الزعيم.. والصعاليك
فهد بن عبدالعزيز التويجري
لأنه لا يصح إلا الصحيح فقد أعلن الاتحاد الدولي للتاريخ والاحصاء فوز نادي الهلال السعودي بلقب نادي القرن في أكبر قارات الأرض.. ولأنه لقب مستحق فقد بادر كل المنافسين الشرفاء لتهنئة سيد آسيا بلقب طال انتظاره.. ورغم تعنت الاتحاد الآسيوي ممثلا برئيسه في اطلاق سراح هذا اللقب بحجج ومبررات لم نكن على قناعة كاملة بها إلا أن الحقيقة أبت إلا ان تظهر نفسها جلية دامغة وصافية كصفاء هلال الوطن في سماء آسيا. لم ييأس الهلاليون في سعيهم الطويل نحو انتزاع حقوقهم، لم يستكينوا ولم يهدأوا حتى وهم يرون بعض الصغار يزاحمونهم دون خجل في لقب يعرف القاصي والداني بأنه لا يليق إلا بسيد آسيا.. ولأن الحق يعلو ولا يعلى عليه فقد علا زعيم آسيا وتوج بلقبه المستحق وبفارق كبير وشاسع عن أقرب منافسيه. تهنئة كبيره نزفها للوطن بهذا المنجز الفريد، وأصدق التهاني والتبريكات نرفعها لقادة الرياضه السعودية ولمؤسس نادي القرن ولكل رؤساء الهلال وأعضاء شرفه ولجميع عشاق وانصار الموج الأزق، وإلى مزيد من الانجازات، ودام عزك يا وطن.. هذا عن الزعيم فماذا عن الصعاليك!! فقد تعلمنا أن الصعلوك هو الشخص الذي يقوم بأفعال منكرة وبسببها يتبرأ منه مجتمعه ويسمونه (صعلوكا) وفي مجتمعنا الرياضي وفي إعلامه تحديدا ابتلينا بكثرة الصعاليك وتنامي نشاطهم المنكر والمنبوذ من كل أطياف المجتمع الرياضي، ففي الأيام الماضية وفي الوقت الذي يسعد فيه الوطن بأضخم منجز رياضي يحققه ناد سعودي على مستوى قارة آسيا، وفي الوقت الذي يتبادل فيه كل أطياف المجتمع وكل ألوانه التهاني لمنجز وطني فريد هو مفخرة لكل السعوديين، تطل علينا من جديد رؤوس صعاليك الرياضة!! حين أعلنوا عن أنفسهم دون خجل أو حياء بل دون أدنى شعور بالوطنية!! لم يكتفوا بإظهار دناءتهم، ولم يتوقفوا عند الإنكار والتشكيك، بل ذهبوا الى أبعد من ذلك حين هرولوا وتسابقوا بحثا عن ابن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لاعتقادهم بأنه قادر على تطبيب قلوبهم المتعفنة وعقولهم المتورمة، ألجمهم ابن همام وأفشل مخططاتهم اللاوطنية وكشف للملأ مقدار سذاجتهم.. عرتهم قناة الجزيرة وأزاحت قناة الكأس القناع عن وجوههم القذرة.. ولأنهم صعاليك فقد قادتهم بصيرتهم العمياء لأن يطرقوا أبواب الفيفا بحثا عن مسئول أو سكرتير أو حتى فراش ينفي شرعية قرار أضاف مجدا جديدا للوطن!! هؤلاء تحديدا هم صعاليك الرياضة، وهم أسهل من أن نفتش عنهم وأقل من يخدشون منجزا وطنيا.. هم شواذ والشاذ لا يعيش إلا في الزوايا الضيقة والمناطق المظلمة، لهذا فلن يكون لغثائهم كبير أثر ولن يثمر نعيقهم سوى مزيد من العري والسواد الذي يكسو وجوههم.. أما الوطن وأمجاده فسيبقى شامخا أبيا ونقيا وسيبقى سيد آسيا زعيما كعادته لا يكترث لعبث الصغار، وسيبقى الصعاليك كما هم نكرات وشواذ في مجتمع لا يقبل إلا الأنقياء.
هلاليون.. وليشربوا ماء البحر..
