عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-12-2006, 07:41 AM
بحــــار بحــــار غير متواجد حالياً
شاعر
 






بحــــار is on a distinguished road
10 ورقة عمل: معــادلة التنميــة

طلب مني في الايام القليلة الماضية أن أعد ورقة عمل لطرحها أمام المسئولين وأصحاب الفكر على ضوء تصنيف الجامعات العالمية وأصداء هذا التصنيف فكتبت وقدمتها وهي بين أيديهم وهاهي بين أيديكم رغم إطالتها لتقرأوها على صعيد النقد والحوار ومنكم نستفيد:

--------- معادلة التنمية --------

أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي خريجي جامعاتنا السعودية ممن يتفقون مع رأيي بأن الخلل في موقعنا من حيث تصنيف الجامعات على أوراق أسبانية ومن خلال شبكة عنكبوتيه لا يمثل مستوى جميع أولئك الطلبة ولا يمثل مكانة العلم والتعليم في المملكة فلدينا ولله الحمد رموزاً يفتخر بهم ممن كانوا طلبة في جامعاتنا ، حتى وإن واصل بعضهم مراحل التعليم العالي المتقدمة كالدكتوراه مثلاً لا يعني أنهم لم يكونوا رموزاً إلا بابتعاثهم إلى خارج المملكة ... فليس من المعقول أن يكونوا علماؤنا وأساتذتنا جميعهم اكتسبوا العلم والمعرفة في بضع سنوات خارج المملكة ونتجاهل دور المؤسسات التعليمية التي مهدت لهم وهنا يكمن السر السهل الممتنع ففي هذا المقام أتفق مع ما قاله الدكتور هاشم عبده هاشم في صحيفة عكاظ العدد (14693) السبت 27 شوال حين ترجم الخلل بأنه لا يقع على التعليم العالي فقط وأشرك معه التعليم العام وسياسات المناهج واتفاقي معه يأتي في مجال العمومية والشمولية وسلبياتها وما يجب العمل به للوصول إلى خصخصة المناهج وتحديد مسارات التعليم لدى الطالب وهذا ما ذكره أيضاً معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي الذي يلامس جرح المشكلة ويحس بمعاناتها من خلال إشرافه المباشر على سير العمل من قبل الشاب السعودي في القطاع الخاص والتخبيص الذي يسود على غالبية وأكرر غالبية وليس جميع الشباب في هذه الأيام ولكن صناعة الإنسان تتطلب هكذا مسئولية ... وهذا مؤشر لا تغمض الأجفان عنه ويأخذ من المنطق المكان الأرحب .... ولكن هناك خلاف بسيط على ما ذكر في التخصيص فتغييب وتهميش جانب العلوم الشرعية في المراحل الابتدائية مؤشر سلبي فيجب على الطالب منذ صغره أن يتعلم فروض وأركان الشريعة ومقاصدها ومكاسبها وما يحتاجه المسلم في يومياته ونترك التخصص لمن أراد في المراحل الثانوية أو الجامعية .... تنويه ( لا أقصد أن يهمش الدين في حياتنا ويفصل عن أبجدياتنا وأولوياتنا , ولا أريد أن يؤخذ بالطلبة إلى سهولة الاختيار أن خيروا إلى سهولة الاختيار بين العلمي والأدبي كما هو حاصل في هذه الأيام , ولا أنوي القول بالتشدد في تكثيف العلوم الشرعية في مراحل التعليم العام فالوسطية خير منهاج ) ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين قال :[ اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ] ... أو كما قال صلى الله عليه وسلم .... فجميعنا يعلم بأن التعليم على مر التاريخ تعليم عام وتعليم متخصص وخصوصاً بعد الرسالة المحمدية فهم يتثقفون في دينهم عبر يومياتهم وفي المسجد بعد الصلوات ويتدارسون ويتعلمون بقية العلوم كل فيما يخصه عند معلمه فالخوارزمي وابن زيدون وابن سيناء وغيرهم من علماؤنا تخصصوا ومن أراد الشمولية فله ماشاء ولكن لا تفرض في العلم ... والمقصد من هذا أن يترك للطالب الحرية أن يختار لنفسه ما قد يكتشفه معلم يعلمه أو والد يتابعه أو ما يجد هو بنفسه من ميول وهنا نأتي على خلل واضح إن أيقنا بأن هناك خلل ... فإن كانت المدرسة حياة للطالب فالحياة مدرسة له أيضاً فقد أخذوا طلبتنا ( طلاب وطالبات) هذه الأيام مسارات غريبة في كل ما يميلون إليه واختلفت التوجهات والاهتمامات ووطننا بأمس الحاجة إلى هذه الشريحة العريضة من التعداد السكاني للملكة العربية السعودية وأخوف ما أخافه أن يصبحوا عالة على بقية الشرائح... قد يتفق معي القلة ويختلف معي الأغلبية فرأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ولكن لينظر من يختلف معي من زاوية الحقيقة أن الخلل في الإنسان وليس في الكيان ... ألم تبنى جامعاتنا على أحدث الطرز وأعلى الإمكانيات , ألم تصرف الدولة على تجهيزها وتشغيلها المليارات وابتعثت الكثير من أساتذتنا ليعودوا لبناء هذا الكيان وتثقيف الطلبة والدفع بعجلة التعليم إلى الأمام , ألم تكن ميزانية التعليم في المملكة من أهم وأعلى الميزانيات في توزيع الحصص بين الوزارات ..! إذاً أين يكمن الخلل إن لم يكن في هذه النقاط :

