الموضوع: مناظرة رائعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-2009, 12:03 PM   #20
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: مناظرة رائعة

مهند القرني


بسم الله الرحمن الرحيم


أهلاً وسهلاً مرة أخرى بالأستاذ الكريم (Alexawy )





ولعلي أستهلُ كلامي بتقديم اعتذاري الشديد لأني قمتُ بالرد قبل أن ينتهي الأستاذ الكريم , ولعلي أتفادى ذلك في المرات المقبلة إن شاء الله تعالى , ولعل الأستاذ أن ينبه بكلمة ( يُتبع ) فإنها أبلغ في المقال من كلمة ( سنعود ) ؛ لأن كلمة سنعود تحتمل الفور والتراخي ولا قرينة ترجحُ الفور عندي.. ولكن كلمة ( يُتبع ) هي الدارجة والتي والله أعلم تفيد الفور ..



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أفاض الأستاذ الكريم بتوجيه عدة اعتراضات على ما سبق من بيان معتقدي في القرآن الكريم وما يزال يُصر على أن القرآن الكريم لا يقول عن بني إسرائيل بالتحريف وعند قراءتي لها وجدتُ أنها اعتراضات ( لمجرد الاعتراض فقط لا غير ) ولعل الأستاذ أن يتحمل ما أقوله له أو يتحامل ؛ لأنه هكذا ظني وربما يكون خاطئاً وعله أن يُصحح هذا الظن فيما بعد .
ولعل الأستاذ أهمل عدة نقاط في مداخلاتي السابقة وهذا ما لاحظتهُ عليه بأنه ترك أول سؤال وُجه إليه ولم يفدنا بأي نسخة من النسخ الثلاثة يؤمن به على أنه كلمة الله وما هو مصيرُ من يؤمن بغيرها هل هو مُجدثٌ على الله ؟؟ وهل سيتلقى العقاب الأليم والنكبات الأليمة المكتوبة في الكتاب ؟؟ لم نلقى إجابة عن ذلك !!! لعل الأستاذ يتداركُ ذلك في المداخلات القادمة إن شاء الله تعالى



وأول ملاحظة يسجلها الأستاذ الكريم / ( سأفترط جدلاً ان كلامك صحيح..
لكن القرآن لم يقل أبداً " كتبوا " في الماضيوالتي تفيد وقوع الفعل والحدث.
لكنه قال " يكتبون " فهل وقعت الكتابة والتحريف - حسب قولت - فعلاً ام ليس بعد ؟؟؟ )



وهذا اعتراضٌ عجيب لمن فهم الأمر واعتاص عليه وقوعه !!
فإننا إذا قرأنا الآيات أستاذي الكريم فإننا نجدُ أنها تتحدث عن نوعين من أهل الكتاب :


النوع الأول / الأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني أي أكاذيب تلقوها من أحبارهم


النوع الثاني / الذين يكتبون الكتاب بأيديهم وينسبونه إلى الله تبارك وتعالى .
فقوله سبحانه وتعالى ( يكتبون ) هو فعلٌ مضارعٌ لشئ " متجدد الحدوث " فالتحريف بإضافة كلام بشر أو تغييره أو ما شابه ذلك كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحتى وقت نزول الآية الكريمة فقوله ( يكتبون ) فعلٌ مضارعٌ , وهذا ما يُسمى عند أهل اللغة ( التعبيرُ بصيغة المضارع بدلاً عن الماضي ) لاستحضار حدوث المعنى أو الحدث ومثل ذلك قول الحق تبارك وتعالى {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }الروم48



فقوله تعالى ( فتثير ) فعل مضارع ولم يقل سبحانه وتعالى ( فأثارت ) وإنما عبر عنها بصيغة المضارع لاستحضار هذا الحدث البديع .


ومثله قول الشاعر ( تأبط شرًا ) ، وكان قد دخل في صراع مع ضبع من الضباع، يقول في وصف هذا الصراع:


بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان



فأضربها بلا دَهَشٍ فخرت صريعًا لليدين وللجران




فضرب تأبط شراً الضبع في الماضي كما هو واضح والضرب مضى وانتهى , فأراد أن يصور الحدث لقومه فعبر عنها بصيغة المضارع .




