[احمد الزهراني]

ثامر الشمري

في الثمانينيات الهجرية، لم تجد صحافة الهلال حرجاً من أن تكتب: (إن قُـدِّر لك وزرت أوروبا يوماً، فلا تتفاجأ أن يبتسم أحد موظفي المطار بوجهك عندما يعرف أنك سعودي ليبادرك بسؤال: هل تشجع الهلال؟!).
ومن وجهة نظري إنها أشهر دعاية مجانية تنشر ليس للهلال وحسب بل ولشركات أدوية ارتفاع ضغط الدم أيضاً، التي أصبح تسويقها في كل مناطق المملكة يتناسب تناسباً طردياً مع انتشار شعبية الفريق العاصمي الكويّس الذي لا يملك وسيلة إعلامية للردّ على أوهام صحافة جاره حتى الآن!
ولكن ولأن الفن رسالةٌ سامية، والفنان وسيلةٌ إعلامية متنقلة، فقد اخذ الراحل الكبير طلال مداح على عاتقه همّ كل جماهير الأندية المكبوتة إعلامياً، فأظنه كان يتخيل أنه أحد مشجعيها عندما غرد بأغنيته الشهيرة: في سلّم الطايرة بكيت والله بكيت! فهو لم يبكِ بالتأكيد إلا بعد أن طرح عليه الأوروبيون اسطوانتهم المشروخة: (يور فيفوريت تيم إز الهيلل؟!).
ومـرّت السّـنوات، فغادر الهلال يوماً متوجهاً نحو تونس الخضراء، لإقامة معسكر إعدادٍي هناك، وما أن عاد بالسلامة حتى فاجأتنا صحافته وهي تكتب بالخط العريض: (في أكثر مواقف الوداع تأثيراً: أهالي تونس يدهنون بيوتهم باللون الأزرق!).
عندها قرأ طلال مداح ذلك ـ هكذا أتخيل ـ فخرج عن طوره هذه المرة، وقرر أن يجاهر بحب النصر بالذات، ويعلنه على بلاطة، ليس حباً تخالجه الشكوك من بين يديه، بل قطعاً لا تخالجه ذرة شك وهو يحلف وما يشاور ـ يا مال الجنة ـ في: أحبك يا نصر والله أحبك!
ودعك الآن من سؤال: كم من إنسانٍ فعل ما فعله طلال؟ فَ لِسّه الدنيا بخير، ولكن قل: كم عدد المشاهير المؤثّرين في المجتمع الذين يتعاطفون مع النادي العاصمي الكويّس؟ فالجواب بكل سهولة: كل من يثق بجماهيريته وبمدى إبداعه ونجاحه (مهما كان مجاله)!
ولكن تعال الآن إلى جماهيرية النصر، فألا تتفق معي أنها لم تجد من ينصفها بقدر ما أنصفتها التكنولوجيا، والتي جاءت في وقتها لتعكس الواقع الفانتازي السينمائي لحقل الزعفران الكبير، فبدا وكأنّه لم يلق بمقولة: (واكب العصر وشجّع النصر) كيفما اتفق، بل بعد أن فرض نفسه رغماً عن أنف من لا يريد! وذلك بالتقنية وهي لغة العصر فعلاً، فبات يزلزل الفضائيات ومواقع الانترنت ويتسبب بإقفالها لساعات طويلة ليقلب الطاولة ولو في الرمق الأخير، وكأنه يفعل ما كان يفعله الأسطورة ما غيره، عندما ينتظر آخر دقائق المباراة مغازلاً ساعة الملعب ليتأكد فقط كم بقي من الوقت! قبل أن ينتفض ويحسمها متى ما أراد وبالشكل الذي يريد!

تـمـريـرات
* هناك تعميم داخلي وزع في أحد الأندية يؤكد على منع النزول أو المشي في مضمار ملعب النادي.. فقبل هذا التعميم كنت أظن ما يحدث من جماهيره في كل الملاعب مجرد نزعة شغب مؤقتة.. ولكن عندما رأيت المعاناة تمتد حتى في ملعب النادي عرفت أنها ثقافة مزمنة ومتأصلة.. إنها ثقافة الفوضى!
* في وقت سابق أتذكر أحد رؤساء ذلك النادي خرج وهدد الجماهير عبر وسائل الإعلام بنقل مباريات الفريق إلى القصيم أو المنطقة الشرقية احتجاجاً من إدارته ضد فوضويتها داخل النادي.. معك حق ولو بعد حين!
* إن تم تغيير آلية التصويت على جائزة أفضل فريق وأفضل لاعب بعد كل جولة من جولات دوري زين، فالمتضرر هو شركة زين بالمقام الأول.. فمن يضمن أن تستمر الجماهير المؤثرة بالتصويت مستقبلاً بعد تغيير الآلية؟!
* لأن نجاح البرنامج الجماهيري (خط الستة) لا يقاوم، فإن بعض الأندية أصبح يعيد النظر في قراراته المتسرعة بالمقاطعة.. فالآن أنت يا أبوظبي من يشترط، وأظنه قد حق لكِ ذلك بعد هذا النجاح المبهر.