1- التخطيط الإقليمي والحضري:
وهذه النقطة هي العتبة الأولى للتخطيط في أي دولة وعلى أساسه يتم وضع الخطط المستقبلية وهنا يكمن التوزيع المرحلي لبناء الجامعات واختيار الأقسام والتخصصات بغير حاجة لها وذلك منذ عقدين مضت وها نحن نعاني ويلاتها.
2- سوء التوزيع المنهجي:
وهنا يأتي دور التخصيص وعدم الشمولية في التعليم العام.
3- غياب المسجد كمدرسة للمجتمع:
وذاك سر خطير فكم شاب من شباب الحي أو القرية يصلي في المسجد ويجلس لسماع محاضرة أو حضور حلقة ذكر وتدارس عن العلوم الشرعية فيكمل ما قد ينقصه أو يغيب عنه في المدرسة فيكون التوازن وهذا قد يغيب عن أذهاننا إلى أن نؤمن بأن الحياة مدرسة.
4- الإعلام ودوره في تثقيف المجتمع:
وقد يكون خير مثال لذلك حال أخواتنا الفتيات وحال المرأة التي هي الأم والأخت والزوجة والابنة ولكل منهن مكان في التعليم فقد وضعها الإعلام بين قوسين إما التحرير أو التدمير وكلاهما شبيه بالآخر فالويل مما قد يبثه من ألوان قزحية قد تلتصق بأذهان فتياتنا إلى أن يتلون مريول المدرسة بفكر لا يتماشى مع مجتمعنا فتتلوث العقول وتتجه بميادينهن التعليمية بعيداً عن درجات التصنيف... وهنا يأتي دور المؤسسات والجمعيات والمراكز النسائية وتوعية الفتاة ودور المعلمة والأم في تنوير الفكر النسائي للنهوض بمستوى الطالبات للعلم ليس الطالبات للحرية الهوجاء التي أشغلتنا بها أقداح العسل المسمم.
5- إتقان اللغة الإنجليزية:
وهذا واقع الحال لدى طلبتنا فلسنا مطالبين بالتحدث باللغة الانجليزية في حياتنا اليومية والسلام على بعضنا بعبارات غربية كما هو متعارف عليه هذه الأيام ونترك ما قد يفيدنا من نتاج تعلم هذه اللغة فهي اللغة الأولى عالمياً وهي الجسر رقم واحد للتواصل مع الآخرين في علومهم وما وصلوا إليه من تقدم , وهنا ألقي باللوم على التعليم العام .
6- التطبيق العملي للتعليم النظري:
وهذا ما يعمل به في الدول المتقدمة والتي سجلت نجاحات في مجال التعليم والتنمية البشرية , فإن قامت إحدى المدارس الابتدائية على سبيل المثال لا الحصر ونظمت رحلة يومية لكل فصل وليكن لحديقة مثلاً بها نباتات وزهور وأحياء مختلفة وقام معلم العلوم بالشرح النظري وتطبيقه على أرض الواقع وأمام أعينهم فأنا متأكد بأنهم لن ينسوا هذا الدرس وتلك الرحلة ويستهوون التعليم بهذه الطريقة ويأتي الإبداع ولكن أين هي تلك المدرسة وأين هي تلك الحديقة وأين هو ذاك المعلم ليكون هذا الطالب...؟
7- التوجيه الصحيح لطالب العلم:
وهنا مسرحية صاخبة ساخرة أبطالها كثر , فكم من طالب أرغم أو أقحم أو لم يجد خيار آخر إلا قسم بإحدى الكليات الجامعية دون رغبة منه كالهندسة مثلاً وهو يرغب بالطب فكيف ننتظر منه إبداع هندسي وهو يتأمل في ذهنه كيف يعمل البنكرياس أو يتوقف ليصاب أحد الأشخاص بمرض السكري فيفاجأ بأنه أحد المرضى بالسكري مما يعانيه فلم يكن اختياره وابتلي بمسلك لا يرغبه والأمثلة على ذلك كثيرة والجمهور يتفرج على تلك المسرحية والصفوف الأمامية تصفق وحسب وإن تحركت تحركت للواسطة وكم لهذا الداء من ضحايا.
8- التعليم المهني:
وما أحوجنا لهذا التعليم فكم لسنواتنا الفائتة من ذنب في فصل هذا التعليم عن التعليم العام , لماذا لا يمارس الطالب مهاراته المهنية ويكتشف خبايا إمكاناته ومكنونه فكم عاشق للسيارات أو الطيارات أو المحركات أو الأشكال الهندسية وغيرها من المهن اليدوية التي يحتاجها البناء القومي لوطننا فإن كان هناك من سيبني فليكن البناء بسواعد وعقول شبابنا وبناتنا بمشاركة وطنية بناءة لا هدامة , فيأتي الوعي المهني من الصغر وتكون هناك ورش مهنية تهيئ طلبة المدارس بعيداً عن غرف التربية الفنية التي أصبحت في الغالب ملاذاً لمن أراد أن يسترخي فتنمي هذه الورش المواهب وأنا على ثقة بأن هناك من المواهب ما يندى لغيابها عن الإبداع جبين الأمة بأسرها.
9- طريقة التعليم المنهجي واللا منهجي وكيفية التعامل مع التقنية المتاحة:
وهذه النقطة أكبر من ثقب الأوزون في اتساعها عاماً بعد عام فإن كان غاز الفريون هو أحد أهم أسباب توسع ثقب الأوزون فإن التعامل مع التقنية وكيفية استخدامها يعد أحد أهم أسباب تراجعنا وتأخرنا إجتماعياً وتعليمياً "والقول في مجال التعليم" فقد قمت بعمل لدراسة ومقترح منذ عامين لكيفية الاستفادة من وسائل التقنية المتاحة والحلول المبتكرة لكي لا يقتصر التعليم على الكتاب والفصل الدراسي ... وهذا ما يعمل به في الجامعات العالمية المتقدمة في التصنيف المزعوم وليتني وجدت أذن تسمع لهذا المقترح لأني على يقين بأن السياسة التي أجري بناء عليها التصنيف اعتمدت على المواقع الإلكترونية للجامعات وأين نحن من ذاك وكم بحث دراسي يمكن أن نجده في مواقع جامعاتنا وما هي البرامج المساعدة تقنياً للتواصل عبر المواقع لتكون عنوان لجامعاتنا...؟
10- الفكر العائد على أعراف وتقاليد لا معنى لها:
وفي هذا المجال يصرخ لسان الحال نيابة عن أقسام الجامعات التربوية والنظرية المكتظة فصولها بالطلبة وفي المقابل العشرات فقط هم طلبة وخريجي الجامعات من الأقسام التطبيقية أو المهنية والهدف هو الوظيفة الحكومية المضمونة أو عدم الإعتراف بغير الهندسة والطب إن لم يكون خريج الجامعة مدرساً فالمجتمع لا يرحم , فلن نجد أب يزوج ابنته لشاب يحمل الشهادة الجامعية في تقنية المعلومات ويعمل بإحدى الشركات إلا أن يأتي له بضمان وظيفة مدى الحياة وتأمين شامل من الشركة أو يطالب بخبرة عشر سنوات كما تفعل شركات القطاع الخاص فأين يجدها الشباب من هذه أم تلك .
11- اهتمام الطلبة بالهواية قبل الميول:
وهذا يعود على غياب المراكز والنوادي الفعالة التي تحل محل النشاط المدرسي الذي له أسم بلا حصة فتأتي هذه المراكز والنوادي على تنمية المواهب وتستثمر العقول من حيث الميول وتنمي هذا الجيل وتكون بديل للتجمعات الساخنة بالقهوة والدخان المتطاير وأخبار اليوم الكئيبة ومشاكلهم الصفراء التي أعمت أعينهم عن وطن بحاجة لهم ليمثلونه خير تمثيل داخلياً في العلم والبناء والاقتصاد , وخارجياً حين يأتي تصنيف كالذي رأينا وسمعنا عنه هذه الأيام , وإسلامياً فالأمة أحوج ما تكون إليه هذه الأيام لفكر مستنير وشباب يعتمد عليه في قيادة الأمة إلى سلام وإسلام ليس إلى إرهاب واستسلام.
--------------------------------------------