ومثله قوله تعالى : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران59



فالله تكلم عن أمرٍ حدث وانتهى وهو خلقُ آدم ومع ذلك عبر عنه بصيغة المضارع فقال ( كن فيكون ) ولم يقل ( كن فكان ) ؛ وذلك أنه لو عبر بالماضي فقال ( فكان ) لكان التعبير في هذه الآية يُفيدُ الانقطاع والانتهاء وهذا غير مراد فلو قال ذلك لكان التعبير عن وجود آدم لحظة واحدة فقط , أما التعبير بصيغة المضارع فتفيدُ الاستمرار والدوام وهذا يدل على أن آدم وجد وأنجب ذريته ؛ لأن دلالة المضارع تبدأ من الحال، وتستمر في الاستقبال .
ومثله كثيرٌ في القرآن الكريم كثيرٌ في شعر العرب , فدلالة المضارع كما قلت : تبدأُ بالحال وتستمرُ في الاستقبال .



والآيات في سياقها تحدثت عن التحريف كما قلت سابقاً بصراحة ووضوح على أنه أمرٌ وقع بالفعل ولا داعي لتكرار ذلك (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة 75



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سجل الأستاذ الكريم ملاحظة أخرى فقال :

( 2- القرآن قال " ليشتروا " ان ان هذا الويل سيقع على الشخص الذي : يكتب كتاببأيده ثم يقول انه من الله + انه فعل هذا ليكسب من وراءه..

هناك شرطين ياعزيز مهند الأول كتابة كلام ونسبه لله والثاني الكسب منه.

لذا يقول العلامةالقرطبي :

في هذه الآية والتي قبلهاالتحذيرمن التبديل والتغيير والزيادة في الشرع , فكل من بدل وغير أو ابتدع في دين الله ماليس منه ولا يجوز فيه فهو داخل تحت هذا الوعيد الشديد. )



فيزعم الأستاذ الكريم أن هناك شرطين للتحريف أو شرطين لشئ يقصده - حتى لا نتأول خطأ عليه - وهما :


1) كتابة كلام ونسبه لله .
2) والثاني الكسب من وراءه .





ولا أدري هل الأستاذ يعي ما يقوله ؟؟ !! فإنني أود أن أسأل الأستاذ الكريم من أين أتى بالشرطين وأين هي أدوات الشرط في الآية ؟؟ أم أنه استنتاجٌ فردي فقط !!!

هل قال الله مثلاً : ( من يكتب كتاباً بيده ثم ينسبه إلى الله ليتكسب من وراءه ويلٌ له !!! )

أم أنه علل ذلك بأداة من أدوات التعليل وهي حرف ( اللام ) كقولك : ( اجتهد لتنجح ) أو ( ذاكرتُ واجتهدتُ لأنجح وأعملُ ضابطاً في الشرطة ) أو ( تكتبون بأيديكم ثم تنسبون كتابكم لله لتشتروا بها ثمناً قليلاً .. )




شتان ما بين الأمرين !!! فلعلك تقرأ في النحو قليلاً في ( باب الشرط ) وتنظر ما هي أدوات الشرط وتخرجها لنا من الآية فلربما أكون قد جهلتها فعلاً .


ولعلي أبين لك كيف يكون الشرط من القرآن الكريم ( من باب الإيضاح والبيان لا غير ) :



يقول تعالى : ( فكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) النور33

فهنا أداة شرط ( إن ) وغيرها كثير جداً جداً في القرآن ..


ولا شك عندي أن ذلك مجرد ادعاء بلا علم لا بأصل اللغة ولا بأصل الحال ..



ثم استدل الأستاذ الكريم على صحة ادعاءه الموهوم بما نقله عن القرطبي حيث يقول : ( في هذه الآية والتي قبلها التحذير من التبديل والتغيير والزيادة في الشرع، فكل من بدّل وغيّر أو ٱبتدع في دين الله ما ليس منه ولا يجوز فيه فهو داخل تحت هذا الوعيد الشديد، والعذاب الأليم ...)