ابراهيم بن عبدالله
العنوان أعلاه ليس من عنديات كاتب المقال.. وقد مضى على كتابته أكثر من عقدين من الزمن.. فيما لايزال يتمتع برونقه ونكهته وعبقريته .. وهو لصاحب القلم الأنيق وعفريت الصحافة وأحد مردتها ودهاقينها (عثمان العمير).. لا أشك للحظة أنه حين كتب هذا العنوان تلبسته - ذات انجاز- لحظة من لحظات جنون العبقرية فما (بين الجنون والعبقرية سوى شعرة) كما يقال.. وقد قفزها العمير لبرهة برشاقة واقتنص خلالها هذا المانشيت الماكر.. أو لعله انتشى حتى بلغ مرحلة نرفانية عالية.. جعلته يحلق سابحا في فضاء الكلمة المجنحة خطف خلالها هذا العنوان وطرز به صدر صفحته ..وكأني به وقد امتطى صهوة الكلم .. استرجع شريط التاريخ وأحس بنشوة جده عمرو بن هند بعد أن ثأر لكرامته من المنذر ملك الحيرة.. فصعد تلة في مضارب قومه وأنشد معلقته العصماء التي أصبحت نشيد العزة العربية «ألا هبي بصحنك فاصبحينا»..
عنوان مثل هذا لا يكتبه إلا مجنون أو عاشق ..والعمير قد جمع الاثنين معا.. والعشق والجنون وجهان لعملة واحدة.. ويستقيان من المنبع نفسه ..وكم رصد لنا التاريخ عشاقا صاروا مجانينا..ألم يقل الشاعر العاشق: قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم .....الحب أهون مافي المجانين..
العنوان أعلاه يمثل قمة الاعتداد وعدم الحياد.. ويعبر بشدة عن رسوخ وعمق الانتماء.. ويحمل في طياته طاقة هائلة من عنفوان التحدي .. ولا عجب أن يكتب العمير هذا العنوان الصارخ الصاعق الصارم وغير المألوف .. فالكيان الهلالي بما حباه الله من تميز وتفرد.. وبما صنعه رجالاته من انجازات .. وما اجترحته عبقرية منسوبيه من فنون الإمتاع والإبداع .. يفرض على عشاقه صناعة لغة مختلفة ترتقي لعبقريته.. صدقوني أيها السادة لو عاش المفكر المصري الكبير جمال حمدان صاحب الكتاب الشهير «شخصية مصر..دراسة في عبقرية المكان» الحقبة الهلالية وعاصر انجازاتها.. لما وسعه إلا أن يؤلف كتابا عما أسميته ذات مقال بالـ (Helalezm) أو الظاهرة الهلالية..أو يعنونه بأسلوبه تحت عنوان «الهلال.. دراسة في عبقرية الإنجاز» فالهلال يمثل منظومة خلاقة مبدعة تفوقت ثقافتها على ثقافة بيئتها ومحيطها.. وحققت منجزات خلال فترة قصيرة لا تقارن بعمرها الزمني ..بل تجاوزت المنظومات المماثلة الأقدم والأعرق .. لقد أصبح الهلال النادي الظاهرة هذه المنظومة المتميزة .. مثالا يحتذى ووسيلة تعليم وشاهد على القدرة على التفوق واجتراح الفعل المستحيل ..
لو وجد لدينا منظرون ودارسون محترفون لعملوا على تفكيك لبنائية الكيان الأزرق كشكل وتنظيم وكمضمون وروح.. لمعرفة سر التفرد وإكسير الريادة والعظمة فيه للوصول إلى معادلة أو (مودل الانجاز) لتحقيق الانجازات يمكن تطبيقه والسير على منواله ..اختصارا للجهد والوقت..
أكتب ما سبق مستعرضا الانجاز الهلالي الفاخر الذي أعلن عنه الاسبوع الفائت باختياره ناديا للقرن عن قارة آسيا بعد تجاذبات ومماحكات ومراوغات ومناورات ومكائد حتى من الأقربين.. انتهت بالفشل الذريع ..فلم يصح في النهاية إلا الصحيح وثبت فيفيا رؤية الهلال في سماء زعامة القارة عن المائة عام الماضية حيث تسيدها بلغة الأرقام القياسية وبفارق كبير عن أقرب منافسيه ومن جهة محايدة لها ثقلها قطعت بها جهيزة قول كل خطيب وناعق..فليفخر الوطن بإنجاز الهلال ولا عزاء للمنافسين فضلا عن الكائدين ..
وقفة للمتنبي:
وصال إلى المستصعبات بخيله
فلو كان قرن الشمس ماء لأوردا
ودع كل صوت غير صوتي فإنني
أنا الصائح المحكي والآخر الصدى