وما زال السرد في نقاط الخلل طويل وغيري له آراء مختلفة أترك له ورقة يكتب عليها فلا أحب الأنانية رغم إطالتي ولكن لي تجربة في دراسة أجريت عن التنمية البشرية والإستراتيجيات الإقليمية وكان الهدف منها إلقاء الضوء على تجارب الغير والمقارنة مع حال الواقع للمجتمع السعودي فوجدنا أنه كما هو معروف هنالك ثلاث محاور للتنمية في أي مجتمع ( الإنسان – الأرض – الموارد ) فكان لكل تجربة من المجتمعات والدول اتفاق واختلاف مع الغير فكانت هناك التجربة الماليزية في زاوية مضيئة ورائعة فقد استثمروا الإنسان والفكر الإنساني وقاموا بتنميته ليقوم هو بتنمية الأرض واستثمارها فيستفيد من مواردها فكانت دائرة النجاح من هذه المحاور الثلاثة إيجابية إلى حدٍ بعيد حيث بدءوا بالإنسان ثم الأرض فأتت الموارد: [ إنسان + أرض = موارد ] , وقد اختلفت المعادلة في تجربة دبي فقد استثمروا الأرض واستفادوا من استثمارها في بناء الإنسان لتأتي الموارد فتأخر الإنسان بعد علامة الزائد
[ أرض + إنسان = موارد ] , ووصلوا إلى مرحلة يشار إليها بالبنان في وقت زمني قصير وهذا فخر لنا كخليج واحد وهم أشقاء لنا نفخر بما وصلوا إليه , وهذا لا يقلل من شأن تجربتنا السعودية في بناء الإنسان والاهتمام به فحكومتنا الرشيدة أولت جل اهتمامها بشعبها ولكن التخطيط في سابق الزمان قلب المعاليم والمجاهيل التي وضعها في معادلة التنمية وإستراتيجيات المجتمع بطريقة تسمى " مستحيلة الحل " وهذه معروفة في العلوم الرياضية أما في الحياة العامة وهكذا استراتيجيات فيجب أن لا تتواجد البتة ولا يعمل بها فقد كانت المعادلة هكذا : [ موارد + أرض = إنسان ] فمن المستحيل أن تبني الأرض إنساناً أو تثمر الموارد إنساناً ولكن الإنسان هو من يبني الأرض ويستثمر مواردها ومستحيل أيضاً أن نعتمد على الغير في استثمار مواردنا وبناء وإستغلال أرضنا ليعطينا إنسان سعودي ذو صبغة إيجابية بناءة , نعم نحن بحاجة إلى خبرات الغير ووجود الغير ولكن في اتجاهات عدة ليس في هذه المحاور الثلاث المهمة في تركيبة المعادلة ... يجب أن تكون المعادلة :
[ إنسان + أرض = موارد ]
لنصل إلى مبتغى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وطموحاتنا جميعاً .... والله من وراء القصد.

بحــــــار

التعديل الأخير تم بواسطة بحــــار ; 04-12-2006 الساعة 07:48 AM.