وتبين لنا ولا شك ضعف قول الأستاذ , وأنه لا يمتلكُ أصلاً وجهاً للاستدلال على ما يدعيه حتى ما نقله عن القرطبي ليس فيه وجهٌ للدلالة على ما يقوله , بل تُثبتُ عكس ما قاله بالسابق وتنقضه من أصله فتذره قاعاً صفصفاً !!!


فالقرطبي رحمه الله تعالى يذكرُ بأن هذه الآية وهي قوله تعالى : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79 فيها تحذيرٌ من ( التبديل والتغيير والزيادة في الشرع ) والأستاذ أنكر التحريف والتبديل والتغيير والزيادة في التوراة من خلال هذه الآية وقال لا وجه للتحريف فيها أصلاً ونراه ينقض كلامه بأكمله باستدلاله بكلام القرطبي هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..



ثم ينبهما الأستاذ الكريم فيقول : (هل لاحظت عزيز مهند السابق ؟؟
" تحديز من التبديل والتغيير " فلا وجود لتبديل اوتغيير بالفعل.. )


ولا شك أن هذا من أعجب ما قرأت حيث أن الأستاذ يُنكرُ أموراً ظاهرةً لا مجال للشك فيها ويبحث عن مخرج له كي ينفذ منه ..



ولعلي أبسط الأمر لك أستاذي فأقول , لو قلت مثلا : ( ويلٌ لخالد من الله يغش الناس ويستحلُّ أموالهم ) فهذا وعيدٌ لخالد بالويل والعذاب من الله تعالى ؛ لأنه غش الناس واستحل أموالهم , وهو في الوقت ذاته يحملُ بين طياته التحذير لمن يقع في الغش ويستحل أموال الناس بأن مصيره سيكون مثل خالد فهل قولنا بالتحذير هنا يدل على أن خالد لم يرتكب الغش ؟؟؟



لا يقول ذلك عاقلٌ بحال !!! سبحانك ربي



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اتهمنا الأستاذ بتحريف كلامه فقد علقتُ على ما مضى من ملاحظاته قائلاً : (أن القرآن لم يصرح بأن الوعيد متعلقٌ باليهود فلم يقل ( فويلٌ لبني إسرائيل)ولاشك أنه مما صدمني حقيقة إذ أن الأستاذ لم يكلف نفسه بقراءة الآية فيسياقها حتى يعرف لمن الوعيد في قوله ( فويلٌ ) يعود على من ؛ فإن الآية في سياقهاتتحدثُ عن اليهود وعن طلب موسى لهم أن يذبحوا بقرة .... )

فما كان من الأستاذ إلا أن اتهمني بتحريف كلامه الذي قال فيه بالحرف : وايضاً القرآن لم يقل " فويل لبني إسرائيل "..

بل انبعضاً منهممن الممكن ان يفعلوا ذلك ( اي انهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن ! ) !

فلا وجود ولاحتى تلميح لفكرة التحريف !



ربما أن أكون قد أخطأتُ في تأويل كلامه أو أسأتُ فهمه فليخبرنا بتأويل ما قاله علماً بأني لم أفهم ما يعنيه من قوله ( بل إن بعضاً منهم من الممكن أن يفعلوا ذلك ) ثم بعد ذلك ينقض كلامه فيقول : أي أنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن !!! ثم ينسفٌ هذا وينسفُ ذاك فيقول : فلا وجود ولا حتى تلميح لفكرة التحريف !!! علماً بأنه أخبرنا قبلها بأنه من الممكن أن بعضهم يفعلوا ذلك فلذا نرجوا من الأستاذ تفصيل هذه اللوغريتمات أو الطلاسم الغير مفهومة ؟؟



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



يخبرنا الأستاذ الكريم أيضاً بأن قول الإمام القرطبي :

(وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْذَلِكَ .) لا يدل على وجود تحريف فعلي للنص بل قال : " وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ " يعنيقالوا ان الله يقصد كذا وكذا وهو لم يقصد ذلك



وهذا ليس بصحيح فظاهر الآية يفيدُ وقوع التحريف صراحة وهو ( التزوير على كلام الله ) بأن تكتب كلاماً من عندك ثم تنسبه إلى الله تبارك وتعالى , أما الاحتمال الذي أورده الأستاذ فهو ضعيف لا يقوى على ظاهر الآية وكثرة الأدلة من كتابه المقدس نفسه على عدم استحالة التحريف فيه وعلى وقوعه وهذا ما سنثبتهُ فيما بعد , فالآية تفيد بأن القوم كتبوا كلاماً من عندهم فقال ( يكتبون ) ولم يقل ( يأولون ) أو ( يقولون ) حتى يكون محتملاً لما ذكرت أو فهمت ...



ومع ذلك فالأستاذ الكريم لا يُسمي ( التزوير ) تحريفاً ...








مهند القرني




--------------------------------------------------------------------------------

أفاض الأستاذ الكريم بذكر أمثلة كثيرة من القرآن الكريم على صحة ما يدعيه في كتابه كما فعل في مداخلته السابقة والتي أجبتُ عنها بإعتبار أنها مما تحدثتُ عنه من القرآن وهو متعلقٌ فعلاً بموضوعنا ولعل الأستاذ قرأ ما بدأتُ به حديثي بالتزامي بالنص الكتابي وعدم الاستشهاد بالنص القرآني إلا من باب الإيضاح والتبيين ولم يحدث ذلك إلا في بيان معتقدي وردي على ما ادعاهُ في معتقدي بأن أوضحتُ له الإشكال الذي يستشكله هو , لكن الأستاذ الفاضل تعمد الخروج كثيراً إلى القرآن الكريم ولعل هذا لا يُضيرني شيئاً فلن يخرجني ذلك عن موضوعي الذي أتحدثُ عنه وهو ( هل العهدُ القديم كلام الله ؟؟ ) وهذا ما لاحظناهُ في مداخلاته السابقة حيث تعمد تخطي أول سؤال وُجه إليه وتوجه للحديث عن القرآن الكريم مباشرة ولم يكلف نفسه الإجابة أن أول سؤال وُجه إليه !!! بل تخطى العديد من النقاط التي أثرتها ولا أدري هل ذلك بتعمدٍ منه ؟؟ , أو لعله اشتغل بالرد على بعض النقاط دون الآخر فلعلي أذكر الأستاذ الكريم بما لم يتطرق إليه من النقاط في كل مداخلة لي .




ولعل الأستاذ الكريم يؤجل ما طرحه عن القرآن الكريم لحين أن ننتهي من حوارنا هذا ونفردُ لذلك وقتاً كافياً ونجيبُ عن كل ما أوردهُ نقطة نقطة ؛ فلو دخلتُ في إجابات الاعتراضات الموجهة للقرآن الكريم فسندخل في أمور عديدة واثقٌ أنا بأن ما استدل به الأستاذ من القرآن الكريم لا يمتُ بوجه أو بآخر لما نتحدثُ عنه , فلذا التركيز على موضوعنا أفضل ( هل العهد القديم كلام الله ؟؟ ) فلو سرتُ مع الأستاذ قليلاً في هذا المجال لترك نصوص كتابه وأخذ يناقشني في القرآن الكريم ..



لعلك أن تجيب عن النقطة المشار إليها أولاً ثم بعد ذلك تبين نظيرها في القرآن الكريم فهذا أفضل بكثير من أن تناقش نقاشاً بحتاً في القرآن الكريم .


ولعلي أضربُ مثالاً مما ذكرته وودتُ أنك لم تذكره على ذلك حتى يتضح لك الأمر, ذكرت في مداخلتك السابقة قول الحق تبارك وتعالى {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }البقرة10 فقلت : لماذا لم يقل الله ( فزدناهم ) وهذا يختلفُ كثيراً عما في كتابك فهذا فنٌ من فنون البلاغة إن كنت قد درستها وهي فن ( الالتفات ) وهو : العدول من أسلوب في الكلام إلى أسلوب آخر مخالف للأول .


