة للإنسان الواعي الذي يحمل بين جوانحه شلالات من الحب والتفاؤل والإخلاص والوفاء والذي يدرك إنه في العيد .. تصفو النفوس وتذهب الأحقاد وتصبح القلوب بيضاء ناصعة
موروثنا في العيد هو الأصل وهو الطريقة الصحيحة لتفعيل العيد ولمفهومه الذي لابد ان يكون في وقتنا الحاضر.. لماذا لايكون؟
ولكم مني أجمل تحيه
أبو عبد الرحمن