عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-10-2009, 07:53 PM
صـدى زهـران صـدى زهـران غير متواجد حالياً
 






صـدى زهـران is on a distinguished road
افتراضي تفسير سورة التين

تفسير سورة التين




{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ‏}‏‏.‏



البسملة تقدم الكلام عليها‏.‏ ‏{‏وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ‏}‏ إقسام الله تعالى بهذه الأشياء الأربعة‏:‏ بالتين، والزيتون، وبطور سينين، وهذا البلد الأمين يعني مكة، لأن السورة مكية فالمشار إليه قريب وهو مكة، ‏{‏وَالتِّينِ‏}‏ هو الثمر المعروف، ‏{‏وَالزَّيْتُونِ‏}‏ معروف، وأقسم الله بهما لأنهما يكثران في فلسطين، ‏{‏وَطُورِ سِينِينَ‏}‏ أقسم الله به لأنه الجبل الذي كلم الله عنده موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم‏.‏ ‏{‏وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ‏}‏ أقسم الله به أعني مكة لأنها أحب البقاع إلى الله، وأشرف البقاع عند الله عز وجل‏.‏ قال بعض أهل العلم‏:‏ أقسم الله بهذه الثلاثة، لأن الأول ‏{‏وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ‏}‏ أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم - صلى الله عليه وآله وسلم - وبطور سينين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم‏.‏ قال العلماء‏:‏ ومعنى قوله‏:‏ ‏{‏وَطُورِ سِينِينَ‏}‏ أي طور البركة لأن الله تعالى وصفه أو وصف ما حوله بالوادي المقدس‏.‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ‏}‏ هذا هو المقسم عليه، أقسم الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهذه الجملة التي فيها المقسم عليه مؤكدة بثلاثة مؤكدات‏:‏ القسم، واللام، وقد، أقسم الله أنه خلق الإنسان ‏{‏فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ‏}‏ في أحسن هيئة وخِلقة و‏{‏فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ‏}‏ فطرة وقصدًا، لأنه لا يوجد أحد من المخلوقات أحسن من بني آدم خلقة، فالمخلوقات الأرضية كلها دون بني آدم في الخلقة، لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ‏}‏ قوله‏:‏ ‏{‏ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ‏}‏ هذه الردة التي ذكرها الله عز وجل تعني أن الله تعالى يرد الإنسان أسفل سافلين خِلقة كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 70‏]‏‏.‏ فكلما ازدادت السن في الإنسان تغير إلى أردأ في القوة الجسدية، وفي الهيئة الجسدية، وفي نضارة الوجه وغير ذلك يرد أسفل سافلين، وإذا قلنا إن أحسن تقويم تشمل حتى الفطرة التي جبل الله الخلق عليها، والعبادة التي تترتب أو تتبنى على هذه الفطرة، فإن هذا إشارة إلى أن من الناس من تعود به حاله - والعياذ بالله - إلى أن يكون أسفل سافلين بعد أن كان في الأعلى والقمة من الإيمان والعلم، والآية تشمل المعنيين جميعًا ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ‏}‏ هذا استثناء من قوله‏:‏ ‏{‏ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ‏}‏ يعني إلا المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين، لأنهم متمسكون بإيمانهم وأعمالهم، فيبقون عليها إلى أن يموتوا‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَلَهُمْ أَجْرٌ‏}‏ أي ثواب ‏{‏غَيْرُ مَمْنُونٍ‏}‏ غير مقطوع، ولا ممنون به أيضًا فكلمه ‏{‏مَمْنُونٍ‏}‏ صالحه لمعنى القطع، وصالحة لمعنى المنة، فهم لهم أجر لا ينقطع، ولا يمن عليهم به، يعني أنهم إذا استوفوا هذا الأجر لا يمن عليهم فيقال أعطيناكم وفعلنا وفعلنا، وإن كانت المنة لله عز وجل عليهم بالإيمان والعمل الصالح والثواب، كلها منّة من الله لكن لا يمن عليهم به، أي‏:‏ لا يؤذون بالمن كما يجري ذلك في أمور الدنيا، إذا أحسن إليك أحد من الناس فربما يؤذيك بمنه عليك، في كل مناسبة يقول‏:‏ فعلت بك، أعطيتك وما أشبه ذلك‏.‏ ثم قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ‏}‏ انتقل الله تعالى من الكلام على وجه الغيبة إلى الكلام على وجه المقابلة والخطاب قال‏:‏ ‏{‏فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ‏}‏ أي‏:‏ أي شيء يكذبك أيها الإنسان بعد هذا البيان ‏{‏بِالدِّينِ‏}‏ أي بما أمر الله به من الدين، ولهذا كلما نظر الإنسان إلى نفسه وأصله وخلقته، وأن الله اجتباه وأحسن خلقته، وأحسن فطرته فإنه يزداد إيمانًا بالله عز وجل، وتصديقًا بكتابه وبما أخبرت به رسله‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ‏}‏ وهذا الاستفهام للتقرير يقرر الله عز وجل أنه أحكم الحاكمين، وأحكم هنا اسم تفضيل وهو مأخوذ من الحكمة، ومن الحكم، فالحكم الأكبر الأعظم الذي لا يعارضه شيء هو حكم الله عز وجل، والحكمة العليا البالغة هي حكمة الله عز وجل فهو سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين قدرًا وشرعًا، وله الحكم، وإليه يرجع الأمر كله‏.‏ نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم بكتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنه على كل شيء قدير‏.‏



المصدر
المكتبة الاسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
.
.
.
جاري البحث
.
.
.
أخر مواضيعي