فهل في كتابك فن من فنون البلاغة ( العربية ) إلا أن يكون عند الأستاذ الكريم علمٌ للبلاغة العبرية ويوجد فيه فن الالتفات الذي هو أمرٌ شائعٌ في لغة العرب فليفدنا به إن وُجد .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ


الأستاذ الكريم بدأ بالرد على ما اعترضتُ به عليه من أن الكاتب لخاتمة التثنية ليس هو يشوع فبدأ بالوجه الأول والذي قلتُ فيه : (الوجه الأول :يشوع النبي لا شك عند النصارى أنه مُلهمٌمن الروح القدس فالأستاذ يزعمُ أنه هو من كتب آخر ما جاء في سفر التثنية , بل وهومن كتب السفر الموسوم باسمه , فإن صحت هذه الإلهمية فكيف تصدر هذه العبارة عن ملهممن الروح القدس ( ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم ) !!!)


فرد الأستاذ قائلاً :



اقتباس:
( لم أعرف على وجه اليقين سبب إعتراض الزميل مهند على الآية المذكورة ؟؟الآيةلم تقل ان الله لم يعرف مكان موسى بل ان أحداً لا يعرف مكانه تحديداً ! )




ومن قال أنني زعمتُ أن الله لا يعرفُ مكان قبره ؟؟؟


الأستاذ الكريم لم يفهم أصلاً ما هو وجه الاعتراض !!!


وجه الاعتراض أخي الكريم على أن يشوع ليس هو الكاتب لنهاية سفر التثنية يتكون من عدة ملاحظات أطرحها لك هنا بشئ من التفصيل والبيان فلا بأس من ذكرها مرة أخرى مع مزيد توضيح لنقاط أخرى لم أكن قد طرحتها لأكون قد ألممتُ بشعث الموضوع ( خاتمة سفر التثنية ) وأكون في نفس الوقت قد رددتُ على اعتراضاتك على ما قدمته من أدلة ووجوه تُثبت أن الكاتب ليس يشوع ولا موسى , ولعلك تقرأها بشئ من التركيز فستجد إجاباتي عن اعتراضاتك وملاحظاتك في ثناياها ولعلك تستدرك علي إن نسيتُ منها شيئاً :



الملاحظة الأولى / أين هي قدسية الوحي إذا كان لأي شخصٍ أن يُضيف في كتاب الله ما ليس منه فمن الذي أعطى ليشوع الصلاحية أن يكتب ما لم يكتبه موسى , هل نسي الله أن يتم وحيه - تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا - فجعل يشوع هو من يتمم السفر لموسى ؟؟ – هذا إن سلمنا أنه كلام الله وأن يشوع من كتب تلك الزيادة - .



* ولعل هذه الملاحظة تقودنا إلى أمرٍ مهم للغاية وهي أن موسى كتب التوراة بكاملها ( التثنية 31 : 24 ) (فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها , أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الربخذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهدا عليكم.لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة. هوذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومونالرب فكم بالحري بعد موتي! اجمعوا إلي كل شيوخ أسباطكم وعرفاءكم لأنطق في مسامعهم بهذه الكلمات وأشهدعليهم السماء والأرض. لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به ويصيبكم الشر فيآخر الأيام لأنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم) ومثله : ( التثنية 31 : 9 ) ( وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ... )



ولعل النص يفيدنا بأمور /


1) أن موسى كتب التوراة كاملة إلى تمامها وسلمها إلى اللاويين .


2) أن موسى أمر بحفظ التوراة بجانب التابوت ليكون شاهداً على بني إسرائيل ولمعرفة موسى بتمرد بني إسرائيل في حياته فقد عبدوا العجل وفعلوا الأفاعيل فكيف بعد موته .


