جحا مع الحمار العبقري..
يروى أن “تيمور لنك” أهدي إليه حمارا، وطفق الحاضرون يمتدحون الحمار وخصاله، ويثنون عليه وعلى صفاته. حتى رفعوه إلى مرتبة مخلوق عجيب أكثر من كونه مجرد حمار. وجاء الدور على جحا في الكلام، فقال جحا: لاشك أن هذا حمار عبقري، أظنه قادرا على القراءة إن هو تعلم قراءة الحمير. وأظن أنني قادر على تعليمه القراءة.
فرح تيمور لنك وقال لجحا: إذا علمته القراءة فإنني أفيض عليك بالهدايا والعطايا والنعم، وإذا لم تقدر تكون خدعتني وفتحت على نفسك بابا خطرا، عندها سأعاقبك، وأتهمك بأنك أحمق. فقال جحا: يا مولاي الدعوى باطلة أمامك لا شك بلاهة وجنون. ولست بأحمق حتى ادعي قدرتي على تعليم حمارك،
ولا أنت ممن يمكن لمثلي أن يخدعه. لكن اعطني نفقات كافية وأمهلني ثلاثة اشهر. وصدق تيمور لنك أن الحمار يمكن أن يتعلم القراءة، ولبى طلبات جحا جميعها، وأمر بتوفير كل ما يطلبه..
وبعد ثلاثة اشهر أقبل جحا بالحمار إلى مجلس “تيمور لنك”، وقربه إلى كرسي ووضع على الكرسي دفترا كبيرا، وجعل الحمار يقلب في الصفحات بمشافره، وأحيانا يتجه إلى جحا وينهق في استعطاف. فتعجب الحاضرون بمن فيهم “تيمور لنك” نفسه الذي سر من جحا، ووهب له جائزة كبيرة، وسأله كيف علمت الحمار القراءة؟
فقال جحا: اشتريت مائة ورقة من جلد الغزال وخططت عليها بعض الخطوط، التي تشبه الكتابة، وجلدتها، على هيئة كتاب، وكنت أضع حبات الشعير بين الصفحات واقلبها أمام الحمار، وهو يلتقط الحب،
وبعد فترة بدأ هو نفسه يقلب الصفحات بحثا عن حب الشعير، وإذا نسي التقليب كنت اقلبها أمامه. إلى أن أتقن ذلك، ثم صرت لا أضع الشعير بين الصفحات، فكان يقلبها بحثا عنه، فإذا لم يجده نهق في استعطاف وهو جائع.
إلى أن أتقن العمل تماما. وكنت اضحك كثيرا لان هذا العمل وفر لي الكثير من الرفاهية وحصلت على مال وافر. والامتحان الذي أداه الآن بعد جوع لمدة يومين، لذلك فإنه لم يجد الشعير فنهق من فؤاد حزين ناظرا لي كما رأيتم.
وهذا الدفتر الذي امتحنته به يشبه تماما الدفتر الذي تعلم فيه قراءة الشعير. أراد بعض الحاضرين أن يسخر من جحا فقال له إننا رأيناه ينهق، ولا نعرف أن النهيق قراءة. فقال جحا إنما هذه قراءة الحمير، وتختلف من حمار إلى آخر. ولا يفهمها إلا خبير في قراءات الحمير!!.
|