رد: لماذا بكى رسول الله صلى الله علية وسلم
الحديثُ بهذا اللفظِ ظاهرُ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ولو أن بعض ألفاظهِ قد جاءت في أحاديث صحيحةٍ ، ولنا معه وقفات :
الوقفةُ الأولى :
من هو يزيدُ الرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه ؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه ؟
هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ . وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل ، من ذلك :
قال البخاري : تكلم فيه شعبةُ . وقال أبو طالب : سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقول :
" لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي . قلت له : فلم تُرك حديثهُ،لهوى كان فيه؟
قال : لا ، ولكن كان منكر الحديثِ . وقال : شعبةُ يحملُ عليه ، وكان قاصاً .
وقال أبو حاتم : كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ ، صاحبُ عبادةٍ ، وفي حديثهِ ضعفٌ .وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال : " كان من خيارِ عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ ،
ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها ، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله
عن أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاجُ به ، فلا تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب " .
الوقفةُ الثانيةُ :
الحديثُ بهذا السياقِ أوردهُ السمرقندي في " تنبيه الغافلين " ، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ .
قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/323) : صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ .ا.هـ.
أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا ،
فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة ،
وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب .
وهذه النقولات من كتاب " كتب حذر منها العلماء (2/198 -200) .
الوقفةُ الثالثةُ :
الحديثُ ورد من طريقٍ آخر بلفظٍ مختصرٍ ، ونصهُ ( كتب في الأعلى )
أخرجهُ الطبراني في " الأوسط " (4840 – مجمع البحرين) ، وأورده العلامةُ الألباني – رحمهُ اللهُ - في " الضعيفة " (1306 ، 4501) ،
وفي " ضعيف الترغيب والترهيب " (2125) وحكم عليه بالوضعِ في المواضعِ الثلاثةِ ، وفي سندهِ سلامُ الطويل وهو متهمٌ بالكذبِ .
والحديثُ فيه علةٌ أخرى ربما لم ينتبه لها الشيخُ ، أو أنهُ اكتفى بعلةِ الكذابِ الذي في السندِ ، وهي علةٌ كافيةٌ لردِ الخبرِ ،
والعلةُ الثانيةُ الانقطاعُ بين عدي بنِ عدي الكندي وعمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه .
وأكتفي بهذه الوقفاتِ ، وأسألُ اللهَ أن يرينا الحقَ حقاً ويرزقنا اتباعهُ ، ,أن يرينا الباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابهُ .
الشيخ / عبدالله بن محمد زُقَـيْـل
==========================
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما الحديث الأول الطويل ، فإن عليه أمارات الوضع ، وهذا غالب ما يكون في الأحاديث الطوال ، فإنه تظهر عليها آثار الصِّنَاعَة !
فالحديث الأول الطويل حديث موضوع مكذوب لا يجوز تناقله إلا على سبيل التحذير منه .
وأما حديث : " أَهْوَن أهل النار عذاباً " فقد روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما
قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل تُوضَع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه .
أما اللفظ المذكور في السؤال فلم أرَه .
وفي الصحيح غُنية وكفاية .
ولا يجوز نشر حديث – ولو كان في الترغيب والترهيب – ما لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن العلماء شرطوا شروطا للاستدلال بالحديث الضعيف ، منها :
1 - أن لا يكون شديد الضعف .
2 - أن يكون له أصل في الكتاب والسنة .
3 - أن يكون في فضائل الأعمال ( لا في العقائد ولا في الأحكام ) .
4 - أن لا يَنْسِبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يقول : يُروى ، أو يقول : وفي الأثر ، ونحو ذلك .
5 - أن لا يُشهره بين الناس !
وهذا نص عليه أهل العلم بالحديث .
فإذا كُنّا لا ننسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أهون ، فيُقال – مثلاً - : وفي الحديث .. وفي الأثر , ونحو ذلك .
هذا إذا لم يكن شديد الضعف .
أما إذا كان موضوعا فلا يجوز نشره بِحال إلا على سبيل التحذير منه .
فليحذر الجميع من نشر الأحاديث الموضوعة المكذوبة .
فإن من نشر الحديث الموضوع المكذوب فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فليتبوأ مقعده من النار .
قال عليه الصلاة والسلام : لا تكذِبوا عليّ ، فإنه من كَذَب عليّ فَلْيَلِجَ النار . رواه البخاري .
والله تعالى أعلم .
عبد الرحمن السحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|