3) تنبؤ موسى بضياع التوراة وذلك بفساد بني إسرائيل من بعده , وتكالب الشر عليهم ؛ لأنهم يعملون الشر , وهذا ما سنعرفهُ في المداخلات القادمة من ضياع للتوراة بسبب الحروب على بني إسرئيل .


4) أن النص يُبطل قول الأستاذ بأن يشوع هو من كتب نهاية سفر التثنية بل يفيدُ النص إلى أن موسى كتب التوراة بكاملها إلى تمامها في كتاب .



* ولعل النص يقودنا أيضاً إلى أمرٍ مهم للغاية وهو أن موسى أمر يشوع بكتابة التوراة بأكملها التي كتبها موسى أمام بني إسرائيل وهذه وصية موسى ليشوع في (التثنية 27 : 2 - 8) (فيوم تعبرون الأردن إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك تقيم لنفسك حجارة كبيرةوتشيدها بالشيد , وتكتب عليها جميع كلمات هذا الناموس حين تعبر لتدخل الأرض التي يعطيك الرب إلهكأرضا تفيض لبنا وعسلا كما قال لك الرب إله آبائك ..... وتكتب على الحجارة جميع كلمات هذا الناموس نقشا جيدا) فكتب يشوع كما أمره موسى التوراة بأكملها على جدران المذبح ( يشوع 8 : 30 ) (حينئذ بنى يشوع مذبحا للرب إله إسرائيل في جبل عيبالكما أمر موسى عبد الرب بني إسرائيل, كما هو مكتوب في سفر توراة موسى. مذبح حجارةصحيحة لم يرفع أحد عليها حديدا, وأصعدوا عليه محرقات للرب, وذبحوا ذبائح سلامة. وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل , وجميع إسرائيل وشيوخهم, والعرفاء وقضاتهم, وقفوا جانب التابوت من هنا ومنهناك مقابل الكهنة اللاويين حاملي تابوت عهد الرب. الغريب كما الوطني. نصفهم إلىجهة جبل جرزيم, ونصفهم إلى جهة جبل عيبال, كما أمر موسى عبد الرب أولا لبركة شعبإسرائيل , وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة: البركة واللعنة, حسب كل ما كتب في سفر التوراة. , لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقرأها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل والنساءوالأطفال والغريب السائر في وسطهم)


ولعل النصوص السابقة تفيدنا بأمورٍ خطيرة للغاية :


1) أن موسى أمر يشوع بكتابة التوراة بكاملها على جدران المذبح وأن ينقشها نقشاً جيداً - مما يدلُّ على أن التوراة قد اكتملت كتابتها كما أثبتنا فيما سبق – ولعلي أتسائل : هل كان حجم التوراة التي كتبها موسى كالتي بين أيدينا الآن ما يقارب الـ400 صفحة ؟؟ كم استغرق نقشها " النقش الجيد " ؟؟
لا شك أنه دليلٌ على قصر التوراة التي كتبها موسى وأنها لم تكن بالحجم الذي بين أيدينا اليوم والدليلُ على ذلك أن يشوع قرأها على الجمع فلو قرأ ما بين أيدينا لعافته النفوس ولاستغرق أكثر من يوم !!! ناهيك عن أمر موسى بجمع الناس الرجال والنساء والأطفال بل حتى الغريب كل سبع سنين في عيد المظال لتُقرأ عليهم التوراة ( التثنية 31 : 10 ) (وأمرهم موسى: في نهاية السبع السنين في ميعاد سنة الإبراء في عيد المظال, حينما يجيء جميع إسرائيل ليظهروا أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره تقرأ هذهالتوراة أمام كل إسرائيل في مسامعهم , اجمع الشعب الرجال والنساء والأطفال والغريب الذي في أبوابك ليسمعواويتعلموا أن يتقوا الرب إلهكم ويحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة.) فلو كانت التوراة بهذا الحجم الذي بين يدينا لتعذر سماعها على هؤلاء !!!


2) أن يشوع يؤكد أن ما قرأهُ هي التوراة التي كتبها موسى بأكملها ولا إشارة إلى أنه من كتب خاتمة سفر التثنية أو ما شابه ذلك ومن قال بذلك يلزمه الدليل وإلا يُرد قوله .


الملاحظة الثانية / أن القول بأن كاتب نهاية التثنية هو يشوع أمرٌ غير مُسلم به , فهناك من يقول بأن الكاتب هو عزرا , ومنهم من يقول أنهم سبعون شيخاً !! وما إلى ذلك من الأقوال التي يسردها علماءُ النصارى , فهل الكاتبُ هو عزرا أم يشوع أم السبعون شيخاً , هذا التعدد العجيب في أسطر قليلة من سفر واحد من أسفار الكتاب المقدس لهو مما يؤكد أن الكاتب مجهول ولا يُعرف من هو !!!

الملاحظة الثالثة / لو أعدنا النظر إلى بداية الإصحاح (التثنية 34 : 1 – 4 ) (وصعد موسى من عربات موآب إلى جبل نبو إلى رأس الفسجة الذي قبالة أريحا فأراه الربجميع الأرض من جلعاد إلى دان , وجميع نفتالي وأرض أفرايم ومنسى وجميع أرض يهوذا إلى البحر الغربي , والجنوب والدائرة بقعة أريحا مدينة النخل إلى صوغر. وقال له الرب: ((هذه هي الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب قائلا: لنسلكأعطيها. قد أريتك إياها بعينيك ولكنك إلى هناك لا تعبر(( )

فإننا نرى أن الرب ما يزال يُكلم موسى والخطاب موجهٌ إلى موسى ولم يتوجه إلى غيره , بينما لو عدنا إلى بداية سفر يشوع فإنه يتضحُ تماماً أنها فعلاً بداية كلام الرب مع يشوع !!!


فتحديدُ من وُجه إليه الخطاب في النصوص السابقة يدلُّ على أن الرب كان يعرف مع من يتحدث هل يتحدثُ مع موسى أم أنه يُحدثُ يشوع بما جرى لموسى , أم أن يشوع يتحدثُ عن موسى !!! فمن هو كاتب خبر وفاة موسى ؟؟؟ هل هو يشوع أم موسى أم السبعين شيخاً أم عزرا ؟؟؟ لعل الأستاذ وعى ما قلته .



الملاحظة الرابعة / يقول النص (ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم ) وهذا يدلُّ على أن الكاتب يكتبُ في زمنٍ بعيد عن زمن موسى النبي فالنص يتكلمُ عن يوم لا نعرفه فأيُّ يومٍ يقصدهُ كاتب السفر هل هو اليوم الذي كتب في يشوع نهاية السفر أم اليوم الذي كتب فيه عزرا نهاية السفر أم اليوم الذي كتب فيه السبعون شيخاً نهاية السفر ؟؟


ولا يكتفي النص بذلك بل النص يتحدث عن فوقان موسى على جميع الأنبياء الذي قاموا بعده في بني إسرائيل فيقول : (10 : 34 التثنية ) (ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه ) فمن المحال أن تكون هذه العبارة صادرة من موسى نفسه , ومن المحال أن تكون صادرة من نبي أتى بعد موسى مباشرة بل إنها شهادةٌ لشخص جاء بعد موسى بسنين سحيقة !!!



ولعلي أختم فأقول :

كما هو واضحٌ تخبط علماء النصارى في كاتب نهاية سفر التثنية فهم لا يعرفون بيقين من هو الكاتب , ولا يستندون على دليلٍ يبين على أن كاتب نهاية السفر هو يشوع النبي إلا من أن بادئة سفره مشابهة لنهاية سفر التثنية وهذا غير صحيح كما أثبتُ أعلاه .

فللأستاذ أن يُثبت لنا قوله أن الكاتب هو ( يشوع ) !! وكيف اعتمد هذا القول الخطير , أو لعله يبين لنا أسباب التخبط في من كتب نهاية هذا السفر هل هو عزرا أم يشوع أم موسى أم سبعون شيخاً لا نعرف من هم وإن عرف الأستاذ فنتمنى أن يخبرنا بذلك !!!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ



رد الأستاذ الكريم على ما قلته بأن العبارة التالية في سفر التكوين مُحالٌ أن تكون صادرة عن موسى عليه السلام إ في سفر التكوين ( لتكوين 12 : 5 - 6 ) ( فأخذ أبرام ساراي امرأته ولوطا ابن أخيه وكل مقتنياتهماالتي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران. وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان. فأتواإلى أرض كنعان , واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض)


فما كان منه إلا أن نقل لنا تفسير القس تادرس يعقوب ملطي وما ذكره القس منيس عبد النور في كتابه ( شبهات وهمية حول الكتاب المقدس ) ولو أن الرابط لم يعمل معي ..


ونجيب الأستاذ الكريم ونقول: عندما يتسائل القس منيس عبدالنور عن برهان المعترض أن هذا الكلام ليس من كلام موسى , فإن الجواب واضحٌ وجلي أن النص تكلم عن وجود الكنعانيين في أرض فلسطين على أنه خبر تاريخي مضى , بينما موسى مات وهم مقيمون فيها , أو كما قلت : تدل على أن الكاتب كتب بعد استيلاء بني إسرائيل على أرض كنعان وطرد الكنعانيين منها , وبنو إسرائيل لم يستولوا عليها في زمن موسى وإنما في زمن داود – أي بعد موسى بمئات السنين – انظر ( صموئيل 1 / 17 : 24 – 26 ) و ( صموئيل 1/ 17 : 49 – 51 )


فسفر التكوين من المفترض أن يكون كاتبه هو موسى ولكننا نفاجأ بالنص يقول : ) التكوين 12 : 5 - 6 ) ( فأخذ أبرام ساراي امرأته ولوطا ابن أخيه وكل مقتنياتهماالتي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران. وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان. فأتواإلى أرض كنعان , واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكانالكنعانيون حينئذ في الأرض( ومثله في الإصحاح الذي يليه (التكوين 13/7 ) (وكان الكنعانيون والفرزّيون حينئذ ساكنين في الأرض )



ومثله في( تكوين 31:36 ) ( وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما ملكَ ملِكٌ لبني إسرائيل )


فالكاتب كما هو واضح أدرك عهد الملكية والذي هو بعد موسى بمئات السنين ..
ولعل القس منيس عبد النور وكذلك القس تادرس يعقوب ملطي يريدُ الدمج بين النبؤة والخبر – والله أعلم – فالقارئ للنص يرى بأنه هناك فرقٌ كبيرٌ بين النبؤة والخبر , فالكاتب هنا يقص وقائع وقعت بالفعل في الزمن الماضى و يدخلها ضمن التصنيف التاريخى للكتاب، فكاتب سفر التكوين جاء بعد موسى بزمن كبير وأرخ لذلك الأمر ..



ولعل الأستاذ الكريم يكون قد قرأ كما قرأت في ترجمة الرهبانية اليسوعية نحواً من هذا النص وهو في الإصحاح الذي يليه مباشرة (التكوين 13/7 ) (وكان الكنعانيون والفرزّيون حينئذ ساكنين في الأرض ) و النص قد وُضع بين قوسين فلعل الأستاذ الكريم يخبرنا ما هو السرُّ يا تُرى في وضعها بين قوسين ؟؟


ألعلهُ إيهامٌ بأن النص مُلحقٌ بالسياق ؟؟ أم أنه إثباتٌ لأصالة النص ؟؟


وختاماً / لعل هذه المداخلة تكون آخر مداخلة لي في هذه الأيام ؛ لأني على سفرٍ عاجل وسأعود في الأيام القليلة المقبلة وهذا إعلامٌ للأستاذ المناظر بذلك حتى يكون على بينة من أمره , وسأكون متابعاً لما يجري إن شاء الله تعالى ما تيسر لي ذلك .


شكراً مرة أخرى للأستاذ الكريم ونتمنى قضاء وقت طيب ومفيد في نقاشنا هذا ..
وتقبلوا تحياتي وشكري ..
__________________

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
شذى الريحان غير متواجد حالياً